قوام الإسلام باللسان والسّنان
العلم هو الأصل، وجهاد السيف مبنيٌّ عليه. إذ لا يجوز للسيف أن يبطش أو يضرب إلَّا عن علمٍ وبيِّنة بما يأتي ويذَر.
قوام الإسلام باللسان والسّنان، وكلاهما: سبيلُ الله.
قال ابن القيّم رحمه الله:
"وإنما جُعل طلب العلم من سبيل الله؛ لأن به قوام الإسلام، كما أن قوامه بالجهاد، فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسّنان، وهذا المُشارك فيه كثير.
والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه..
قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا . فَلاَ تُطِعِ الكَافِرِين َوَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيرًا} [الفرقان:51-52]، فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين.
والمقصو: أن سبيل الله هي الجهاد، وطلب العلم ودعوة الخلق به إلى الله، ولهذا قرن سبحانه بين الكتاب المُنزل، والحديد الناصر..
كما قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد من الآية:25]، فذكر الكتابَ والحديد، إذ بهما قوام الدين" (انظر: مفتاح دار السعادة).
قلتُ:
والعلم هو الأصل، وجهاد السيف مبنيٌّ عليه.
إذ لا يجوز للسيف أن يبطش أو يضرب إلَّا عن علمٍ وبيِّنة بما يأتي ويذَر.
قال الجصَّاص رحمه الله في (أحكام القرآن):
"فإن قيل: فأيّ الجهادين أفضل، أجهادُ النفس والمال، أم جهاد العلم؟
قيل له: الجهادُ بالسيف مَبنيٌّ على جهاد العلم، وفرع عليه، لأنه غير جائز أن يَعدو في جهاد السيف ما يُوجبه العلم، فجهاد العلم أصلٌ وجهاد النفس فرع، والأصل أولى بالتفضيل من الفرع".
ولا يُفهَم من هذا بحال تقهقر العلماء عن الجهاد، ولا تقهقر العامة كذلك.
بل يَمضي الجهادان معًا (علمٌ وقتال).
فلا يُقاتل دون العلم بما يحِلّ ويَحرم.
ولا يجلس بعلمِه فيكون ملومًا مخذولًا.
نصر الله المجاهدين في ربوع الأرض، ونصر بهم دينَه وأمَّته، ومكَّن لهم ومكَّن بهم، ومكَّن على أيديهم.
- التصنيف: