وفي التاريخ عبر

منذ 2015-06-19

أن تتخيل: أن تجمع بين سيادتك واستقلاليتك، فضلًا عن أن يكون لك هويَّة تخالف صانعي القرار داخليًّا وخارجيًّا، تريد التمكين لها، وإرساء قواعدها، تظنّ أن تجمع بين هذا، وبين انضوائك تحت لوائحهم، والتقوّي بعتادهم ومؤسساتهم، بل وتطمع في قيادتهم، وأن يُسلّموا لك؛ فهذا ضربٌ من الخيال والأوهام، وسرابٌ بقِيعة يَحسبه الظمآن ماءً!

تنزّلًا مع الطامعين في ولادة دولة حديثة، من رحِم المنظومة القائمة! 
احتياجك للقوَّة حَتمٌ واجب، ولا يُخالف في ذلك عاقل، حينما تسعى للتمكين وإقامة دولتك، وفرض سيطرتك واستقلاليتك، وأن تصير من القُوى الاعتبارية، ولا تكون ذنَبًا على طول الخطّ للمنظومة الدولية، ولا مُطوَّقًا بأغلال النُّظم العالمية.. فأنت بين ثلاثة خيارات:

الأول: أن تكون مستقلًّا بقراراتك وسياساتك الخارجية والداخلية، وتكون كلمتك من كِيسك، غير مُتأثر بأيّ ضغوطات، عالمية أو دولية، إلَّا ما ندر. 

الثاني: أن تندرج في المنظومة الدولية، وتطولك اللوائح الأممية، لكنك مع ذلك تملك شيئًا من زمام أمرك، وكثير من سياساتك -على الأقل داخليًّا-، وأما على الصعيد الدّولي فيسري عليك ما يسري على سائر الدول، فتجاريها وتتقيها، ويكون لك حق القبول والردّ لمعظم السياسات العالمية المتعلقة بشؤونك. 

الثالث: أن تندرج فيها، لكنك على الدوام عنصر مفعول لا فاعل، وسياساتك وقراراتك -سواء الخارجية أم الداخلية إلَّا قليلًا- إنما تكون بحسب إشارتهم، وتنفيذ أوامرهم، والسمع والطاعة لإملائاتهم! 

فالأخير: لا نُعرّج عليه بحال، وهذا محلّ اتفاق. 
لكن! الأول والثاني: مَن مِن العقلاء والنبهاء يُنكر احتياجه إلى القوّة المُسلّحة، لمثل ذلك، وأن يمتلك من الجيوش ومقومات القوة ما يضمن له البقاء لا الاختفاء، وألَّا يكون لُقمة سائغة لكل من هبّ ودبّ؟! فعُدنا بالضرورة إلى حتمية إيجاد القوّة، وامتلاك معايير الحماية والبقاء، بل وضرورة أن تكون هذه القوة من داخلك، وليس مما يُفرَض عليك.

أمَّا أن تتخيل:
أن تجمع بين سيادتك واستقلاليتك، فضلًا عن أن يكون لك هويَّة تخالف صانعي القرار داخليًّا وخارجيًّا، تريد التمكين لها، وإرساء قواعدها، تظنّ أن تجمع بين هذا، وبين انضوائك تحت لوائحهم، والتقوّي بعتادهم ومؤسساتهم، بل وتطمع في قيادتهم، وأن يُسلّموا لك؛ فهذا ضربٌ من الخيال والأوهام، وسرابٌ بقِيعة يَحسبه الظمآن ماءً! 

وهذه من السُّنن المُحكمة، والبدهيات المُسلّمة، التي لا تُحابي نبيًّا ولا وليًّا، ولا مسلمًا ولا كافرًا، وفي التاريخ عِبر أشهر من أن تُذكر، وأكثر من أن تُحصَر. 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 1
  • 0
  • 1,558

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً