الفرحة الأولى

منذ 2015-06-05

متى تكون مرتك الأولى على الطريق، مرتك الأولى التي تشعر فيها بحلاوة الإيمان، ولذة الخشوع، مرتك الأولى التي تكون فيها في معيَّته، ساجدًا له وحدك؟! ستكون هناك مرة أولى هناك على الصراط، فلتُعدَّ نفسك للخطوة الأولى، وستكون هناك مرة أولى في القبر وأنت وحدك.

لكل شيء بداية، ولكل تجربة في حياتنا مرّة أولى: ميلاد طفل جديد، أول خطوة، أول كلمة تنطقها وأنت صغير، أول قطعة حلوى تحبُّها، وأول جائزة تعتَزُّ بها، أول حُبٍّ حلال لزوجتك، وأول دقة قلب وأنت تتأملين زوجك! إنها الفرحة الأولى!

لا ندرك أحيانًا أنها المرة الأولى إلا عندما نعود ونتأمل ونفكّر منذ متى ونحن نشعر بتلك الفرحة؟!
نحتاج كثيرًا لمَن يَلفِتُ أنظارنا إلى أنها المرة الأولى بالفعل! فتهدأ أنفاسنا قليلاً، ونتأمل فندرك أحقًّا! نعم، إنها المرة الأولى، وهناك مرَّات أولى للألم وللابتلاء وللوجع!

يا حبيبي يا رسول الله، تُرى ما كان حالك عندما ارتجفْتَ لنزول الوحي أولَ مرة؟
وكيف كان شعورك وأنت تتأمل أجنحةَ جبريل وهي تملأ الأفق أمامك أول مرة؟
وكيف كنتَ عندما تسارعتْ أنفاسُك من الركض نحو بستان عُتْبة وشيبة، وأنت في رحلتك إلى الطائف، وهم يقذفونك بالحجارة، ويجرحون قدميك؛ فتسيل الدماء منها أول مرة؟!

أجرحتَ أول مرة أبكيتَ يا حبيبي يا رسول الله؟!
وكيف كان الوجع في صدرك وأنت صغير، عندما أخبروك أن أمَّك ماتت أول مرة؟!
وهل بكيتَ عندما علمتَ أنك يتيم أول مرة؟!

وكيف كانت تبدو ملامحُك وأنت تبكي من خشية الله أول مرة؟!
وعيناك عيناك الشريفتان كيف كانت نظراتهما وهما تتقلبان في السماء أول مرة؟!
وعلامات الألم على وجهك وجبهتك عندما كُسِرت رَباعيَّتك في غزوةٍ أول مرة؟!

ودموعك كيف كانت عندما علمتَ بوفاة حبيبتك خديجة أول مرة؟!
بل كيف كان حِضنُك لأبي بكر في الغار، عندما هاجرت معه وحدَكما أول مرة؟

متى ألقاك على الحوض أول مرة؟!
ومتى تسقِيني بيدك الشريفة أول مرة؟!
تُرى متى تكون المرة الأولى التي نشعر فيها بمعية الله، وأننا اقتربنا حقًّا، وأننا معه؟!

ومتى تكون المرة الأولى التي ندرك فيها أن تلك الدمعة التي توشك أن تغادر صفحة وجهنا لتسقط فتبلِّل ملابسنا، أو تهرب منا على الأرض، قد سالت بالفعل من خشيةِ الله؟!
ومتى تكون المرة الأولى التي نخشع فيها في الصلاة، فنقرأ فيها، وكأننا نقرأ على الله عز وجل كلامه، فتغادر أرواحنا تلك المساحة الضيقة في صدورنا؛ لتسبح في ملكوته سبحانه، ثم تعود مع التسليمة الأخيرة؛ لتسكن في صدورنا مرة أخرى، فتهدأ أرواحنا المضطربة؟!

متى تُقلِعُ عن الذنب، فتتوب بصدق أو ل مرة؟! متى تفرُّ إليه؟!
متى تكون مرتك الأولى على الطريق، مرتك الأولى التي تشعر فيها بحلاوة الإيمان، ولذة الخشوع، مرتك الأولى التي تكون فيها في معيَّته، ساجدًا له وحدك؟!

ستكون هناك مرة أولى هناك على الصراط، فلتُعدَّ نفسك للخطوة الأولى، وستكون هناك مرة أولى في القبر وأنت وحدك.
وستكون هناك مرة أولى ترى فيها وجهه سبحانه وتعالى، أن ينادي منادٍ يااااا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا! فتغشاك الهيبة! موعد مع الله لقاء مع الرحمن جل جلاله، ومن أنا حتى ألقاه سبحانه؟

فتسير في موكب وأنت فَرِح وضاحك مستبشر، وترفع رأسك، وتفتح عينيك التي لم تفتحها قطُّ في حرام، فيُكشَفُ الحجاب فتنظر وترى وتتأمل، وتحب ما تراه، وترتجف وتخشع، وتحسُّ بحلاوة ما أحسَسْتها من قبلُ، ولا تستطيع أن تغمض عينيك ولا حتى أن تحرك رأسك! بل أنت فعلاً لا تتنفس وتهرب من عينيك دموعٌ مشتاقة لترى ما تراه! إحساس رائع أن ترى وجه الله أول مرة!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

حنان لاشين

كاتبة إسلامية ملقبة بأم البنين

  • 32
  • 0
  • 4,258

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً