هل يعقل البطل ؟!

منذ 2009-05-02

يَلْتَفُ الناس حول العظماء ، والناس حول كل عظيم فريقان ، فريق من المحبين وفريق من المبغضين ، فريق ينصره ويتبعه وفريق يرده ويدفعه . والمعتدلون قليل !!

بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

يَلْتَفُ الناس حول العظماء ، والناس حول كل عظيم فريقان ، فريق من المحبين وفريق من المبغضين ، فريق ينصره ويتبعه وفريق يرده ويدفعه . والمعتدلون قليل !!

وما استطاع أحد أن ينال من عظيم قط ، أو أن يذهب بذكره من صفحات التاريخ أو من صدور العارفين ، لم يحدث هذا قط ، فكلُّ مَنْ شمر واجتهد وكان ممن حباه الله بصفاتٍ قيادية وَجَدَ مَن أحبه واتبع هديه .



وإن تدبرت وجدت أن التاريخ تكتبه يدان ، يدُ محبٍ ويَدُ مبغضٍ . كتب عن الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ المحبون وكتب عنه المبغضون . وكتب عن صحابته الكرام من أحبهم وعرف قدرهم ، وكتب عنهم من أبغضهم وأعمى الله بصيرته عن قدرهم وعلو منزلتهم . وهكذا باقي الشرفاء ومَنْ برزوا في الناس . فمثلاً المتنبي كتبَ عنه من جرده من الشعر وكتب عنه من قال عنه أشعر الناس...!!



واليوم إحدى الكبر ، يصنع ( الأبطال ) ليلتف حولهم الناس ، ثم تُسوَّق المفاهيم والأفكار ، أو تحارب العقائد ، من خلال هؤلاء ( الأبطال ) المصنوعين ..

بالأمس التفوا حول ( محمد عبده ) ، فزعموا أنه ثورياً ، ثائراً على الملك ، رافضاً للتواجد الأجنبي في بلده ، يستنفر الشباب لتكون كلمة الله هي العليا ، فحبسوه ( نفوه ) في بلده ـ وما كانت يومها لبنان ، كانت كلها شام وخاضعة للإدارة المصرية ، وهناك مدوا معه الجسور ، وحصل ( تفاهم ) مشترك بينه وبينهم ، وعاد الرجل يعمل من خارج المؤسسة الدينية بصفة مستقلة ، ثم أوجدوا له صفة رسمية جديدة ( مفتي ) ، وراح يفتي ، وراحوا يحملون فتواه إلى كل مكان ، حتى صار قوله ( الفصل ) ، و(له الحكم ) فيما ينزل بالناس .

وصار محمد عبده ( بطلاً ) كَبُرَ في حسِّ الصغار من أهل زمانه ، ومضى التاريخ ، وكتبت يدان ، يد لا تزال تحاول أن تفرضه علينا وهي تدعي أنها أختنا ، تنشر ( أعمال محمد عبده الكاملة ) ، ويد حبيبة كشفت أن الرجل كان مخدوعاً ، وأنهم نفخوه واستعملوه للوصول إلى أهدافهم .

واليوم لا زالت صناعة الأبطال قائمة .



كانت السينما الهندية تعرض ( بطلها ) أميتاب باتشان ، يَغلب الدبابات ، ويقفز من الأرض للطائرات ، ويصارع الوحوش ، ويصرع العذارى بنظرات من عينيه !! وصدَّق الغافلون

فحين جاء إلى مصر قامت الألوف بين يديه وارتمت العذارى تحت قدميه ، ووقف عبد البقرةِ هذا يقول : الخيالُ ينسي الشعوب المتخلفة الحقيقة !!

وصَدَقَ عبدُ البقرة . فكلُّه خيال .



واليوم يُصنع محمد عبده جديد من جديد .

أحدهم حجمه كبير .. جَدُّ كبير .. يُحدث الناس من كبرى القنوات الفضائية .. وفي أفضل الأوقات ، وتحته مواقع عنكبوتيه تبث مواد مرئية وصوتية وكتابية باللغة العربية واللغات الأجنبية ، وتتبعه قناة خاصة !!

أسأل : رصيده هذا ؟!!

لا . والله لا .

ولا هو هذا .

هناك من يصنع ( البطل ) ، مَكَّنَهُ من المنبر العالي ، وألبسه ثوباً من الذكاء ، ووضع أمامه سلة من الزهور تبشر الناس بأن البطل سَمْحٌ يريد الخير في الدنيا ، ويضع خلفه لوحة تُذكر الناس بـ ( كفاحه ) ، ويُجْلِس معه من يوقره وكأن هذا حال كل من يجالسه ،..

هذا الذي ينفخ في المشهد هو ( البطل ) الحقيقي ، هو الفاعل الحقيقي ، وغيره هو المفعول به . هم الفاعلون وهم يفعلون به ما يشاءون من أهداف .

ولن يمشوا للبعيد .

فلن يكتبوا وحدهم التاريخ . ولن يكتب التاريخ فقط عنهم ويترك غيرهم .



هؤلاء ( الأبطال ) ، وتيك الجعجعة تخرج من أرضنا وتمر بنا ، ولكنها ليست لنا ، إنها لقومهم .

يظن الصغار والعجلى أنها تُراد للداخل العربي ، والحمقى يظنون أنها تراد للداخل الوطني ، وكنَّا مثلهم ، نقول بقولهم ، ثم تبين أن المكر كبار .

إنهم يخاطبون قومهم . يبعثون لهم من أفواه ( الأبطال ) برسالة من كلمتين اثنتين : ( كلنا سواء ) ، ( كله إيمان ) ، و( كلنا بني الإنسان ) . ( فلا النصرانية كفر ، ولا العلمانية إلحاد ) ، ( ولا تفاضل على الدين ) ، وأن هذا قول ( الأبطال ) ، وهي نفس الجملة التي تراد من الحوار بين الأديان ، فيقر ( يستقر ) العامي على ما هو عليه ، ولا يفكر في الخروج من ظلام الكفر البهيم ومستنقع المعاصي الآسن ، بل لا يرى ظلاماً ولا عَفَنَاً ، إذْ كله صواب !!

المراد فقط صد العامة هناك عن دين الله الإسلام . وقد وقف المد الإسلامي في هذه البلاد تقريباً منذ بدأت صناعة (الأبطال ) ، منذ ظهرت مطالب المستشرقين على يد المستغربين ، أو ( الأذكياء ) الغافلين ، وقف مَدُّ الإسلام عندهم مع أنهم عندنا وأننا عندهم ، يختلطون بنا ونختلط بهم .

و يستعملون ( الأبطال ) في تأجيج الصراع الداخلي ، فالملاحظ أن مع كل ( فتوى ) تهيج الساحة الفكرية ، وأن مع أطروحات ( الأبطال ) يذهب جهد كثير من الطيبين الأخيار رداً عليها وإزالة لآثارها .

إنهم يصارعوننا ( بالأبطال ) ، فالملاحظ أن هؤلاء هم الفاعلون الحقيقيون ، وما ( الأبطال ) إلا مُفعلين . فهل يعقل الأبطال ؟



وإن كنت في شك من قولي ، فتش عن فراخ محمد عبده ، ستجدهم زعماء العلمانية .. سعد زغلول ، ولطفي السيد ، وعلي عبد الرازق .. الخ .. هذا ما أنتجه رجل الدين الثائر .!!

وفتش عن قضايا اليوم المطروحة ستجدها هي هي بأم عينها القضايا التي تناولها ( أبطال ) الأمس ، وفتش حواليهم ستجد مَن لا خلاق لهم قد التفوا حولهم ، وأشادوا بذكرهم . فهل يعقل البطل ؟!



أبو جلال

محمد جلال القصاص

مساء الإثنين 24/4/1430هـ
المصدر: طريق الإسلام
  • 1
  • 4
  • 5,426
  • مازن

      منذ
    لم يعجبني: الى الكاتب العزيز اريد ان اوضح بان أميتاب باتشان مسلم
  • أبو سمية

      منذ
    [[أعجبني:]] نعم ففي زمن الغربة يخون الأممين و يستأمن الخائن و يصدق الكذوب و يتكلم الرويبضة كما بستأسد القط في زمن الجراح و الضعف
  • سامح الرميسي

      منذ
    [[أعجبني:]] جزا الله كاتب المقال الخير فقد فضح كتاب حصننا مهدده من الداخل كل هؤلاء الرموز الذين صنعهم الاستعمار والعلمانين لضرب الاسلام من الداخل وبواسطه من يرتدي حله الاسلام من رجال الدين ولكن كان يجب على الكاتب اكمال لنصيحه ان يظهر هذا البطل بالاسم وان لايخشي في ذلك لومه لائم حتي يتسني لناس كشف هؤلاء وعدم الانخداع بهم واحباط مؤمراتهم في المهد وهذا من النصح للمسلمين وجزاكم الله خير اللهم قيض لهذا الدين من يدافع عنه وامدهم بقوه وشجاعه من عندك انك انت الوهاب
  • احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] التحذير من خطورة افكار محمد عبده و اتباعه [[لم يعجبني:]] لماذا كل هذا الغموض والله كنت اتمنى ان اعرف عمن تتكلم غير محمد عبده الذى لا يعنينا الآن فأنا لم اعرف من الذى تقصده من المعاصرين؟؟؟
  • جابر  يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] صنعوآ [ أبطالاًاًاً ] لبصلواْ لقلوب شباب العصر بمعجبيهم !! لكنّ الله سبحانه يظهر " الصادق " من '' الكاذب ,, .. بآآآرك الله فيك على المقالة !!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً