المتنصرون ليسوا ظاهرة

منذ 2015-03-26

خلاصة القول أن المتنصرين ليسوا ظاهرة أبداً، وأن هناك كذبة يحاولون النفخ في الحالات الاستثنائية لتبدوا ظاهرة يستغلونها في تغيير هوية المجتمع. والمتنصرون جراثيم شرسة بدأت تنخر في الجسد النصراني.

تشهد مصر حراكاً فكرياً واسعاً وعميقاً وعنيفاً منذ ما يزيد على قرن ونصف من الزمن، بدأ تدريجياً بالحملة الفرنسية، ثم اشتد بعد أن فرَّخت المدارس الأجنبية في منتصف القرن التاسع عشر، وعادت البعثات العلمية، ونُصِبَت الصالونات في بيوت (الأكابر).

الحراك الفكري بدأ بالنصارى الفرنسيين ثم خريجي المدارس الأجنبية ثم نصارى الشام، ولم يدخل المسلمون بشكل فعال إلا مع بداية القرن العشرين، حين جاء جمال الدين الأفغاني ومعه محمد عبده، ثم قاسم أمين.

لم يكن التوجه الفكري في الساحة المصرية يأخذ منحى (تبشيري)، بمعنى دعوة النصارى للإسلام أو العكس، ثم ومن أربعين سنة تقريباً بدأ نصارى مصر يطفون على السطح ويظهرون في الحدث بأحداث شغب، ثم توجهوا (للتبشير) بدينهم، وانتشروا في الفضاء، وعلى حين غفلة، وبخطاب أقل ما يقال في وصفه أنه سيء الأدب مستفز.

وما النتيجة؟

بعد كل هذا الحراك في القنوات الفضائية والمواقع العنكبوتية وعلى أرض الواقع.. بكل الوسائل.. مكتوبة ومسموعة ومرئية ما النتيجة؟!

هل ارتد الناس عن الإسلام؟

هل ترك (المبشرون) من نصارى مصر انطباعاً إيجابياً عن دينهم هم؟ أو سلبياً عن دين الله الإسلام؟

شيء إيجابي بالنسبة للنصارى لم يحدث. ويعنيني هنا تسليط الضوء على ما يسمون بـ (المتنصرين)، أولئك الذين خصتهم الـ(بي بي سي -عربي) بفيلم (وثائقي)، وفعاليات تلت الفيلم في برنامج (ما لا يقال)، وتفاعلت معهم قنوات التنصير يؤيد بعضها ويعارض جلها. أولئك الذين يعرض بعضهم علينا في بشكلٍ شبه دائم في القنوات التنصيرية.

التنصر أو الردة عن الإسلام ليست ظاهرة، يتضح ذلك من عدد المتنصرين. فرغم أن لا أحد يضع يده على فم أحد، فكل يتكلم بما شاء وإن كان سباً للدين وطعناً في المتدينين، ورغم أن ليس ثم من يرهب أحداً للبقاء في الدين، ولا بين دفتي الدستور ما يجرم المرتدين عن الدين، ولا يوجد في السجون شخصاً واحداً مرتداً لردته عن الدين، ورغم كل الإمكانات التي يعمل بها التنصير فلم يرتد عن الدين إلا أفراداً.. حالات خاصة جداً.. تعد عدّاً. حتى أن أحد شياطينهم حين جاء يفاخر قال: قد أخرجت واحداً وثلاثين فرداً ممن تنصروا في برنامجي هذا. وسمعتهم كلهم –تقريباً-. أكثرهم نصارى لم يثبت أنهم كانوا مسلمين، بل بعضهم ثبت يقيناً أنه نصراني أباً عن جد. والبقية مشبوهة تنصرت لأغراض مادية. أو أمنية.. ارتكبت جرماً ثم سافرت وتنصرت حتى تحتمي بهؤلاء من العدالة.

المتنصرون ليسوا ظاهرة، بل قلة قليلة جداً إذا قورنوا بمن أسلموا في الفترة الأخيرة فقط، ولا أدعو للمقارنة بين نوعية الأفراد، وإنما فقط بين العدد. وفوق ذلك أن كثيراً ممن تنصر عاد طائعاً للإسلام.

يمكننا ملاحظة مرحلتين من التعامل مع المتنصرين من قبل القائمين على التنصير في مصر.

المرحلة الأولى: كانت بترحيل من يتنصر للخارج، واستعماله في التحدث بكلامٍ غير صحيح عن الإسلام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

والمرحلة الثانية: إبقاء هؤلاء المتنصرين في مصر والعمل على تفعيلهم ضد القانون وضد المجتمع. والنفخ في الحالات الاستثنائية لتبدوا وكأنها ظاهرة تدعوا لتغيير هوية المجتمع، وكأن المجتمع تنصر ويريد أن يتنصل من الدين الإسلامي كهوية. !!

أصبح المتنصرون عبئاً فكرياً وحركياً على المجتمع النصراني.

فكرياً، إذ أنهم لا يمثلون إضافة فكرية لدين النصارى، بل أحد الشواهد على كذبهم. فالشخصيات المتنصرة كاذبة في دعاوى تركها للدين، والشخصيات التي تقدم على أنها متنصرة وهمية في حالات كثيرة، وانتشرت مقاطع متلفزة لمن ادعى أنه شيخ خليجي تنصر هو وزوجته ثم تبين أنه من صبيان زكريا بطرس. وغيره مما يشابهه. وانتشر سوء خلقهم بين الناس، يشمل ذلك أمور مادية وجسدية. وما يوم حليمة بسر.

ويشكل هؤلاء عبئاً حركياً على المجتمع النصراني من عدة نواحي، أهمها: أنهم دخلوا في تكتلات النصارى الداخلية، فقد اطلعت على مدونة لهؤلاء يتطاولون فيها على الأنبا بيشوى لصالح بعض القساوسة ممن تعمدوا على أيديهم. واستمعت لحوارات في غرف البالتوك يتبادلون السباب فيما بينهم ويشكك بعضهم في بعض، ويرمي بعضهم بعضاً بالكذب والخداع والنصب والاحتيال. وقد بدأ هؤلاء بتأسيس قنوات فضائية أملاً في الحصول على دعم مادي من المتبرعين، بمعنى أنهم يقومون الآن بإزاحة للأصليين وإيجاد حركة إقصائية مستفزة غير منضبطة، وقد بدأ الأصليون مناوشتهم والبوح بأسرارهم، وإن تتبعت حالة (أحمد أباظة) –مثلاً- عرفت ذلك ، فهم مَن عرفونا بحقيقته أولاً قبل أن ينطق من يعرفه هنا في مصر.

إن هذه النوعية من المتنصرين أقرب للضرر بالمجتمع النصراني من إفادته، وهذا أمر طبعي، فمثل هذه الشخصيات التي باعت دينها لغرض ما، أو قدمت البعد المادي على البعد الديني الروحي لا يوثق بها، ولا تسير مستقيمة بل معوجة تبدأ بالقريب وإن كان حبيباً.

يمكننا نحن المسلمين استغلال ظاهرة المتنصرين استغلالاً جيداً في الدعوة إلى الله، بشرح الحالات التي ترتد والحالات التي تسلم لله رب العالمين.

خلاصة القول أن المتنصرين ليسوا ظاهرة أبداً، وأن هناك كذبة يحاولون النفخ في الحالات الاستثنائية لتبدوا ظاهرة يستغلونها في تغيير هوية المجتمع. والمتنصرون جراثيم شرسة بدأت تنخر في الجسد النصراني.

  • 1
  • 0
  • 4,871

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً