لا يؤمن أحدكم حتى يحب نفسه أكثر

منذ 2015-05-24

يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه » صحيح البخاري؛وهذاخلق عظيم فى مقابل الأنانية التى هي من أسوأ أنواع الخلق، لكن هناك نوعاً راقياً من الأنانية؛ فحب الذات فطرة فى كل كائن حى؛ لكنه جُعل لدى الإنسان لهدف أسمى وهو التطلع إلى أعلى الدرجات فى الآخرة .

يقول  رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه» الراوي : أنس بن مالك . (صحيح البخاري؛ رقم: [13]).

وهذاخلق عظيم فى مقابل الأنانية التى هي من أسوأ أنواع الخلق، لكن هناك نوعاً راقياً من الأنانية؛ فحب الذات فطرة فى كل كائن حى؛ لكنه جُعل لدى الإنسان لهدف أسمى وهو التطلع إلى أعلى الدرجات  فى الآخرة {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].

 فكلما كان المرء متحلياً بروح التضحية والإيثار إنما هو فى حقيقة الأمر يحب ذاته أعلى درجات الحب ولكن كيف ذلك؟

هو الانتباه إلى أن كل ما يقدمه لأخيه من خيرأو حتى من مشاعر  طيبة بنية خالصة لوجه الله إنما هو زيادة فى ميزان حسناته ورفع لدرجاته وقد ضرب الأنصارمع المهاجرين أروع الأمثلة على ذلك حين حلوا بديارهم فنزل فيهم قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا   يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]

وفى الجهة المقابلة  نجد الشخص الذى يستحل مال أخيه  أوعرضه وهويجهل أو يتجاهل أنه بذلك إنما يُهدِي إليه حسناته  ويحمل عنه سيئاته وأوزاره .وفى هذا المعنى الخطير ورد الحديث المعروف عندما سأل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه :

« أتدرون ما المفلِسُ ؟ قالوا : المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ . فقال : إنَّ المفلسَ من أمَّتي ، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مالَ هذا ، وسفك دمَ هذا ، وضرب هذا . فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه . فإن فَنِيَتْ حسناتُه ، قبل أن يقضيَ ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه . ثمَّ طرح في النَّارِ» الراوي : أبو هريرة. (صحيح مسلم؛رقم: [2581])

فهذا الحديث يبين لنا كم يكون الإنسان مبغضاً نفسه مهيناً لها عندما يقدم على ظلم الآخرين وهو يحسب نفسه فد فاز بمغنم.

وقد استوعب السلف الصالح هذه الحقيقة حتى أن الإمام الشافعي- رحمه الله- كان يقول: "لو كنت مغتابا أحداً لاغتبت أمى" وهذا من فرط حبه لها لأنه يدرك تماما أنه بذلك يهدى إليها حسناته.

وقال عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ رَحِمَهُ الله:
" لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُعْصَى اللهُ لَتَمَنَّيْتُ أَنْ لَا يَبْقَى فِي هَذَا الْمِصْرِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَعَ وَاغْتَابَنِي 
وَأَيُّ شَيْءٍ أَهْنَأُ مِنْ حَسَنَةٍ يَجِدُهَا الرَّجُلُ فِي صَحِيفَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يَعْمَلْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا "

ويذكر أن الحسن البصري -رحمه الله- قد أهدى طبقاً من تمرٍ لرجل علم أنه اغتابه شاكراً إياه لأنه قد أهدى إليه من حسناته.

وقائمة حقوق الأخرين طويلة طويلة وقد اخترنا آفة الغيبة كمثال لأنها من أشد ما يستهين الناس بها وهى ليست كذلك، فما بالنا بما يستعظم من الذنوب؟!

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 5
  • 0
  • 7,788

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً