ماما الڤاتيكان

منذ 2009-12-03

.. المعروف أن في الولايات المتحدة مائة وخمسة وأربعين ألف راهبة يتطلعن للمساواة مع الرهبان، ولكن لم يجرؤ على إعلان المطلب والاحتجاج المهذب على موقف البابا إلا خمسون فقط !

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد سألتني ابنتي على لسان صديقتها التي تحدثها بالهاتف: ما المانع من أن تؤم امرأة الرجال في صلاة الجمعة؟

فقلت لها: يحتاج الأمر لتفصيل، ولكن ما الذي ذكركما بذلك أثناء المحادثة؟

فقالت: إن صديقتي طالبة في إحدى المدارس الأجنبية، وإن قضية صلاة المرأة -أمينة ودود- في أمريكا أضحت مجالا للحوار مع المدرسين الذين ما فتئوا يصطادون في الماء العكر داخل الحصص الدراسية عن وضعية المرأة في الإسلام، وتطور الأمر حتى صار هو حديث الطلاب والطالبات في تلك المدرسة المختلطة!


ودوما يتخذ أبناء المسلمين موقع الدفاع عن المتهم الكبير الذي اسمه "الإسلام"، وهذه القضية التي صارت فجأة على ألسنة الناس بسبب ما يهدفه المنظمون للحملة إلى الحث على فتح باب النقاش حول مسألة الفصل بين الرجال والنساء أثناء الصلاة، وكذلك اقتصار الإمامة على الرجال فقط، بحسب ما نقل عنهم.

يحدث هذا في بلاد المسلمين مع الأسف الشديد؛ فتتخذ تلك المدارس ما ترك لها من حرية سببًا للطعن فينا والإساءة لنا، والتصريح والتلميح، والغمز واللمز بنظمنا الاجتماعية والدينية.


قلت لها في إجابة مقتضبة:

إن المرأة لا تؤم الرجال عندنا؛ لأن العبادة عندنا توقيفية لا يجوز الابتداع فيها، ولا تغييرها تحت أي دعوى، ولم يحدث أن قدم سلفنا الصالح امرأة تؤمهم في الصلاة مع أنهم كانوا يجلون العالمات من النساء كأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- مثل: عائشة وأم سلمة وغيرهما، ويرجعون إليهن فيما أشكل عليهم، ويتحملون منهن الأحاديث وغير ذلك، لكن ألا تـَرَيْ أن من عدم إحراج المرأة بالإمامة لا سيما وهي يأتيها بعض الأعذار التي تمتنع فيها عن الصلاة كالحيض، وصلاة الجماعة غير واجبة في حقها.

ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخر عن الرجال في الصفوف، ومن أجل الحجاب وغض البصر علم أنه لا يجوز ذلك، وفي المسألة عن علي قال: "لا تؤم المرأة". وقال العلماء: لا تؤم المرأة في صلاة مكتوبة ولا نافلة.

قلت للفتاة: وهل تعلمين أن النصارى واليهود لا تصلي بهم امرأة أبداً؟!


وهنا اكتفت الفتاة بهذه الإجابة الأخيرة لترد بها على من يعيرها بأننا لا نمنح المرأة حقها في العبادة... وهنا تذكرت بعض قراءاتي عن وضعية المرأة في المؤسسة الدينية النصرانية واليهودية على حد سواء؛ فاليهود مثلا يمنعون المرأة من الصلاة في بعض الأماكن المقدسة عندهم مثل: "حائط المبكى"، وقد رفعت بعض الراغبات في الصلاة هناك عام 81 قضية للسماح لهن بأداء الصلاة دون اعتراض المؤسسة الدينية فرفضت الدعوى.

أما في النصرانية فلا يسمح لها أبدا بأن تتجاوز المرأة وضعية الراهبة إلى السلك الكهنوتي فضلا عن أن تؤم صلاة، ولا أن ترتقي إلى وضعية الكرادلة الذين يحق لهم انتخاب البابا فضلا عن أن تكون ماما للفاتيكان!

وإن كنت أذكر أن امرأة تنكرت في زي الرجال طوال مدة خدمتها واكتشف ذلك بعد موتها على نحو فصلته بعض الكتب، ومنها كتاب التاريخ الأسود للكنيسة.


إن تاريخ إقامة الكرادلة يعود إلى هيكلية تنظيم كنيسة روما التي أسسها القديس "بطرس"، ويعود ذلك إلى القرن الرابع للميلاد، فكان الكرادلة مستشارين ومعاونين للبابا في خدمة كنيسة روما، ثم أصبحوا ينتمون إلى كنائس مختلفة في العالم، أما مجمع الكرادلة فقد أنشئ في عام 1150، وكان يرأسه أسقف "أوستيا" بإيطاليا الذي كان يدير الكرسي الرسولي عند وفاة البابا إلى أن ينتخب البابا الجديد.


وفي عام 1509 أصبح الكرادلة هم الذين ينتخبون البابا الجديد، وفي القرن الثاني عشر أصبح الكرادلة يعينون في الكنائس الرئيسية خارج كنيسة روما أيضا.

ومعروف أن كل الجهود التي بذلت لجعل رجال الدين المتزوجين أو المرأة أن تشترك في المراسم الكنسية بصورة رسمية قد فشلت، وأعلن البابا "جون بول الثاني" أثناء زيارته لأمريكا عام 1979 بصريح العبارة رفض المطلب المطروح منذ سنوات داخل الكنيسة بفتح الباب أمام الراهبات لخدمة الرب في السلك الكهنوتي.

فالمعروف أن في الولايات المتحدة مائة وخمسة وأربعين ألف راهبة يتطلعن للمساواة مع الرهبان، ولكن لم يجرؤ على إعلان المطلب والاحتجاج المهذب على موقف البابا إلا خمسون فقط، أي واحدة في كل ثلاثة آلاف تقريبا... وقفن أثناء خطاب البابا وقد وضعن شارة على أذرعتهن، وبعد صلاة استغفار طوال الليل، ولكن أصر البابا على أن الكهانة مهنة للرجل، وأن الله اختار الرجل لهذه المهنة، ولو كان يريد مساواة المرأة بالرجل لما جاء بالمسيح في صورة رجل.


وقال "كلير راندال" سكرتير عام المجلس الوطني للكنائس: "لقد تكلم البابا كـأن المرأة لا يمكن أبدا أن تصبح كاهنة، وأكد أنه فيما يتعلق بالقداسة لا يمكن للمرأة أن يكون لها نفس علاقة الرجل مع الرب، أو كأن الرب لا يستطيع استخدام المرأة بنفس الطريقة التي يستعمل بها الرجل".


ويقول أحد شهود هذه الزيارة وهو باكستاني يدعى "أحمد الماوردي" كما جاء في تحقيق مجلة الحوادث اللبنانية في 27/10/1979:

"وقد سألت الأستاذة بالجامعة: أيهما أقسى على المرأة لبس الحجاب أم حرمانها من الأنوثة كزوجة وأم؟ ولماذا تهتمون في الغرب بالحرية الجنسية للمرأة المسلمة ولا تعترضون على تحريم الجنس نهائيا على مائة وخمسين ألف امرأة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وما لا يقل عن خمسة عشر مليونا في العالم؟ فلم تجد ما ترد به سوى أن الحالة الثانية تتم باختيار المرأة وإرادتها، فقلت لها: ولكن الحرية لا تكون مرة واحدة، بل لا بد من حق المراجعة، والبابا يرفض أن يحل أي راهب أو راهبة من القسم، وبعكس البابا "بول السادس" الذي أعفى عشرين ألفا لم يوقع البابا "جون بول الثاني" بالموافقة على طلب واحد حتى الآن، بل قال: "إن السلك الكهنوتي هو اختيار أبدي، فنحن لا نرد عطاء الله، الذي قال نعم لا يحب أن يسمع لا... ".


والبابا الحالي أيضا استمر على نفس النهج، وفرض حظرا على رسامة قساوسة من السيدات، فهل يلوموننا على أننا لم نمنح المرأة حق إمامة الرجال وخطبة الجمعة والتي هي ترتقي في سلك العلم الشرعي والتحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويؤخذ منها العلم، وتستفتى وتفتي عندنا؛ بينما حالهم بعد ذلك ما نرى؟!!

عجبًا؛ رمتني بدائها وانسلـَّت.

المصدر: ياسر عبد التواب - موقع صوت السلف
  • 0
  • 0
  • 4,695
  • أبو عبد الله

      منذ
    المشكلة الآن ليست فى النصارى وحدهم بل فى من يتسمون بالمسلمين ويسبون الدين وينالون مه وجزاكم الله خيرا على هذا الطرح الجيد للموضوع

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً