حياةٌ أخرى

منذ 2015-10-07

إن الرضا بقضاء الله هو أسهل الطرق للحصول علي السعادة في هذه الحياة... والسخط والاعتراض لن يغير الواقع ولن يجلب لنا سوى الشقاء الدائم.

كنت كعادتي أسير في أحد المناطق الواقعة علي هامش صفحة الوطن؛ أتأمل الحياة والبشر وحياتهم البسيطة وفطرتهم السليمة التي افتقدها في كثير من الأحيان في منطقتي (الراقية)، ورأيتها... فتاة صغيرة تبيع الحلوى أمام منزلها، عندما اقتربت منها للشراء وجدتها أكبر سناً مما تخيلت ولكنها كانت قصيرة للغاية وفهمت الأمر سريعاً! إنها ممن يطلقون عليهم "الأقزام"، كانت مبتسمة جداً وتعاملها مهذب للغاية وقبل أن أنصرف ظهر والدها... وكان أيضاً من قصار القامة، ألقى السلام ثم تحدث إليها بود ومحبة وانصرف... وأنصرفت أنا أيضاً...

وفي طريقي لم تفارق صورتهم خيالي وتساؤلات عديدة تملأ رأسي المتعب... الأب إنسان مثله مثل أي إنسان يرغب في الزواج والإنجاب ولكن معلوم طبياً أن احتمال تكرار الأمر مع الأولاد وارد بشكل كبير؛ ولكنه تزوج وأنجب؛ وجاءت الفتاة تعاني من نفس المشكلة، سألت نفسي ماذا كنت سأفعل لو كنت مكانه؟

من السهل جداً أن تنتقد تصرفات الآخرين ولكن من الصعب أن تتوقع رد فعلك إذا كنت مكانه... أيضاً استوقفتني نظرة الرضى والابتسامة التي تتمتع بها الفتاة ووالدها رغم البلاء وقسوة نظرات البشر في كثير من الأحيان!

إن الرضا بقضاء الله هو أسهل الطرق للحصول علي السعادة في هذه الحياة... والسخط والاعتراض لن يغير الواقع ولن يجلب لنا سوى الشقاء الدائم.

بعد التفكير قلت الحمد لله... الحمد لك يارب أن منحتنا العديد من الأشياء الجميلة، وأن منحتنا الحياة وأن أعطيتني القدرة علي الفهم وأن علمتني أن أرضى بقضائك.

وأيضاً وجدتني أزداد يقيناً بأنه لابد من حياة أخرى بعد رحلتنا القصيرة في حياتنا الدنيا، حياة أخري، يشفى فيها المريض ويسعد فيها المبتلى ويحاسب فيها الظالم ويُقتص فيها للمظلوم.

وأن الدنيا ليست دار جزاء وليست نهاية المطاف، إنما هي فعلاً دار للبلاء، وأن الصحة والمال والجمال والوسامة والعقل وغيرها من نعم الله ليست دليلاً علي محبة الله أو سخطه، إنما هي أشياء منحنا الله إياها ليسألنا عنها سؤالا طويلا ومخيفا يوم اللقاء الأخير، فهل سنتكبر بعد اليوم بما منحنا الله من عقل أو صحة أو جمال أو مال؟! وهل سنتعلم أن من أعطى قادر علي أن يأخذ... قادرٌ على أن يأخذ!!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

وسام الشاذلي

حاصل علي الماجيستير المهني والدكتوراة المهنية في إدارة الأعمال تخصص إدارة المشروعات

  • 0
  • 0
  • 4,062

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً