مع القرآن - من تعلم القرآن وعلمه

منذ 2015-03-03

الحقيقة أن العيب في المسلمين وليس في الإسلام، فالمسلمين أعطوا للإسلام ظهورهم كمنهج متكامل، واقتصر القرآن على المناسبات والمحافل دون تطبيق حقيقي وتحاكم فعلي، القرآن والسنة منهج متكامل قائم على العلم والعمل، ويحض على العلم والعمل ويدعو إليهما، وسبب تخلف المسلمين هو البعد عن منهجهم، وليس العكس كما يدعي أعداء الإسلام وأذنابهم من الانهزاميين..

مع اتساع الرقعة العمرانية وفوران الثورة المعلوماتية والتقنية، ومع إلحاح لغة العلم وتصدرها، غفل الكثير من المسلمين أن دينهم هو دين العلم، وأن أول لفظ نزل في القرآن هو (اقرأ)، ومع الهزيمة النفسية والضغط الإعلامي المتواصل نرى الكثير من المسلمين يزدرون أنفسهم، ويستحون من دينهم، بل ويساعدون أعداءه في نشر فكرة الانتقاص من الدين ومن أهله، خاصة إذا زاد العدوان لحدث معين أو طفى على سطح الأحداث اتهام جديد للمسلمين والإسلام..

والحقيقة أن العيب في المسلمين وليس في الإسلام، فالمسلمين أعطوا للإسلام ظهورهم كمنهج متكامل، واقتصر القرآن على المناسبات والمحافل دون تطبيق حقيقي وتحاكم فعلي، القرآن والسنة منهج متكامل قائم على العلم والعمل، ويحض على العلم والعمل ويدعو إليهما، وسبب تخلف المسلمين هو البعد عن منهجهم، وليس العكس كما يدعي أعداء الإسلام وأذنابهم من الانهزاميين..

ومن مجمل الهزيمة النفسية التي تعاني منها الأمة نجد الانتقاص من العلم وأهله، والقرآن وأهله، وتصويرهم في صورة من يقرأ القرآن على المقابر مقابل رغيف من الخبز! أو قليل من المال، أو على أحسن تقدير تجد الاستهزاء من العلماء في الأفلام والمسلسلات، وبرامج الحوار، فأهل الدين عندهم إما متطرفون جامدون كأنهم مجانين، أو أصحاب مظهر ساخر مثل مظهر المأذون الشهير، أو عالم الدين المنافق صاحب الجملة الشهيرة "الورق ورقنا"، والذي يطيع العمدة في خطف زوجة من زوجها لمجرد أنه يراه ولي أمر.

بينما الصورة الحقيقية لأهل القرآن خلاف هذا الهراء وتلك الانهزامية.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في مثدمة التفسير: "حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا شعبة، أخبرني علقمة بن مَرْثَد، سمعت سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (البخاري).

وحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه» (البخاري)، والغرض أنه عليه الصلاة والسلام، قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل، وهم الكُمل في أنفسهم، المكملون لغيرهم، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون، ولا يتركون أحدًا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل من الآية:88]، وكما قال تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعام من الآية:26].

في أصح قولي المفسرين في هذا، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه، فجمعوا بين التكذيب والصد، كما قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام من الآية:157]، فهذا شأن الكفار، كما أن شأن خيار الأبرار أن يكمل في نفسه، وأن يسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وكما قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33]. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 2
  • 0
  • 2,602
المقال السابق
من الأولويات: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}
المقال التالي
هذا كنزك الثمين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً