إحياء - (234) سُنَّة اللعب مع الزوجة

منذ 2015-02-17

على الرغم من كثرة الأعمال والهموم والمشاغل في حياة رسول الله؛ فإنه كان يهتم ببيته وحياته الزوجية، وكانت إحدى وسائله في تحقيق ذلك اللعب مع الزوجة!

على الرغم من كثرة الأعمال والهموم والمشاغل التي كانت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان بالغ الاهتمام ببيته وحياته الزوجية، ولم يكن هذا الاهتمام يقف عند حدِّ الحاجات الأساسية للبيت؛ مثل: (توفير الطعام والشراب والعلاج)، وغير ذلك من الأمور، إنما كان يتعدَّى ذلك إلى الاهتمام الكبير بالراحة النفسية والسعادة لزوجاته صلى الله عليه وسلم.. 

وكانت إحدى وسائله صلى الله عليه وسلم في تحقيق هذه الراحة اللعب مع الزوجة! وقد ورد أكثر من موقف في حياته صلى الله عليه وسلم يدُلُّنا على هذا الأسلوب الرقيق في تلطيف الحياة الزوجية؛ فقد روى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: "أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهِيَ جَارِيَةٌ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: «تَقَدَّمُوا»، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ أُسَابِقْكِ»، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: «تَقَدَّمُوا»، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ أُسَابِقْكِ»، وَنَسِيتُ الَّذِي كَانَ وَقَدْ حَمَلْتُ اللَّحْمَ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أُسَابِقُكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؟ فَقَالَ: «لَتَفْعَلِنَّ»، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ»".

 وفي رواية صحيحة لأحمد: ".. فَسَابَقْتُهُ، فَـ«سَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ»، وَهُوَ يَقُولُ: «هَذِهِ بِتِلْكَ»".

وروى النسائي -وقال الألباني: حسن- عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَقُلْتُ لَهَا: كُلِي. فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لأَلْطَخَنَّ وَجْهَكِ. فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ فَطَلَيْتُ بِهَا وَجْهَهَا، «فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا وَقَالَ لِسَوْدَةَ: الْطِخِي وَجْهَهَا»"، فَلَطَّخَتْ وَجْهِي، «فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» أَيْضًا، فَمَرَّ عُمَرُ فَنَادَى: يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ. فَظَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: «قُومَا فَاغْسِلاَ وُجُوهَكُمَا»، قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ".

 وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي".

 والشاهد من الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص على وجود هذا الجوِّ المرح في أسرته، وهذا من دعائم نجاح الحياة الأسرية.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 2
  • 0
  • 6,501
المقال السابق
(233) سُنَّة إجابة الدعوة
المقال التالي
(235) سُنَّة القناعة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً