إلى كتبة التاريخ

منذ 2015-06-08

كم من أمر نظنه شرًا لنا، ثم يتبين لنا أنه خير لنا، وأن غشم الباطل وجنونه وافتقاده لأعصابه واستعجاله الخطى يفضحه أعجل مما نتصور وأسرع مما يريد.

كم من أمر نظنه شرًا لنا، ثم يتبين لنا أنه خير لنا، وأن غشم الباطل وجنونه وافتقاده لأعصابه واستعجاله الخطى يفضحه أعجل مما نتصور وأسرع مما يريد.

مما كتبه أهل الباطل حديثًا تزوير الأرقام في كتب التاريخ، وتحميل إفساد المجلس العسكري وتعديه على الاحتياطي النقدي، تحميل هذا للإخوان.. ثم تدريس أبناءنا أن مؤامرة 30 يونية لإعادة الفساد، كانت ثورة!

دعك من هذا فالأفحش من ذلك والأهم هو ما كتبوه عن الأشخاص التي جعلوها رموزا ونجوما، فكان (بانجو) وكان (الزند)، وأمثالهم، هي الرموز التي يجب أن يتغياها الجيل الجديد! وأصبحت الإجابة (الصحيحة) هي (بانجو) و(الزند)! وهي التي يُسأل عنها الطلاب في المدارس ويذاكر لهم آباؤهم الإجابة الصحيحة! التي يصححها المعلمون! والتي إن خالفها الطالب كتب له المعلم بكل وقاحة: الإجابة خطأ.. يا للعار!!

دعك من هذا أيضا، فالإسفاف والسقوط في زمننا لا حدود له، لكن الدلالة الأهم من هذا هو أن هذا التاريخ بالذات بمقدماته وأحداثه، بمؤامراته ونتائجه، كل هذا شاهدناه وشاهده هذا الجيل بكباره وصغاره، وطبع في قلوب الجيل كله، وقد علم الناس إذن أن كتبة التاريخ لأبنائهم مزورون.

ليست أهمية الأمر في اكتشاف التزوير المعاصر بل الأهمية في أنه قد تبين أنه يجب على الأمة أن تراجع جميع الرموز، خاصة تلك التي كتبت في العصر الحديث منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم، وبالأدق من الحملة الفرنسية على مصر، وفيما تركته من أذناب كالديدان المفسدة في أفكارهم، التابعين للغرب، والمتغربين العملاء، والمؤيَدين بقوى الغرب والجيوش العميلة في الداخل.

بل يجب كذلك على الأمة أن تعيد النظر فيمن أُهملوا على مدار هذا التاريخ، فكم من بطل مخلص وكم من شخصية عظيمة طويت صفحاته وأُهمل ذكره لأنه يخالف هذه العصابة العميلة النجسة منذ قرنين، وللخلاف الإيديولوجي بينهم وبين الإسلام.

بل ويجب على الأمة مراجعة  كتبة التاريخ الإسلامي كله، للوقوف على التاريخ الصحيح وحذف كل تزييف؛ خاصة كتابات بعض الخونة للإسلام الذين أخفوا مآثره وعزته وأبرزوا ما أملاه عليهم أسيادهم.

بل ويجب مراجعة جاهلية ما قبل الإسلام ليعاد تعريفها، ليُعرف دور الإسلام في حياة البشرية ودوره في إنشاء هذه الأمة، وتصوره وقيمه وأحكامه وأخلاقه، وتاريخ صراعه وأهدافه.

إن الخونة الذين كتبوا تاريخ اليوم، يوجد مثلهم خونة كتبوا وحاولوا تزييف التاريخ كله.

لو لم يحدث ما حدث فمهما شرحنا للناس أن من كتب للأمة تاريخها مزورون لم يكونوا ليصدقوا، لولا غباء الباطل واستعجاله وحقده. هذا الموقف يجب ألا يمر وألا ينسى، ويجب ألا تقف الأمة عند تصحيح الوقائع الأخيرة، فكتبة التاريخ من نفس البئر القذرة.

كما يجب ألا يتغافل أحد عن عمق وشدة عداوة المجرمين للإسلام وتاريخه وأهله.. إنه الباطل يرتعد من اقتراب الحق.. لكن أنّى لهم الهروب؟!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 3
  • 1
  • 2,000

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً