الإخوان والسلفيون في معركة غزة

منذ 2009-02-12

ولكن السؤال المُلح هو: حتى متى لا يتحد الإخوان والسلفيون في الملمات الهامة التي تعصف بالأمة؟

تشهد الساحة الإسلامية خلافات كثيرة بين الجماعات، لكن يبقى على الساحة أهم فريقين، كل له منهجه وفكره، وهما الإخوان والسلفيون.

والخلاف بين الإخوان والسلفيين خلاف منهجي وفكري واضح، باختلاف توجهاتهم وتفاعلهم مع كل قضية تطفو على السطح، ويتجدد الخلاف مع كل أزمة أو حدث يندلع على الساحة الإقليمية أو العربية أو العالمية، وعقب اندلاع العدوان الصهيوني على غزة؛ كان لافتًا جدًّا تحرك جماعة الإخوان في كل مكان في العالم الإسلامي تدعم المقاومة في غزة، وعُقدت المؤتمرات في كل بلاد العالم، وخرجت المظاهرات، ومعظمها كان وراءه جماعة الإخوان معرِّضين أنفسهم للقبض والاعتقال، وهو جهد لا يُنكر، ويُحسب لهم في هذا الموقف العصيب.

وأيضًا كان السلفيون في المعركة يُدعِّمون المقاومة في كل مكان بقوة منقطعة النظير، سواء بالفتوى أو الخطب أو الدروس أو المقالات والبيانات، وبدا من الواضح للجميع أن الموقف لا توجد فيه أية مساحة اختلاف، فقد اتحدوا في خطابهم مع الإخوان، سواء في مواقفهم من تأييد المقاومة وفضح الخونة وتعرية المنافقين والمتخاذلين، أو نقد مواقف الأنظمة التي وضح تواطؤها مع العدو بصور مختلفة، ومواقعهم على الشبكة العنكبوتية تثبت ذلك.

ولا يقدح في ذلك بعض من يحاولون خطف يافطة السلفية زورًا وكانت لهم مواقف مخزية؛ فهم ليسوا منهم وليسوا سواء، فكثير منهم أشبه بمنظمة "بلاك ووتر" المرتزقة، الذين يعملون لحساب اتجاهات كثيرة، ولا قيمة لهم ولا وزن في المجموع العام؛ فلم يكن أبدًا من منهج السلف الصالح النفاق والإرجاف وتأييد المتخاذلين أو الخونة.

وحديثنا هنا عن الصادقين الذي جمعهم توافق فرضه الإلتزام الشرعي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن لا يمنع أنه يوجد بين الطرفين بعض الملاحظات الهامة أو النقد والخلافات، منها:

أولًا: البعض من السلفيين يقول: أننا ندعم كل المسلمين بلا فرق، لكن جماعة الإخوان لولا وجود حماس في غزة؛ ما تحركت مثل هذه التحركات الهائلة العظيمة، فهي لم تتحرك بهذه القوة مع العراق وأفغانستان والصومال.

والحقيقة أن هذه المقولة تحتاج إلى تدقيق وتمحيص، فقضية فلسطين قضية هامة عند جماعة الإخوان منذ عام 1948م، فقد شهدت أرض فلسطين كتائب الإخوان وتعطرت أرضها بدماء شهدائهم، وظلت القضية محورية ومركزية في خطاب الإخوان من وقتها حتى الآن لم تتغير، وهم يؤمنون أن الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين.

أما بالنسبة لمواقف الإخوان المختلفة في قضية المقاومة للمحتل في أفغانستان والعراق والصومال وأنهم لم يتفاعلوا معها، كما حدث في العدوان على غزة مثلًا، هذا صحيح ومنظور لكن لا أظن أن الجماعة في غير أماكن الصراع تختلف على حق المقاومة في كل تلك البلاد، وإن كان موقف الإخوان في أماكن الصراع كالعراق مثلًا سيء، فالحزب الإسلامي في العراق موقفه مخزي جدًّا.

وفي هذه النقطة لا يفوتني الإشارة إلى أن قضية فلسطين بالنسبة للمسلمين عامة هي قضية هامة، وهي الأهم؛ لوجود المقدسات الإسلامية المحتلة فيها، كالمسجد الأقصى المبارك.

ثانيًا: البعض من الإخوان ينتقد عدم تفاعل السلفية في المظاهرات وفي العمل العام مطلقًا وأنهم متقوقعون، بداية هذا غير صحيح على الإطلاق، صحيح أن البعض في التيار السلفي يعاني من جمود في التعامل مع الآليات المستحدثة في المعارضة، وأيضًا عنده تحفظات وتخوفات من المشاركة في العمل العام لفساد المناخ العام، لكن في التيار السلفي من يتفاعل مع كثير من آليات المعارضة، ويشارك على قدر جهده في العمل العام، ويختلف ذلك من بلد إلى بلد.

ففي مصر مثلًا يوجد تيار سلفي متفتح وواعي، وإن كان لا يمثل حالة لكنه موجود، وفي بعض البلاد له وجود قوي بل ينافس الإخوان بقوة؛ كالكويت مثلًا، أما المظاهرات فهي مسألة اجتهادية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإخوان جماعة واحدة؛ وبالتالي فمواقفها ظاهرة، أما السلفيون فتجمعات متعددة؛ لذا لا تظهر مواقفهم بوضوح.

وعلى سبيل المثال؛ كان للسلفية في الإسكندرية جهد مشكور، حيث قامت المدرسة السلفية بتنظيم مؤتمر ضخم لنصرة غزة حضره الآلاف.

ثالثًا: كان لدخول إيران الشيعية بالخطاب الإعلامي فقط للمزايدة في معركة غزة نقطة خلاف واضحة، ما بين تأييد الإخوان لوجودها والرفض المطلق من السلفيين للدخول الشيعي في قضية فلسطين، وهي من أهم نقاط الخلاف؛ فالإخوان يرون تأييد إيران درب من دروب السياسة، والسلفيون يرون أنه لا مجال للسياسة مع المخالفين في العقيدة والمنهج؛ لأنهم يستغلون التأييد لترويج ضلالهم.

والحقيقة أن ما ذكرته من بعض الملاحظات أو النقد بين الطرفين لا يمنع وجود نقاط أخرى، لكن كل ذلك لا أعتقد مطلقًا أنه يمنع الإلتقاء والوحدة في القضايا المهمة للأمة.

ورغم أن الإخوان والسلفيين كل بلغته وخطابه، اتحدوا في معركة غزة على تأييد المقاومة ووجوب دعمها ونصرتها بكل السبل المتاحة والممكنة، واتفقوا أيضًا على نقد مواقف الأنظمة العربية، وفضح مواقف الخونة من الفلسطينيين والعرب، إلا أنه كان ملفتًا لي أنه لم تقم جماعة الإخوان بدعوة أي من السلفيين لمؤتمراتهم، وكذلك السلفيون لم يقوموا بدعوة أي من الإخوان لمؤتمراتهم.

ويبقى أن كل طرف يعتمد على أدلته في الخلاف، والسلفيون يقولون: متى يعتمد الإخوان على الدليل الشرعي وفقه السلف في عملهم؟ والإخوان يقولون: متى يتوافق السلفيون مع آليات العصر ويتحرروا من جمودهم؟

ولكن السؤال المُلح هو: حتى متى لا يتحد الإخوان والسلفيون في الملمات الهامة التي تعصف بالأمة؟



ممدوح اسماعيل محام وكاتب
[email protected]








المصدر: طريق الإسلام
  • 7
  • 0
  • 8,468
  • ikhwanway

      منذ
    [[أعجبني:]] مقال رائع في الكثير من نقاطه ولكن لا يجب ان ننسي ان موقف السلفيين في فلسطين الطاعة الكاملة لولي امرهم محمود عباس وعدم طاعته تعد من الكبائر حتي بعد ان ظهرت خيانته الواضحة لفلسطين ولاهلها وللجهاد بعد امره بقتل كل من يرفع سلاح في وجه الصهاينة
  • ابو المثنى ثروت

      منذ
    [[أعجبني:]] ليس السليفيون مجمدون انما هم على اعهد الاول شعارهم لا يصلح اخر هذه الامه الا بما صلح عليه اولها فهم على ما كان عليه النبى اصحابهما استطاعوا وهم متطورون فمنهم الدكتور والمهندس والمحدث والفقيه ولا يتنازول عن اى شىء منااسلام هم تحت شعار مصلحه الدعوه وقد اصبحت مصلحه الدعوه صنما يبد من دون الله فعندهم لا ينبغى عصرنه الاسلام بــــــــــــل اســــلمه العصر وكل خير فى اتباع من سلف وكل شر فى ابتداع من خلف والاعتصام الحقيقى يجب ان يكون بالكتاب والسنه بفهم سلف الامه ولن نحقق التوحد الا اذا حققنا التوحيد فكلمه التوحيد بمفهومها الشامل الواضح قبل توحيد الكلمه وقالوا قديما اقيموا دوله القران فى قلوبكم تقم لكم على ارضكم
  • شمس

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله انا مصريه مسلمه سلفيه اخوانيه لي دور في كل ما ينصر ديني لي حضور مع الجانبين و لكن مشكله السلف عدم وجود تجمعات لهم بصوره واضحه وعدم وجود لقاءات دوريه بينهم
  • الازهر الشريف

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاك الله خير اخي المسلم على ما كتبت بس انا مسلم وليس اخواني ولا سلفي ولكني اجلس مع الاخوان استفاد منهم في الكثير من الطعات وارتفاع الايمانيات واكون مع السلف استفيد من العلم والدين ولكن ان اتحد الاخوان والسلف فستكون الامه خير الامم ولكن اتمنى ان تكون الخطوه الاولي من شيوخ الجماعه السلفيه [[لم يعجبني:]] لا شيء موضوع مميز
  • Mohammed Abd Al Salam

      منذ
    [[أعجبني:]] عدم الانحياد لأي فئة ولكن حين أن نعمل على حل أي قضية لابد من الفهم الصحيح من الجهة الشرعية ثم في التعامل مع الآليات المستحدثة كما يقال وبفضل الله السلفيون يتعمالون بهذاوالدليل على ذلك كما تفضل حضرتك وذكرت أما بالنسبة لمواقف الإخوان المختلفة في قضية المقاومة للمحتل في أفغانستان والعراق والصومال وأنهم لم يتفاعلوا معها، كما حدث في العدوان على غزة مثلًا، ولكن السلفيون في اي قضية في أفغانستان والعراق والصومال( دولة مسلمة) [[لم يعجبني:]] المقالة في منتهي الروعة جزاك الله خيراًونرجو المزيد من المقالات البناءة
  • ابو حمزة

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبني اظهار الفرق بين الحق والباطل لاشك ان المعروف عن جماعة الاخوان ان الغاية تبرر الوسيلة فهم علي استعداد للتحالف مع الشيطان للوصول للحكم في الدول التي تكثر فيها هذة الجماعة فتجد مثلاً المرشد العام لهم وهو كبيرهم في احد الجرائد يقول اثناء الانتخابات الرئاسية في مصر انه علي استعداد ان يعيش في ظل حاكم كافر بشرط ان يكون عادلاً فكيف يتوسم العدل علي ايدي رجل كافر ولو احتج بقول النبي بامره للمسلمين بالذهاب الي الحبشة فهناك ملك لا يظلم احداً يقصد النبي ابرهة فهذا استدلال في غير موضعةلوجود دول الاسلام التي تحمي الدين و تقام فيها الشعائر (ثم ان عمر رضي الله عنه وكز سع بن ابي وقاص في قدمه لما اتي اليه بكاتب من اهل الذمةوقال له اتاتي بكاتب منهم يقصد من اهل الكتاب من غيرالمسلمين) وهم ايضاً الاخوان الذين يؤمنون بما نهي النبي عنه بولاية غير المسلم للمسلم فهم الذين وضعوا علي قوائمهم النصاري في احد الانتخابات والتاريخ يشهد السلفيون يريدون ان يحكموا بدين الله (بضم الياء) اما الاخوان يريدون هم ان يحكموا (بفتح الياء) وقد نهي النبي عن طلب الرئاسة والامارة فقال النبي لا تسألوا الامارة فهي نعمت المرضعة وبئست الفاطمة الاخوان ليسوا جماعة دينية بل سياسية تسيس الدين وفق اهوائها وانا اقول ذلك لاني كنت منهم وتبت ولله الحمد فانا اعلم ما اقول ولو حكمهم عمر لقالوا ان البنا اصلح لذلك انهم يدعون لانفسهم فهم فقة الواقع وفقة الواقع عندهم ترك السنة وترك الدليل انصياعاًوراء اهوائهم ويدعون لانفسهم الحق ولونظروا في كتبهم لوجدوا الخلاف بينهم شديد فكاتب منهم كتب كتاباً سماه الاخوان احداث صنعت تاريخ قال بقلمة وهو مسطر عندهم ان التبرعات التي كانت تخرج لفلسطين لم تكن تصل جميعها الي الفلسطينين انما كانت تصرف علي المنشورات و............ هذا كلامهم من كتبهم عند وصول المرأة الشمطاء كونداليزا الي مصر اراد وفداً من الاخوان مقابلتها فابتل قفاهم من الصفعة اذ المرأة رفضت ففرحت لانهم اذلوا انفسهم فاذلهم الله وقال عمر كنا اذل قوم فاعزنا الله بالاسلام انهم سينكرون كل ما كتبت وتهمون من يواجههم باخطائهم بانه مخطيء وانه لم يكن اي شيء مما ذكرت وان شأنهم كبقية من سموا انفسهم جماعة لايوالون الا علي الجماعه فهم يحبون من هو منهم ويكرهون من لم ينضم اليهم ويعتبرونه مسلم درجة تانية اما هم فهم حماة الدين وان شئت ازيدك اكثر مما كتبت وكفي هذا فقد نصحهم العلماء وهم يرفضون النصح واخيرا فقد قال العلماء انه لن تتوحد هذة الامة تحت زعامة جماعة وانما تحت كلمة التوحيد قالها المخلص الالباني رحمة الله عليه:كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة فينجلي من ذلك ان السلفيين يعتبرون انفسهم من ضمن جماعة المسلمين لاينفكون عن اخوانهم في المجتمع الصالح منهم والطالح اما هم فيعتبرون انفسهم جماعة المسلمين وفقط [[لم يعجبني:]] ان الكاتب سأل متي يتحد السلفيون والاخوان وهو يعلم انهم لن يتحدوا فان اتحدوا يوماً بابدانهم فقلوبهم شذر مذر ولا حول ولاقوة الا بالله
  • عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة جيدة جدا و الله تعالى يقول "و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا" و لكن لابد من توحيد المنهج و الرجوع في أي نزاع الى حكم الله و رسولة مهما كانت المبررات الدنيوية قوية لأن السعى لرضا الله و تنفيذ أحكامة هو الطريق الوحيد للنصر و التمكين. أتمنى كثرة اللقائات بين قيادات الجماعتين للوصول الى تغاهم و لتوحيد الجهود و هذا بلا شك في مصلحة الجميع
  • محمود المصرى

      منذ
    [[أعجبني:]] كلام جميل جدا نرجو ان يصل لقيادات متفتحه وهم كثير فى الجانبين ينبذون الخلاف والفرقه فالخلاف شر وان ديننا واحد ونبينا واحد وربنا واحد ونهيب بالموقع المبارك ان يوجه دعوات للجانبين للالتقاء والتحالف كما يحدث فى البحرين فالدعوتين لهما قبول واسع الانتشار وتيارين لايمكن الاستهانه بهما بدلا من التحالف مع المخالفين فى العقائد ومن هم على ضلال مبين لكى يرضى عنا الله
  • زائر

      منذ
    [[أعجبني:]] أنا مسلم و لي عقل و الله عز وجل لا يحاسبني الا على عقلي و نيتي الله عز وجل سمانا مسلمين اسف فلست اخوانيا و لا سلفيا انا مسلم موحد اخذ على من يسمون انفسهم سلفيين عدم التطور و ضيق الافق و اخذ على الاخوان المداهنة و العيش بين ظهراني الكفر و قلة التضحية (الا المصريين)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً