المصيبة في الدين أعظم المصائب

منذ 2009-07-10

أوحى الله تعالى إلى عزير: إذا نزلت بك بليةٌ لا تشكني إلى خلقي كما لم أشكك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك إلي، وإذا أذنبت ذنباً فلا تنظر إلى صغره، ولكن انظر من أهديته إليه....

إن من أعظم المصائب وأعظم الابتلاءات، أن يبتلي الإنسان في دينه، فإذا أصيب الإنسان في دينه بانحراف أو شبهة أو شهوة فذلك أعظم المصائب التي تحصل للإنسان في هذه الدنيا، إنها خسارة الدنيا، وخسارة الآخرة.
لأن المصيبة في الدين توجب لصاحبها الهلاك في الآخرة لذلك لذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا, وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا, وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا, وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا» [أَخْرَجَهُ الترمذي (3502)، وأَخْرَجَهُ النسائي في عمل اليوم والليلة (401)].

والمصيبة في الدين هي نهاية الخسران الذي لا ربح فيه، والحرمان للذي لا طمع معه.

قال القاضي شريح -رحمه الله تعالى-: "إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله -تعالى- عليها أربع مرات: "إذا لم تكن أعظم مما هي، وإذا رزقني الصبر عليها، وإذا وفقني للاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب، وإذا لم يجعلها في ديني". أهـ.

يقول البستي:
كل الذنوب فإن الله يغفرها *** إن شيَّع المرء إخلاصُ وإيمانُ
وكل كسر فإن الله يجبُره *** وما لكسر قناة الدين جُبرانُ


وقال أحدهم:
كل المصيبات إن جلت وإن عظمت *** إلا المصيبات في دين الفتى جللُ

ولقد عد الصحابة رضوان الله عليهم موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي أعظم مصائب الدين. عن مكحول رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب» [الدرامي في سننه ج 1/ ص 53 حديث رقم: 84].

قال أبو سعيد: ما نفضنا أيدينا من التراب من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا.

ولقد أحسن أبو العتاهية في نظمه معنى هذا الحديث حيث يقول:

اصبر لكل مصيبة وتجــلد *** واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جـمة *** وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة؟ *** هذا سبيل لست فيه بأوحـد
فإذا ذكرت محمدا ومصــابه *** فاذكر مصـابك بالنبي محمد


ومن المصائب في الدين:

(1) الانغماس في الشركيات والبدع.

قال الله تعالى واصفاً عباد الله الصالحين المتقين: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [سورة الحج: 31].

فمن أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية, ومن ابتدع في دينه بتعليق التمائم, وقراءة الطالع والنجوم وإتيان السحرة والكهنة والعرافين، والتعلق بالأولياء والصالحين من دون رب العالمين، وغير ذلك من أنواع المعاصي فقد أوجب على نفسه الخسران والبوار, وغضب الجبار ودخول النار.

عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه أنه قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقِيلَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ، فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ"، فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلاَفًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» [أخرجه ابن ماجة (42)].

فمن أصيب في دينه بشرك أو بدعة أو كبيرة فقد ضاع من دينه ودنياه بقدر ما أصيب. وأما من أصيب في دنياه بخوف أو جوع أو فقر أو غير ذلك فقد نقص من دنياه ما كتب له، ثم إن هو صبر ورضي عوّضه الله خيرا منه.

(2) ترك العبادات والإقبال على المعاصي والشهوات.

من مصائب الدين أن يترك المسلم العبادات التي شرعها رب البريات, ويقبل على الملذات والمعاصي والشهوات. فترك الصلاة عموماً من أكبر المصائب, وترك صلاة الجماعة خصوصاً كذا من أعظم المصائب. روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال: "يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد"، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فلماّ ولىّ دعاه فقال: «هل تسمع النداء؟»، قال: "نعم"، قال: «فأجب»، وفي رواية قال: «لا أجد لك رخصة».

كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى محافظين على الصلاة جماعة في وقتها دون تأخير.

وكان إذا فاتت أحدهم تكبيرة الإحرام يعزونه ثلاثة أيام أما إذا فاتته الصلاة مع الجماعة فيعزونه سبعة أيام بقولهم: "ليس المصاب من فقد الأحباب إنما المصاب من حرم الثواب".

وكان أحدهم إذا أراد أن يدق مسماراً في جدار وسمع صوت المؤذن ترك ذلك إلى ما بعد الصلاة.

وكانوا رضوان الله عليهم يعدون ترك صلاة الجماعة مصيبة تستحق التعزية. وقال حاتم الأصم: "مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، ولقد ماتت لي بنت فعزاني أكثر من عشرة آلاف وفاتتني صلاة الجماعة فلم يعزني أحد".

كان الصحابيان الجليلان: عمار بن ياسر وعباد بن بشر رضي الله عنهما يتناوبان على حراسة ثغر من ثغور المسلمين وبينما كان عمار نائماً وعباد يحرس المسلمين أراد عباد أن يناجي ربه فدخل في الصلاة حيث الخشوع والإخلاص بعيداً عن أعين الناس وبينما هو كذلك في ليلة مقمرة إذ خرج عليهم رجل مشرك فرآه يصلي فسدد سهماً فأصابه في ذراعه وعباد مستمر في صلاته لا يقطعها فسدد ذاك المشرك سهماً ثانياً في ذراعه الأخرى ثم في ظهره فسال دمه وهو يصلي يقول عباد: "والله لولا خوفي أن يؤتى المسلمون من قبلي لما قطعت الصلاة فأيقظ عماراً"، لذلك لأنه كان في لذة عجيبة لذة العبادة وحلاوة العبادة التي لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.

والتابعي الجليل عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة المنورة رحمه الله تعالى عندما أرادوا أن يقطعوا رجله... طلبوا منه أن يتعاطى مخدراً حتى لا يشعر بالألم ومعلوم أن ذلك يجوز للضرورة ولكنه أبى ذلك ورعاً منه وتقوى وقال لهم: "أعوذ بالله أن أستعين بمعصية الله على ما أرجوه من العافية"، إنه لا يريد أن يغفل عن الله تعالى، قال لهم: "دعوني أصلي ثم افعلوا ما بدا لكم"، وحقاً فإنه كبر ودخل في الصلاة وبتروا ساقه بمنشار ثم وضعوا رجله في زيت مغلي حتى ينقطع الدم وهو يصلي ثم أغمي عليه فلما أفاق قال لهم: "قربوا لي ساقي"، فأخذ يقلبها ويقول: "الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصيته ما مشيت بك إلا إلى المساجد في الظلم وزيارة الإخوان والأرحام"، ثم قال: "الحمد لله على كل حال لئن أخذ الله فكثيراً ما أعطى ولئن ابتلى فكثيراً ما عافى".

فمن مصائب الدين الإقبال على المعاصي وإلفها, بل والتفاخر والمجاهرة بها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه» [متفق عليه].

قال أبو الدرداء: "من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها" (القرطبي في تفسيره، 6/415).

فللذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمن ذلك:

1- حرمان العلم: فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور قال الشافعي لرجل أني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية.

2- حرمان الرزق: وفي المسند إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه. فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق بالمثل ترك المعاصي.

3- وحشة وظلمة في القلب: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله وهذا أمر لا يحس به إلا من كان في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام.

4- تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه.

5- حرمان الطاعة: فلو لم يكن للذنب عقوبة فكفاه انه صد عن طاعة الله فالعاصي يقطع عليه طاعات كثيرة كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها.

6- إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه: قال الحسن البصري: "هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وإذا هان العبد على ربه لم يكرمه أحد".

7- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبعِ على قلب صاحبها كما قال بعض السلف في قول الله تعالى: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين 14]، الران: هو الذنب بعد الذنب.

8- تقصر العمر وتمحق البركة: فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور ينقصه فإذا أعرض العبد عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته.

قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها


وقال أبو العتاهية :
فيا عجبا! كيف يعصى الإله؟! *** أم كيـف يجحده الجاحد؟!
ولله فـي كـلّ تحريـكة *** عليـنا وتسكينة شاهد
وفـي كلّ شـيء له آية *** تـدل علـى أنّه واحد


(3) عدم استغلال مواسم الطاعات.

روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم» [البيهقي في شعب الإيمان (2/42)، والطبراني في الدعاء (1/ 30)].

فمن أعظم مصائب الدين أن تدخل على المسلم مواسم الطاعات فلا يستغلها في طاعة الله , فيدخل عليه شهر رمضان فلا يصوم ولا يقوم, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ» [رواه الترمذي].

ويأتي عليه موسم الحج وهو المستطيع القادر فيتعلل ولا يحج, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر». قالوا: "ولا الجهاد في سبيل الله!!"، قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء» [أخرجه البخاري 2/457].

وعنه أيضا، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى». قيل: "ولا الجهاد في سبيل الله؟"، قال: «ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء» [رواه الدرامي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398].

ويحين موعد الزكاة فيسوف ويتهرب, وهكذا دأبه , وذلك دربه.

قال صلى الله عليه و سلم: «ينزل الله تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول: أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من يسألني فأعطيه؟، من يدعوني فأستجيب له؟، من يستغفرني فاغفر له؟، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر» [أخرجه أحمد 4/81(16866)].

وقال صلى الله عليه و سلم: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه» [رواه أحمد].

قال ابن الوردي :
أطـلبُ الـعِلمَ ولا تـكسَلْ فما *** أبـعدَ الـخيرَ عـلى أهلِ الكَسَلْ
واحـتفلْ لـلفقهِ فـي الدِّين ولا *** تـشـتغلْ عـنهُ بـمالٍ وخَـوَلْ
واهـجرِ الـنَّومَ وحـصِّلهُ فـمنْ *** يـعرفِ الـمطلوبَ يحقرْ ما بَذَلْ
لا تـقـلْ قـد ذهـبتْ أربـابُهُ *** كـلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ
فـي ازديـادِ الـعلمِ إرغامُ العِدى *** وجـمالُ الـعلمِ إصـلاحُ العملْ


(4) الجزع من مصائب الدنيا.

الصبر هو: خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع به من فعل مالا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.

قال سعيد بن جبير: "الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه واحتسابه عند الله، ورجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر".

وأكمل المؤمنين من جمع بين الصبر على المصيبة والرضا عن الله جل وعلا وطمأنينة النفس بذلك، يرجو ما عند الله من الثواب الذي وعد به الصابرين الصادقين، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» [رواه مسلم].

فمن صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على قضاء الله واطمأنت نفسه وسلم لله في قضائه وقدره ورضي فله الرضا وذلك من المؤمنين حقا , ومن تسخط وجزع فعليه السخط وخاب وخسر . عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» [أخرجه ابن ماجة 4031 والتِّرْمِذِيّ" 2396].

قال منصورٌ بن عمار: "من جزع من مصائب الدُّنيا، تحوّلت مصيبتُه في دينه" (طبقات الأولياء 1/ 48).

فالجزع من مصائب الدنيا فيه اعتراض وتسخط على قضاء الله وقدره وذلك من أعظم المصائب في الدين؛ لأنه يشكو الرحيم إلى من لا يرحم.

أوحى الله تعالى إلى عزير: إذا نزلت بك بليةٌ لا تشكني إلى خلقي كما لم أشكك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك إلي، وإذا أذنبت ذنباً فلا تنظر إلى صغره، ولكن انظر من أهديته إليه.

يقول أحد العلماء الكرام: "الجاهل يشكو الله إلى الناس وهذا غاية الجهل بالمَشكُو والمَشكُو إليه، المَشكُو كامل كمالاً مطلقاً، والمشكو إليه ناقص وضعيف، شكوت الذي يرحم إلى الذي لا يرحم، شكوت الكامل إلى الناقص، شكوت الغني إلى الفقير، شكوت القوي إلى الضعيف".

قال الشاعر :
إذا كان شكر نعمة الله نعمة *** علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله *** وان طالت الأيام واتسع العمر
إذا مس بالنعماء عم سرورها *** وإن مس بالضراء أعقبه الأجر


فراجع نفسك - أيها الحبيب - وتأمل قلبك وفكر في أعمالك, وإياك أن تكون مصيبتك من أعظم المصائب, إياك أن تكون مصيبتك في دينك.




دكتور/ بدر عبد الحميد هميسه






المصدر: صيد الفوائد
  • 6
  • 0
  • 59,841

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً