الاستعاذة وفضلها وأحكامها وفوائدها
والاستعاذة لها تأثير كبير ونفع مفيد، فأمرها عظيم، وشأنها جليل دومًا فينبغي لكل مسلم ومسلمة ألا يغفل عنها، وأن يحافظ عليها، وأن تكون على لسانه وذلك ليتحصن بها وتكون له درعًا واقيًا وحصنًا من عدوه الشيطان الرجيم.
أخي المسلم وأختي المسلمة: إن الاستعاذة مهمة جدًا، وينبغي الحرص عليها، وهذا هو أهم ما جاء فيها وبركتها وما يستفاد منها:
فأولاً: الاستعاذة حقيقةً: هي الالتجاء إلى الله العظيم.
والاستعاذة لها تأثير كبير ونفع مفيد، فأمرها عظيم، وشأنها جليل دومًا فينبغي لكل مسلم ومسلمة ألا يغفل عنها، وأن يحافظ عليها، وأن تكون على لسانه وذلك ليتحصن بها وتكون له درعًا واقيًا وحصنًا من عدوه الشيطان الرجيم.
ثانيًا: لقد ورد في القرآن العظيم بعض الآيات الكريمة في شأن الاستعاذة، وهي واضحة صريحة، ومنها ما يلي:
1- قول الله جل وعلا: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ . وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعرَاف:199-200].
2- قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:96-98].
3- قوله تعالى: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فُصّلَت:34-36].
فهذه الآيات الكريمة في القرآن العظيم ورد فيها نص صريح من الرب العظيم وتوجيه إلهي كريم لصفوة الخلق أجمعين وخاتم أنبياء رب العالمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده؛ بالاستعاذة من الشيطان الرجيم، فليحرص كل مسلم ومسلمة على الاستعاذة والالتجاء والتحصن بالله العظيم من أعدائه: من الإنس والجن.
فيا أخي المسلم وأختي المسلمة:
العدو الإنسي قد يرده الإحسان إلى أصله الطيب، فموالاته ومصافاته ومداراته ومجاملته لا شك أن لها تأثيرًا كبيرًا فيه، وذلك لكي ترد من شره وكيده ومكره لا محالة بإذن الله تعالى، أما العدو الجني الخبيث فلا يرده إحسان ولا مصانعة ولا مصافاة ولا مجاملة، ولا يرده شيء من ذلك، فهو لا يبتغي ولا يريد إلا هلاك آدم وذريته، وذلك لشدة العداوة بينه وبين أبينا آدم من قبل والآن وحتى الممات، قال الله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأََحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسرَاء:62]. وقال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعرَاف:27]. الآية، وقال جل ذكره: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فَاطِر:6]. وقال جل وعلا: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} [الكهف:50].
ومع هذا كله فقد عمل المستحيلات لأبينا آدم عليه السلام، وأقسم بالله إنه له من الناصحين، وهو في الحقيقة من الكاذبين وقد أخبر ربنا جل وعلا عنه في القرآن العظيم: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأَُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص:82-83]. وقال جل جلاله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } [النّحل:98-100].
ثالثًا: إن المشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة للالتجاء إلى الله والتحصن به، ودفع وسوسة العدو الجني الخبيث لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النّحل:98].
رابعًا: لقد جاء في السنة النبوية ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال: «
»، ثم يقول: « » ثلاثًا، ثم يقول: « ». وقد فسر الهمز بالموت وهو الخنق، والنفخ بالكبر، والنفث بالشعر.
خامسًا: إن الاستعاذة قد ورد فيها أحاديث كثيرة، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتب الأذكار، أما حكمها فقد ذكر العلماء أنها مستحبة، وليست بواجبة، ومن قال بوجوبها فإذا تعوذ مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب، والذي ثبت هو مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها؛ لأنها تدرأ شر الشيطان، ومنهم من قال إنها تجب على النبي صلى الله عليه وسلم دون أمته، ولا شك أن المداومة عليها خير وأحفظ للمسلم.
سادسًا: إن الاستعاذة لها بركة عظيمة، فهي طهارة للفم مما يتعاطاه من اللغو والرفث، وهي أيضًا تطييب للفم، لتلاوة كتاب الله العظيم، وهي أيضًا استعاذة بالله العلي العظيم من الشيطان، واعتراف للرب بالقوة والقدرة، وأن العبد المسلم عاجز عن مواجهة عدوه اللدود الشيطان الرجيم، ولا يحصنه ولا يحفظه منه إلا رب العالمين.
سابعًا: إن الشيطان عدو للإنسان، وأنه يرى ابن آدم من حيث لا يراه لقوله عز وجل: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [الأعرَاف:27]. ولا يقدر على دفع ضره وردعه وزجره ومنعه إلا الله العلي العظيم الذي خلقنا وخلقه ويعلم ما في نفسه، وقوله عز وجل: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [المُلك:14]، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
نايف بن محمد بن سعد الراجحي
- التصنيف:
- المصدر: