قطاع غزة بلغة الكيمياء

منذ 2015-09-30

إن إضافة موادَّ جديدةٍ إلى مادة أصلية يُنتج مادة جديدة في خواصِّها وتركيباتها الكيميائية، وكذلك فإن تجزئة المادة يؤدِّي إلى فِقدان بعض خواصها، وإنتاج مواد جديدة، ربما تكون مفيدةً أو عديمة الفائدة والجدوى، ولكلٍّ مِن هذه الأمور سواء الإضافة أو التجزئة معادلاتٌ جديدة، وهذا في علم الكيمياء.

إن إضافة موادَّ جديدةٍ إلى مادة أصلية يُنتج مادة جديدة في خواصِّها وتركيباتها الكيميائية، وكذلك فإن تجزئة المادة يؤدِّي إلى فِقدان بعض خواصها، وإنتاج مواد جديدة، ربما تكون مفيدةً أو عديمة الفائدة والجدوى، ولكلٍّ مِن هذه الأمور سواء الإضافة أو التجزئة معادلاتٌ جديدة، وهذا في علم الكيمياء.

أما في قطاع غزة، فالأمر ربما يكون مُشابهًا مِن ناحية المعادَلات، ولكن العِلم يختلف، فإذا نظرنا إلى شريط الزمن واستعَرضْناه أمامنا، سنقف -ولا بد أن نقف- أمام أواخر عام 2008 وبداية عام 2009، أتحدَّث عن عملية "الفرقان" بلغة المقاوَمة وحماس، وعن "الرصاص المصبوب" بلغة العدو الصِّهيوني.

وفي تلك الحرب نستطيع أن نَرصُد العديد من المعادلات الجديدة:

• إن صبَّ كميات هائلة وأطنان من الرصاص والقذائف، والفسفور الأبيض والصواريخ على المنازل بما فيها من المواطنين قد زاد مِن صمود الشعب وثباته، وتمسُّكه بوطنِه وحقِّه، وهذا أمرٌ ثابت وواضح، وقد فرَض نفسه بقوة في معادلة جديدة: "إن زيادة العُدوان يولِّد المزيدَ مِن التمسُّك بالحقوق والحقد على المعتدي"، وهذا أمرٌ أخطأ العدوُّ حساباته إزاءه.

• إن إخفاق العدوِّ في تحقيق هدفه الرئيسي، الرامي إلى تدمير القوة الصاروخية، وقتْل خلايا المقاوَمة قد ذُريَ ذروَ الرياح، وجُعلَ هباءً منثورًا، وتبخَّر كما يتبخَّر الماء في اليوم الشديد الحرارة، الأمر الذي زاد مِن ثِقة المواطنين بالمقاوَمة وجدْواها، ومِن ناحية أخرى زعزع ثقة اليهود الموعودين بالأمن بجيشِهم الذي قيل عنه: "إن إسرائيل دولة لجيش، لا جيش لدولة"، وهذه معادلة تقول: "إن الإرادة المُقاوِمة والصِّدق المرتبط بالعقيدة، لا يُستأصل".

• ثم إن زحف الترسانة العَسكرية الإسرائيلية برًّا لم يُحقِّق شيئًا سِوى فصل شمال القطاع عن جنوبه، ولكن أظهر لنا قوة وبسالة المقاوَمة فيما يُسمى بالقتال القريب، والمُسمى في بعض الكتب "القتال عند النقطة صفر"، والتي تُقدَّر بـ30 مترًا، وفي ذلك شجاعة وجرأة ورباطة جأش للمُقاوَمة، وهذه معادلة جديدة أيضًا لم تكن في حُسبان العدوِّ الصهيوني؛ أن يَصمد المُقاوِم ولا يتزحزَح مِن مكانه عند نقطة "الاستماتة".

ومؤخَّرًا ونحن لا نزال نعيش أجواء الانتصار بعد "حجارة السجِّيل" بلغة المقاوَمة، و"عامود السحاب" بلغة العدوِّ الصِّهيوني، ونتنسَّم عبيره وشذاه، فما جاء الانتصار إلا من الله، ولكن جاء مع مُعادلات قد تغيَّرت أو أُضيفت.

• إن ترك الشعب الفلسطيني يُقاوِم وحده، ويموت وحده، ويثور باتجاة قضيته وحده، وعدم مؤازَرة الحكام والملوك المَحسوبين على العرب والمسلمين أمر بات في التلاشي، وقد ظهر في وقوف عديد مِن الدول العربية والإسلامية إلى جانب الشعب الفلسطيني، وكيف أن مصر وقطر وتركيا، وتونس والمغرب، والأردن ولبنان والعراق، بعثَت بوفود لها تُمثِّلها في غزة وفلسطين، وقد صدحَت برسائلها من خلال المؤتمرات الصحفية، ووجَّهت رسائل للعالَم  بما فيه أمريكا والأمم المتَّحدة بضرورة وقف العدوان الصهيوني، ومساعدة الشعب الفلسطيني، فصحوة العرب والمسلمين ماضيةٌ في التقدُّم ونفض الغبار الذي أثقل كواهلها مِن بعد زوال الدولة العثمانية المَجيدة إلى الربيع العربي، وهذه أكبر معادلة يجب أن يفهمها العدو الصهيوني الذي يعمل للمحافظة على كيانه.

• ثم إن المقاومة التي طوَّرت مِن نفسها، ومِن أسلحتها، ومِن إعدادها وتدريبها برًّا وبحرًا وجوًّا - قد أذهلَت العالم، ليس فقط العدو الصهيوني؛ فقد كانت حكيمة في اتخاذ القرارات، ومستوى الردِّ وحجمه ودقَّته، وأثره في نفوس الصهاينة؛ مما أربك الصهاينة عامة، وجهاز المخابرات في المعلومات الواردة إليه، وهذه معادلة "السرية في العمل إلى أبعد الحدود"، فإذا أردتَ أن تقضي حاجةً لك، فاعلم أن السرية هي طريقك لنجاح عملك.

• وإن تكافل المجتمع الفلسطيني بمختلف توجهاته الفكرية، ووقوفهم إلى جانب المقاومة قد عزَّز من صمودها، وجعلها مُبدعة في العمل، ولم يكن للعملاء دور واضح؛ إذ إن كثيرًا من الناس كانوا يُراقبون الشوارع والمحلات ويَحرسونها من نظرات العيون الخائنة، وهذا أمر يُحسب للشعب الفلسطيني.

• ويأتي أمر مهم جدًّا وغير مسبوق في العالم، وهو أن الحكومة الفلسطينية في غزة كان لها دور المُساندة والتأييد للمقاوَمة، وربما يكون هذا الأمر مشابهًا إلى حدٍّ ما لما حصل في حرب تموز في لبنان عام 2006 في الشكل، ولكن المضمون مُختلف، وهذا الأمر الذي يَسعى الصهاينة من أجل نسفِه؛ من خلال تحريض العملاء على إثارة القلاقل والبلبلة في صفوف الشعب، وما عُدوانه المتكرِّر على غزة إلا من أجل إسقاط حكم حماس، الذي يؤرِّقهم ويَقلب أوراقهم وخُططهم المُستقبليَّة.

إذًا كثيرة هي المعادلات، فهناك المزيد منها على الصعيدَين العالَمي والإسرائيلي مِن الداخل، والمُستقبَل يحمل في خباياه المزيدَ المزيد.

 

شعبان وليد شعبان صباح.

  • 5
  • 0
  • 2,452

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً