امتلأ المسجد بمن دعتهم للإسلام وأسلموا
حدثتني بعيون دامعة وقالت: سمعت اليوم بوفاة إنسانة عزيزة علي، إنسانة تعهدتني في غربتي وأنا فتاة صغيرة أبلغ 14 عامًا وهي في الخمسين من عمرها
كانت تأخذني معها لأشاركها الدرس الأسبوع وترجعني
كانت تأخذني لزيارة المرضى بالمستشفى
كانت تأخذني معها لإلقاء كلمة بالمدرسة عن الإسلام
ترتب الدروس وتتعاهد اللاجئين
ثم ....
انتقلت لمدينة أخرى وانقطع الاتصال بيننا
من فترة تملكني إحساس بأنها مريضة وعزمت النية على زيارتها لتتعرف على بناتي لكن مرضي حال دون ذلك واليوم اتصلت بي إحدى الأخوات لتخبرني بوفاتها وأنها كانت فعلاً بالمستشفى ونزل علي الخبر كالصاعقة
ما زلت أتذكر إبتسامتها الرقيقة البسيطة واليوم علمت أنهن سبحان الله حين غسلوها وجدوا إبتسامتها تملأ وجهها
وفي صلاة الجنازة امتلأ المسجد بالناس الذين دعتهم للإسلام وأسلموا، وتجمع المسلمين الذين فرقت بينهم الدنيا والأيام، وأمام كل هؤلاء شهد لها الإمام بأنها كانت سباقة للخير.
علمت أيضا أنه كان لديها مكان ثابت في المعرض السنوي بالمدينة لتعريف غير المسلمين بالإسلام و توزيع بعض المطويات عليهم
لقد عَلِمَتْ لما خُلِقَتْ له فعملت من أجله
ثم استمرت الأخت في سرد ذكرياتها معها وقد تهيجت مشاعرها وحاولت أن أترك لها مساحة كبيرة للكلام لتخرج ما يؤلمها ويحزنها ورغبة أيضًا في التعرف على تلك المعلمة التي كانت بمثابة الأم بالنسبة لها، وحاولت أن أخفف عنها بما يسره الله لي وأنتهى اللقاء لكن كلماتها ما زالت تتردد في ذهني خاصة جملة "امتلأ المسجد بمن دعتهم للإسلام وأسلموا".
وقفت عند هذه الجملة مراراً وتكراراً لأتأملها وأرددها في نفسي ...
لقد امتلأ المسجد بمن دعتهم للإسلام وأسلموا
وكل هؤلاء سيشهدوا لها يوم القيامة بأنها عَلِمَتْ لما خُلِقَتْ له فعملت من أجله
سبحان الله العمر يمضي بنا ونحن ما زلنا في بداية الطريق ولم نقدم شيء يذكر
لم ندع للإسلام ...
لم نصحح عقيدة مسلم ...
لم نغرس الإيمان في القلوب ...
لم نجاهد بكل قوتنا لتنشئة جيل كجيل الصحابة ...
لم ولم ولم ...
ثم فجأة وبدون مقدمات سنجد كل شيء توقف ولم يعد هناك مجال للعمل
فلقد ... انتهى الوقت ...
ووقتها لن ينفع الندم
فهل من موقفة نقفها الآن لنعيد حساباتنا قبل أن يأتي يوم نقول فيه
{يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة : 25]
{يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر : 24]
أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت
14 أكتوبر 2015
- التصنيف: