الوقف ... جذور وطنية
يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية؛ كثر خيرها وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر.
وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب.
حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة؛ ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء ، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد؛ جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للمساهمة في كل مجالاته ومساراته.
حقائق؛ شهد بها أهل العلم والاختصاص ، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية.
في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته " الوقف الإسلامي ودوره الحضاري"، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم.
وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف وجذوره الوطنية:
1. الوقف الإسلامي؛ قطاع ثالث لا غنى عنه لإقامة قطاعات الدولة، بحيث يقوم بأعباء لا يقدر عليها القطاع الحكومي، ولا القطاع التجاري، فهو قطاع مساند للقطاع الحكومي، وموجه للقطاع التجاري.
2. الوقف الإسلامي؛ حقق التوازن في المجتمعات، بأن حفظ المال من الاعتداء ليكون ذخراً للأجيال القادمة، فكانت معظم عقارات المدن الإسلامية موقوفه على أعمال الخير والبر .
3. الوقف الإسلامي؛ يحفظ أمن المجتمع واستقراره ، ويحقق العدالة بين الناس جميعًا بلا تفرقة أو تمييز، ويقدم خدماته للفئات المقصودة – وفق شروط الواقف – بعدالة تامة والتزام بالعدل الذي اشترطه الواقف، فبه تتحقق العدالة بين الرعية في المجتمع.
4. الوقف الإسلامي؛ قطاع مستقل عن الأحزاب السياسية، وتدخل الحكومات وهيمنة التجار، وبه يتحقق التوازن في الدولة، فهو مضاد حيوي لأمراض المجتمع ومشكلاته، بوصفه قطاعًا تنمويًا وشريكًا أساسيًا للقطاعين الحكومي، والتجاري.
5. الوقف الإسلامي- بمؤسساته الناجحة - يمنع التدخلات من قبل المؤسسات الخارجية – المشبوهة – في زعزعة الثوابت وإثارة القلاقل وشراء الذمم، وتغيير السياسات، ونشر الفساد، والآراء الباطلة؛ بتقديم خدمات، وعطاءات لإفساد الأفكار، وتمرير المخططات، عبر المساعدات المشبوهة، للطعن على الإسلام وإضعاف ثوابته .
6. الوقف الإسلامي مشروع ريادي لنهضة الأمة وعودة عزها وقوتها ومكانتها، وإحياء الوقف الإسلامي إحياء لقطاع أساس من قطاعات الدولة الحديثة، فهو قطاع جوهري من قطاعات الدولة الثلاثة، يخدم المجتمع والدولة والأمة باستقلالية ونزاهة.
7. الوقف الإسلامي؛ مصدر قوة للمجتمع بما يوفره من مؤسسات ، وما يلبيه من حاجات، ومصدر قوة للدول بما يخففه عنها من أعباء القيام بتلك الخدمات، وبما يوفره للدولة من موارد مساهمة في حفظ الأمن ، والقيام بواجب الدفاع عن البلاد .
8. الوقف الإسلامي؛ يولد الإبداع والابتكار، ويطلق العقول، وينمي القدارت، ويصقل المهارات، وينمي المشاريع، ويدرب العاملين ويكسب المعلومات، ويواكب الحاجة، فهو مؤسسة لبناء القادة والطاقات الفاعلة في خدمة العمل المؤسسي سواء أكان وقفيًا أو تطوعيًا أو خيريًا بمجالاته الوقفية والتطوعية، والخيرية .
9. الوقف يحقق الانفتاح المجتمعي بين أجزاء العالم الإسلامي ، والترابط بين الحاضرة والبادية ، ويفعّل الحراك الاجتماعي بين أفراد المجتمع، فكان للمجتمع والدولة الدور الأكبر في النهضة الإسلامية.
10. الوقف الإسلامي صمام أمان للمجتمع، يحفظ توازنه الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، ويحميه من التقلبات الثقافية والسياسية الداخلية، والخارجية، وفي حال ضعف الدولة يتعاظم دور الوقف لسد الخلل، وحماية مؤسسات المجتمع من الانهيار .
11. الوقف الإسلامي تزداد فاعليته، وقوته كلما كانت علاقته بالدولة، علاقة تعاون، وتشارك وتكامل لتحقيق المصالح لخدمة البلاد والعباد، فهو نظام يتحمل جزءًا من المسؤولية الاجتماعية كما أن الدولة تتحمل جزءًا من تلك المسؤولية .
عيسى صوفان القدومي
- بكالوريس - تربية 1987م . - ماجستير - دراسات إسلامية 1998م . - دكتوراه - التاريخ والفكر الإسلامي 2012م.
- التصنيف: