الموقف الإيراني من عاصفة الحزم
لم يكن مستبعدًا أن تقدم المملكة العربية السعودية على التدخل العسكري في اليمن تحت مسمى: (عاصفة الحزم)، طالما تعلَّق الأمر بالأمن القومي السعودي خاصةً والأمن القومي الخليجي عامةً
لم يكن مستبعدًا أن تقدم المملكة العربية السعودية على التدخل العسكري في اليمن تحت مسمى: (عاصفة الحزم)، طالما تعلَّق الأمر بالأمن القومي السعودي خاصةً والأمن القومي الخليجي عامةً، حيث جاء قرار الضربة العسكرية بعد انقلاب الحوثيين على السلطات الحاكمة في اليمن يوم السادس من فبراير وما تبع ذلك من تطورات، أبرزها أن الحوثيين أصبحوا على مسافة نحو 200 كيلومتر من مكة المكرمة، ولم تخلُ تصريحاتهم من التهديد المباشرة للأسرة الحاكمة في السعودية؛ حيث هددوا في غير مرة بأن تكون نهاية السعودية على أيديهم.
ولما كان الحوثيون يشكلون الامتداد الطبيعي لإيران في المنطقة العربية وأداتها الطيّعة في الخليج العربي؛ فقط كان من الطبيعي جدًا أن تعترض إيران على الضربات العسكرية لمواقع الحوثيين، حيث برز الموقف الإيراني من خلال تصريحات سياسيين وأمنيين، فضلًا عن التغطية الإعلامية الموجهة من السلطات الحاكمة بشكل مباشر.
وفي أول ردِ لها عبَّرت إيران عن إدانتها للغارات التي نفذتها السعودية ضد مواقع للحوثيين ضمن عملية (عاصفة الحزم) ودعت إلى الوقف الفوري للهجوم الذي رأت أنه يتناقض مع (مبادئ القانون الدولي). وجاء هذا الموقف على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي اعتبر أن الضربات الجوية بقيادة السعودية "ستؤدي إلى إراقة الدماء وتنتهك سيادة اليمن".
ويبدو واضحًا أن ظريف قد التزم بالأعراف والمبادئ الدبلوماسية وركَّز في خطابه تجاه السعودية على التذكير بمبادئ القانون الدولي؛ على أمل أن توقف السعودية ضرباتها، وهو ما لم يجد نفعًا ولم يُثنِ السعودية عن وقف هجماتها ضد ميليشيات الحوثيين في اليمن طالما تعلق الأمن بالأمن القومي السعودي، وهو ما دفع الخارجية الإيرانية إلى إدانة العملية العسكرية ووصفتها في بيان لها؛ بأنها (خطوة خطيرة)، ووصفت الضربة العسكرية بأنها "عدوان عسكري سعودي يتناقض مع القانون الدولي وينتهك المسؤوليات الدولية والسيادة الوطنية".
ويبدو من تصريحات الخارجية الإيرانية أن حدة الخطاب قد ارتفعت ليلًا، وهو ما يشير إلى تغير في الموقف الإيراني وعدم اقتصاره على اللغة الدبلوماسية.
أما المتحدثة باسم الخارجية (مرضية أفخم) فقد أعلنت في بيان أن العمل العسكري يمكن أن "يزيد من تعقيد الوضع واتساع الأزمة والقضاء على فرص التوصل إلى حل سلمي للخلافات الداخلية في اليمن".
ودعت أفخم إلى ضرورة تمسك الأطراف كافة بالحلول الوطنية الناتجة عن الاتفاق بين الأحزاب والكتل السياسية في اليمن، مطالبة في الوقت نفسه بوقف فوري للغارات الجوية وكافة الأعمال العسكرية التي تستهدف اليمن وشعبه وفق قولها.
الرد الإيراني لم يقتصر على السياسي والدبلوماسي، بل شمل مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون، إذ رفع الجانب الإيراني سقف خطاب؛ حيث اتهم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين السعودية بمحاولة إشعال الحروب في المنطقة، محذرًا من عواقب خطرة لتدخلها العسكري في اليمن، وداعيا إلى إنهاء العدوان بأسرع وقت وحل الأزمة اليمنية بالطرق السياسية. وأشار بروجردي إلى أن القوات المسلحة والشعب اليمني سيهب للدفاع عن سيادة بلاده.
ولعل أبرز ما يميز هذا التصريح أنه صدر عن رئيس لجنة الأمن القومي وليس عن وزارة الخارجية، وبالتالي فهو يوحي بأنَّ طهران تبدو وكأنها تناقش مسائل التدخل العسكري بشكل مباشرٍ أو غير مباشرٍ في اليمن أو في مضيق هرمز، بمعنى أنها لن تقف مكتوبة الأيدي ومكتفية بمجرد الإدانات والمواقف السياسية فحسب، وهو أمر متوقع من جانب طهران حتى وإن لم يصرِّح بروجردي بذلك، مع الأخذ في عين الاعتبار أن بروجردي واحدٌ من أفضل خبراء الأمن القومي في المنطقة الشرق الأوسط، وهو ما يجعل الآخرين يأخذوا تصريحاته على محمل الجد أو بنوع من الاهتمام.
ومن الأهمية بمكان مراقبة ومتابعة تصريحات القيادة الإيرانية بمختلف توجهاتها السياسية أو الأمنية او العسكرية او الدينية، وذلك للتعرف على الخطوات الإيرانية في المرحلة المقبلة، خاصة في حال نجحت المفاوضات مع مجموعة الخمسة + واحد، مع ما يترتب على النجاح من تغير في استراتيجيات إيران تجاه المنطقة.
أحمد فايق دلول