مستقبل الصراع السياسي - (4) مستقبل الصراع السياسي والعسكري في المنطقة العربية وأفريقيا وأفغانستان
ذكرنا في الحلقة الأولى أننا نسعى للإجابة عن سؤال: ما هو مستقبل الصراع السياسي والعسكري في المنطقة العربية وأفريقيا وأفغانستان؟ وقلنا أنه كي نتمكن من الإجابة على هذا السؤال فلابد أولاً أن نعيد توصيف هذه القوى وأهدافها لنعبر عنها بجوهر وصفها بدلاً من الوقوف عند حد توصيفها بأسمائها فقط، وشرحنا في الحلقة الأولى توصيف كل من المشروع التركي ومشاريع الجهاد العالمي والجهاد المحلي وتنظيم الدولة الإسلامية كما ذكرنا في الحلقة الثانية المشروع السعودي والمشروع الإخواني وذكرنا في الحلقة الثالثة مشروع الإمارات-السيسي ومشروع إيران ونواصل في هذه الحلقة توصيف بقية المشاريع بالمنطقة على النحو التالي:
ذكرنا في الحلقة الأولى أننا نسعى للإجابة عن سؤال: ما هو مستقبل الصراع السياسي والعسكري في المنطقة العربية وأفريقيا وأفغانستان؟
وقلنا أنه كي نتمكن من الإجابة على هذا السؤال فلابد أولاً أن نعيد توصيف هذه القوى وأهدافها لنعبر عنها بجوهر وصفها بدلاً من الوقوف عند حد توصيفها بأسمائها فقط، وشرحنا في الحلقة الأولى توصيف كل من المشروع التركي ومشاريع الجهاد العالمي والجهاد المحلي وتنظيم الدولة الإسلامية كما ذكرنا في الحلقة الثانية المشروع السعودي والمشروع الإخواني وذكرنا في الحلقة الثالثة مشروع الإمارات-السيسي ومشروع إيران ونواصل في هذه الحلقة توصيف بقية المشاريع بالمنطقة على النحو التالي:
-المشروع الأمريكي في المشرق العربي:
ما يهم الولايات المتحدة الأمريكة في المنطقة العربية هو التالي:
-ضمان أمن وقوة إسرائيل لأنها قاعدة عسكرية لها في المنطقة لتحقيق كل ما تريده كما أن القوى الصهيونية الأمريكية آخذة بتلابيب السياسة والإدارة الأمريكية وتوجهها حيث تشاء باستمرار.
-ضمان عدم قيام دولة إسلامية سنية حقيقية واعية بحقائق ومتغيرات العصر وواعية بالكيفية المناسبة للتعامل مع هذه الحقائق والمتغيرات هذا فضلاً عن عودة الخلافة الإسلامية إذ أن الغرب صار من ثوابته بعد إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية العمل على منع عودة الخلافة أو عودة أي دولة تحكم وفق الإسلام.
-ضمان السيطرة على حكام المنطقة ونخبها الفكرية لضمان تحقيق الأهداف آنفة الذكر وأيضا بقية الأهداف التالية..
-ضمان السيطرة على نفط المنطقة (الخليج وشمال أفريقيا) لأن أميركا تستخدمه في صراعاتها الدولية عبر التحكم في أسعاره فعندما تخفض أسعار النفط دوليًا فإنها تضغط على اقتصاد روسيا الاتحادية وإيران وعندما ترفعه فإنها تضغط على اقتصاديات أوروبا والصين واليابان، ونفط المنطقة هو المصدر الرئيس للطاقة لكل من أوروبا واليابان والصين وبالتالي فالسيطرة الأمريكية عليه تضمن امتلاك ورقة ضغط وسيطرة على كل من أوروبا واليابان والصين، وأوروبا واليابان أكثر لأن الصين تأخذ نفطًا من إيران وأفريقيا بجانب الخليج، وبالسيطرة الأمريكية على المنطقة ونفطها يمكنها أن توجع أي من هذه القوى المذكورة حال نشب صرع بارد أو ساخن معها.
ويضاف لذلك كله ثابتين آخرين مهمين لأمريكا في المنطقة وهما:
- منع وحدة مصر والشام (أو أي وحدة كبرى بالمنطقة) لأن وحدة مصر والشام في عصري الأيوبيين والمماليك هي التي أنهت الوجود الصليبي بالمنطقة وأفشلت محاولات عودته.
- عدم قيام أي دولة قوية ومتقدمة بالمنطقة بشكل عام وفي مصر بشكل خاص، لأن محمد علي لما قام بمشروعه حقق نجاحًا مرحليًا بما شكل تهديدًا استراتيجيًا للهيمنة الأوروبية على العالم وقتها وبالتالي سارعوا بالقضاء على مشروعه ثم احتلال مصر في أقرب فرصة سنحت لهم بعدها.
وبسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وبسبب سخونة الحروب الدائرة بالمنطقة العربية الآن فهي لا ترغب في هذه المرحلة أن تنخرط في معارك برية في المنطقة العربية وإنما تكتفي بالضربات الجوية وتترك المنطقة كي تغلي وتنفجر ثم تتشكل من جديد ثم ستتعامل هي مع النتيجة النهائية للحروب الدائرة بالمنطقة، وهذا لا يمنع من دعمها لبعض قوى المنطقة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
-المشروع الإسرائيلي:
تهدف إسرائيل للسيطرة على المنطقة العربية عبر هيمنة استعمارية وتعرف أنها لن تتمكن من ذلك إلا بإضعاف أنظمة الحكم وجعلها تابعة لها وتعرف أن مما يسهل هذا عليها ضرب وإقصاء الحركات الإسلامية التي تعادي إسرائيل عن الحياة السياسية والاجتماعية وكذلك تفتيتت الدول العربية لتصير كيانات صغيرة عرقية أو دينية يسهل الانفراد بكل منها على حدة للهيمنة عليها، إلا أن صعود الحركات الإسلامية المسلحة في المنطقة يخيف إسرائيل وهي تتحسب له عسكرياً وإستراتيجيا ولكنها في ظل غليان الصراعات بالمنطقة تجد أن الأفضل لها أن تنأى بنفسها عن الانغماس في الصراعات لتدخر قوتها وقدراتها ليوم الصدام ومع هذا فهي تراقب كل شيء بانتباه وحذر وتسعى لاختراق الحركات والكيانات والأنظمة الموجودة استخباراتيا وتسعى لمد الجسور مع بعضها وضرب بعضها ببعض، فاسرائيل تجيد وتحب لعبة "فرق تسد".
ومن هنا فإن إسرائيل ستعزز وتشجع عمليات انقسام المنطقة إلى دول صغيرة متنافرة ومتفرقة على أسس عرقية ودينية، وأيًا كان الأمر فإن أفضل وأقرب المشاريع في المنطقة لقلب إسرائيل هو مشروع "الإمارات-السيسي" لشدة عداوته للحركات الإسلامية وهي عدو إسرائيل الأول بالمنطقة، ولكن مع هذا فإن إسرائيل لن تمانع في مد الجسور بشكل أو بآخر مع جميع قوى المنطقة بهدف تحقيق مشروعها للهيمنة الكاملة على المنطقة ومما يزيد فرص إسرائيل في هذا هو معرفة أغلب قوى المنطقة بأن البوابة الإسرائيلية هي أهم وأقرب بوابة لقلب وعقل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وميل هذه القوى (خاصة تركيا وإيران والإمارات ومصر وغيرها) للعبور عبر هذه البوابة.
-الأهداف الروسية والصينية في المنطقة:
بوتين هو ابن للمدرسة الإستراتيجية والأمنية الروسية وهو يريد إعادة المجد السوفيتي في السياسة الدولية عبر روسيا الاتحادية وبالتالي فهو يحتاج للتسهيلات العسكرية في المنطقة عبر موانىء بحرية وقواعد جوية وواضح أنه يسير على خطى الاتحاد السوفيتي السابق بالحفاظ على مثل هذه التسهيلات في سوريا وربما بدرجة أقل في الجزائر أو مصر أو السودان كما أنه سيحافظ على تحالف قوي مع إيران لأنها زبون مهم له اقتصاديًا ولاعب أساسي بالمنطقة يمكنه من خلالها التواجد بالمنطقة وبالتالي فهو يساعد ايران على تكوين مستقبل سوريا حسب السيناريو الإيراني المرتكز على علوية وشيعة سوريا.
أما الصين فبرغم أنها تبتعد عن الصدام مع أمريكا لحد كبير بسبب علاقتهما الإقتصادية القوية جدًا إلا أن الصين على المستوى الاستراتيجي والأمني هي غريم لأمريكا وأمريكا تتحسب منها في هذا المجال وتسير الصين على خطى روسيا في هذا المجال فهي بدأت تمد تواجدها العسكري إلى البحر الأبيض عبر إجراءها مناورات بحرية مشتركة مع روسيا في هذا البحر كما أنها متواجدة بقوة في السودان ومن هنا فهي تتطلع إلى المنطقة عسكريًا واستراتيجيًا لكنها لم تبلغ بعد مستوى أن يكون لها حلفائها الذين تنفرد بشراكتهم ومن هنا فهي تسير بجانب خطى روسيا وإيران في المنطقة.
ويتضح من كل هذا أن روسيا والصين ليس لهم ثوابت بشأن إستراتيجيتهم بالمنطقة اللهم إلا المصلحة وإيران وبشار أقنعهم حتى الآن أن مصلحتهما مع إيران ونظام بشار الأسد في سوريا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونواصل التحليل في الحلقة الأخيرة غدًا إن شاء الله.
- التصنيف: