إحياء - (303) سُنَّة القصص

منذ 2015-04-27

يعتبر أسلوب القصَّة من أفضل الوسائل التربوية التي يمكن أن تُدْخِل معنىً معيَّنًا في ذهن الإنسان؛ فهي بطبيعتها مُشَوِّقة، بالإضافة إلى كونها واقعية وتطبيقية..

يعتبرأسلوب القصَّة من أفضل الوسائل التربوية التي يمكن أن تُدْخِل معنىً معيَّنًا في ذهن الإنسان؛ فهي بطبيعتها مُشَوِّقة، بالإضافة إلى كونها واقعية وتطبيقية؛ ومن ثَمَّ يتقبَّل السامع العبرةَ التي فيها دون جدال كثير، أو تردُّد؛ لهذا أمرنا الله في القرآن الكريم بقصِّ القصص، فقال: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:176]؛ لهذا جاءت السُّنَّة النبوية بهذا الأسلوب بشكل عملي..

حيث أكثرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من قصِّ القصص على أصحابه حتى يزرع في قلوبهم المعاني التي يُريدها؛ وعلى سبيل المثال قصَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة قصة أصحاب الأخدود، كما روى مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ..».

وقصَّ عليهم قصة الثلاثة الذين حُبِسُوا في الغار، كما روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ..».

وكذلك قصة البقرة والذئب اللَّذَيْن تكلَّما، وذلك في رواية البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ التَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ..».

وقصة الأبرص والأقرع والأعمى، فقد روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا..».

ومثلُ ذلك في السُّنَّة كثيرٌ؛ فلنحرص على هذا الأسلوب التربوي الجميل، ولنهتم بدراسة التاريخ، ولنعلم أن هذه الطريقة سُنَّة نبوية نُؤْجَر عليها.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

 

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 5
  • 0
  • 3,352
المقال السابق
(302) سُنَّة عدم الفتوى بغير علم
المقال التالي
(304) سُنَّة الدعاء باسم الله الأعظم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً