الأعور وعقد الذهب

منذ 2001-04-19

قصة رمزية موجّهة لدعاة تحرير المرأة ..

هل رأيتم ذلك العقد الجميل الذي تزينت به عروس في ليلة زفافها أو امرأة بين صويحباتها، أو فتاة تزهو بين أترابها، إن تلك السلاسل الذهبية قيود مرنة جميلة، أحاطت برقاب تلك النسوة فزادتهن جمالاً وبهاءً، يحظين بسببها بإعجاب الجميع ويفخرن بها بين صويحباتهن، ما رأيكم لو زعم زاعم، أنه لا بد من تقطيع تلك السلاسل ورميها بحجة أنها نوع من القيود التي تعوق الحرية التامة، متجاهلاً كل ما فيها من زينة وجمال وقيمة غالية لذلك المعدن النفيس الذي صنعت منه تلك العقود ؟

لاشك أننا سنجب من هذا المنطق في التفكير، وسنصف قائله بقلة الفهم وعدم إدراك الأمور.

إن هذا المثال الذي ذكرته لك - عزيزي القارئ - ينطبق على دعاة تحرير المرأة في بلاد الإسلام الذين يصفون ما خصها الله به من الشريعة والعفاف بالقيود والأغلال، فحجاب المرأة عندهم ليس فيه إلا مجرد الضيق وكتمان الأنفاس، وقوامة الرجل على المرأة ليس فيها إلا التسلط ومصادرة الرأي وفرض الشخصية، والتعدد ليس فيه إلا القهر والحرمان والظلم والطغيان ...وهكذا في كل أمر حصرت صدورهم عن قبوله والتسليم به.

إن هذا المنطق يصدق عليه مسمى (أعور البصيرة) إن صح التعبير، والعجيب أن هؤلاء المتمردين على قيود الشريعة يذعنون لقيود البشر وأغلالهم، التي تدعو إليها سلامة المجتمع وصحة الحياة .

فالتطعيم مثلاً والحجر الصحي أمران مقبولان لدى جميع العقلاء لما فيهما من منافع وفوائد كثيرة تطغى على ما يشتملان عليه من نوع إيذاء جسدي ونسبة تقييد للحرية، فُيغتفر قليل المفاسد في كثير المصالح.

ولا شك أن فيروس التبرج وداء الانفلات من القيم والدين أشد فتكاً وأعظم ضرراً من فيروسات الأمراض الجسدية، بل إنها أساس الأمراض العصرية الفتاكة، وها هي المجتمعات المتحررة تئن من وطأة مرض الإيدز الذي يحق لنا أن نسميه (مرض الحرية).

إن الشرع المطهر قد زان المرأة بعقد جميل لا يكمل حُسنه وجماله إلا باجتماع حباته ولآلئه . فالحجاب أحدها، وعدم الخلوة بأجنبي ثانيها، وعدم السفر بلا محرم ثالثها ... وهكذا تتسق الجواهر في نظام فريد، لا يزين المرأة فحسب بل يكفل لها سعادتها وسعادة المجتمع بها.

أما ما يدعيه هذا الأعور من الحرية فإنه إلى الفوضى والانفلات أقرب. فليس من مفهوم الحرية أن نتملص من قيود العقل والأخلاق الكريمة فإن الفطرة السليمة تأبى رق الشهوات الذي يدعو إليه هؤلاء، ورحم الله هند بنت عتبة (رضي الله عنها) حين بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يزنين فقالت : "أو تزني الحرّة؟" هذا مع كونها حديثة عهد بالإسلام، حيث جعلت الحرية أساساً للفضائل والبعد عن الرذائل، وتعجبت رضي الله عنها من حرة أعتقها الله من رق الجسد لتقع في رق الشهوة، فما حالها لو رأت من يسمى الزنا حرية، ومن يمارس الشذوذ باسم الحرية، ومن ينحط إلى أدنى دركات الحيوانية باسم الحرية أيضاً .

ففي إحدى المدن الكندية خرج ما يقارب الخمسة آلاف امرأة عاريات الصدور في مظاهرة نسائية للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الحرية، حيث يسمح القانون للرجل بأن يمشي بالبنطال فقط بينما يمنع المرأة من ذلك، وقد نجحت هؤلاء النسوة فيما أردن تحت شعار المساواة في الحرية، وقد سمعت بنفسي أحد القسيسين هناك وهو يندب حال مجتمعاتهم الدينية والأخلاقية ويصف هذا التفلّت الاجتماعي بقوله (إنها لعنة الحرية) .

فما رأيكم في ذلك العقد الذهبي الذي هو أوامر الشرع والفضيلة؟
أليس جميلاً إلا في عين ذلك الأعور.؟!؟!
  • 10
  • 0
  • 62,088
  • مودى

      منذ
    [[أعجبني:]] الاسلوب جميل والجوهر رائع واسأل الله ان يجزيك عناخيرا [[لم يعجبني:]] ولاحاجة كله كلام جميل
  • مونى

      منذ
    [[أعجبني:]] هناك كثيرا من البنات والنساء لا يخضعن ولا يسمعن هذا ما يقال عليه بالتحرر [[لم يعجبني:]] ان هناك من تخضع لهذاوللاسف يعتقدن هذه هى الحرية ولا يفهمن انه اول طريق الضياع ولانحلال
  • أبو البراء

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاك الله خير ّ، أحسبك وفقت في كتابة هذه المقالة
  • mohamrd mohee

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني ماجاء في المقال من تشبيهات اتثيل تلك الممارسات التي يسمونها حرية
  • simar

      منذ
    [[أعجبني:]] salam marci infiniment pour cette conference que dieu vous benisse simar de montréal canada
  • احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] كل شىء الحق يقال انا المقال جميل
  • مي

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالة جميلة جدا حيث كانت كالنصيحة أو التقد باسلوب غير مباشر و لي طلب صغير أريد الإكثار من القصص التي فيها عبرة و موعظة لأعطيها إلى زميلاتي في الدراسة .

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً