تعريف مؤجز بالعلمانية (1)
والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو فصل الدين عن الدولة، وهو في الحقيقة لا يعطى المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة، ولو قيل أنها فصل الدين عن الحياة لكان أصوب، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية إقامة الحياة على غير الدين سواء بالنسبة للأمة أو للفرد.
بسم الله الرحمن الرحيم
١《الجزء الاول》 :
العلمانية SECULArISM وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية.
يقول الشيخ سفر الحوالي :
والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو فصل الدين عن الدولة، وهو في الحقيقة لا يعطى المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة، ولو قيل أنها فصل الدين عن الحياة لكان أصوب، ولذلك فإن المدلول الصحيح للعلمانية إقامة الحياة على غير الدين سواء بالنسبة للأمة أو للفرد.
▪ أسباب قيام العلمانية ▪
قامت العلمانية أول ما قامت في أوروبا وذلك لأسباب عديدة منها( نكتفي بذكر ٥ أسباب ):
السبب الاول :
الطغيان الكنسي: فالكنيسة طغت، وتجبرت، وأصبحت تفرض على الناس العقائد الباطلة التي لا تتفق مع نقل ولا عقل، كعقيدة العشاء الرباني، وعقيدة التثليث، وعقيدة الخطيئة الموروثة، والصلب والفداء
ومن أشكال الطغيان الكنيسي :
١-الأملاك الإقطاعية: حيث أصبحت الكنيسة أكبر مُلاَّك الأراضي، وأكبر الإقطاعيين في أوروبا.
٢-الأوقاف: فلقد كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافاً للكنيسة، بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة، وبناء الكنائس، وتجهيز الحروب الصليبية.
٣-ضريبة السنة الأولى: فالكنيسة لم تقنع بالأوقاف والعشور، بل فرضت الرسوم، والضرائب الأخرى لاسيما في الحالات الاستثنائية؛ كالحروب الصليبية والمواسم المقدسة، وظلت ترهق كاهل رعاياها
السبب الثاني :
الصراع بين الكنيسة والعلم: فلقد قام الصراع بين الكنيسة والحقائق العلمية على أشده فلقد كانت الكنيسة هي المصدر الوحيد للمعرفةفلما ظهرت بعض الحقائق العلمية التي تخالف ما تقرره الكنيسة كنظرية كوبرنيق وغيره
حصل الصراع والمواجهة
بين الكنيسة وبين العلم ومن هنا اصطدمت حقائق العلم بزيوف الكنيسة فقامت الكنيسة بالقبض عليهم وتكذيبهم،ومحاربة أفكارهم والحكم بالهلاك عليهم
السبب الثالث :
الاضطرابات والثورات التي قامت في أوروبا:
كالثورة الفرنسية، وغيرها، تعد من أسباب قيام العلمانية
السبب الرابع :
الخواء الروحي عن اﻷوروبين
وبيان ذلك : ان النصرانية المحرفة لا تزكي الروح ولا تخلص أتباعها من الاسئلة القاتلة داخل النفوس حول الكون واﻹله والمصير
السبب الخامس:
المكر اليهودي الذي يحرص على إنشاء المذاهب الهدامة، أو احتوائها؛ رغبة من اليهود في إفساد البشرية وجعلها حمراً يمتطونها
بدأت فكرة العلمانية تغزو العالم الإسلامي منذ أكثر من قرن من الزمان لكنها لم تتمكن إلا في بداية القرن العشرين الميلادي، حين طبقت - على مستوى الدولة - على أنقاض الخلافة العثمانية_ ويتمثل ذلك فيما قام به الشيطان اليهودي مصطفى أتاتورك من إلغاء الخلافة ١٣٤٣
واقامة نظام سياسي علماني بديل عن الخلافة
وقد قام بجرائم عدة مثل قتل العلماء واغلاق المساجد ومنع اللغة العربية واﻷذان وأشاع بين المجتمع أن الدين عبارة عن علاقة قلبية بين العبد وبين الله فقط ..
وأيضا تشجيع الدعارة وتيسير اسبابها بين الشباب والفتيات والسماح بالشذوذ
وتصدير العلمانية إلى بقية البلاد الاسلامية
وقد سرت العلمانية إلى أكثر بلدان العالم الإسلامي وكانت هناك عدة عوامل رئيسية ساعدت على انتقال العلمانية إلى العالم الإسلامي أهمها :
١-
انحراف كثير من المسلمين عن العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة، ومن هنا كثرت البدع والخرافات والشعوذة والأهواء وقلَّ الفقه في الدين بينهم
ومن انحراف بعض المسلمين عن عقيدتهم
( ظهور الفرق الصوفية )
بينهم، وكان من الأخطاء الأساسية في الفكر الصوفي النظرة العدائية إلى الحياة الدنيا تلك التي يبدو أنها متأثرة بالفكر البوذي والفلسفات المنحرفة
وحدث أن أقبل العامة بقيادة المتصوفين على الطقوس والأوراد وهذا الخلط الصوفي الأحمق يعتبر أول تصدع أصاب كيان الأمة الإسلامية، وهذا الانحراف العقدي وقع قبل احتكاك الغرب اللاديني بالشرق، بل قبل قيام الدولة العثمانية، وفي آخر عهد العثمانيين ازداد الأمر سوءاً وتطورت الانحرافات حتى توهم الناس أن العبادة هي ما يأمر به المشايخ والأولياء من البدع، ووقعت الأمة في شرك حقيقي، وذلك بما يمارسه الناس من بدع انحراف كثير من المسلمين عن العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة، ومن هنا كثرت البدع والخرافاتات والشعوذة والأهواء وقلَّ الفقه في الدين بينهم
٢-
التحالف اليهودي الصليبي، وما نجم عنه من استعمار واستشراق ، وتنصير ، وغير ذلك
٣-الجهل بدين الإسلام عند كثير من المسلمين.
٤- الانبهار بما عند الغرب من تقدم صناعي، وتكنولوجي، مع الغفلة عما يعانيه من خواء روحي وتخلف
٥- الهزيمة النفسية التي حلت بكثير من المسلمين.
٦- اشتغال المسلمين بالدنيا وملذاتها، وتخليهم عن رسالتهم الخالدة، وهي قوامة البشرية وقيادتها
٧-ربط واقع المسلمين المزري وتخلفهم بالإسلام، واعتقاد أن أوروبا لم تتطور إلا عندما نبذت الدين النصراني، والحل هو نبذ الدين الإسلامي لكي ينهض المسلمون..!
٨- غياب مفهوم الولاء والبراء عند كثير من المسلمين.
٩-الابتعاث وما جرَّه من ويلات على المسلمين؛ حيث يذهب المسلم إلى الخارج وهو خاوي الوفاض من دينه فيعود _ بعد أن يمتلىء قلبه بما عند الكفار _ حرباً على أمته ودينه.
١٠-التقصير في جانب الدعوة إلى الله، وإبرازِ محاسن الدين الإسلامي.
١١-التقليد الأعمى للغرب، فبدلاً من الإفادة مما عنده من تقدم، ورقي مادي _ تجد بعض المسلمين يقلدونهم في مستهجن عاداتهم، ومرذول طرائقهم في الحكم والسياسة واللبس والأخلاق.
سعيد آل بحران
- التصنيف:
- المصدر: