إحياء - (289) سُنَّة التبشير بالنصر

منذ 2015-04-13

كثيرا ما تمر الأمة الإسلامية بأزمات وشدائد وقد يحبط بعض المسلمين عند رؤية أهل الباطل يسيطرون على مقاليد الأمور، وهذا الإحباط ليس من شيم المؤمنين..

كثيرًا ما تمرُّ الأمة الإسلامية بأزمات وشدائد، وقد يُحْبَط بعض المسلمين عند رؤية أهل الباطل يُسيطرون أحيانًا على مقاليد الأمور، وهذا الإحباط ليس من شيم المؤمنين؛ وقد قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]؛ لهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبَشِّر المسلمين دومًا بالنصر، حتى لو كانت المشاهدات المادية تُشِير إلى عكس ذلك..

فالواقع أن المسألة عقائديةٌ بحتة؛ فالله لا يُعجزه شيء، وهو قادر على تبديل الحال إلى غيره في لحظة؛ وقد روى البخاري عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه، قَالَ: "شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»".

وفَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الشيء نفسَه مع عدي بن حاتم رضي الله عنه عند أول أيام إسلامه، فكان من كلماته -كما روى البخاري عنه-: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ». وكان من كلماته: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى». وكان من كلماته أيضًا: «وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ».

ومثل ذلك كثير في السُّنَّة النبوية، فلتكن هذه هي عقيدتنا، ولتكن البشرى في قلوبنا وعلى ألسنتنا، ولنعلم أن هذه هي سُنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 4
  • 0
  • 2,398
المقال السابق
(288) سُنَّة الاستعاذة من الشرك
المقال التالي
(290) سُنَّة ذكر الله

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً