الوقف ... معطيات عمرانية

منذ 2016-01-20

هذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ومعطياته العمرانية.

يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية؛ كثر خيرها وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر.

وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب.

حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة؛ ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد؛ جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للمساهمة في كل مجالاته ومساراته.

حقائق؛ شهد بها أهل العلم والاختصاص، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية.

في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته " الوقف الإسلامي ودوره الحضاري"، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم.

وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ومعطياته العمرانية:

1. الوقف الإسلامي؛ كان النواة المعمارية للمدينة الإسلامية، وشواهدها حاضرة في جُلِّ المدن الإسلامية التاريخية في بلاد الشام والقاهرة واسطنبول والقيروان والجزائر وغيرها من حواضر العالم الإسلامي، وامتاز التطور العمراني الوقفي بالمتانة والجمال والإبداع.  

2. الوقف الإسلامي؛ امتاز بعمارته ومنشآته المتقنة ذات الجودة والأمان ، فالواقف أراد لوقفه أن يستمر عطاؤه ليستمر معه الأجر سنين متعاقبة، ولهذا كان يختار لعمارة الوقف أمهر المهندسين، وتلبيسها بأفخم الحجارة للمحافظة على المباني الوقفية على حالتها كما نراها اليوم بكامل روعتها وجمالها.

3. الوقف الإسلامي؛ حافظ على نمط البناء المعماري المحكم والذي يدوم مئات السنين، وحافظ على استقرار المدن بالأسواق، والمدارس، والمتاجر، والمرافق، وأسهم في تحسين وتطوير نوعية وجودة الخدمات للمنتفعين بها، وراعى تقديم المنفعة المباشرة للإنسان بجودة عالية وتميز ورقي.

4. الوقف الإسلامي؛ ساعد على تحويل قرى إلى مدن، وبوادي إلى حواضر، فكان قيام المسجد الجامع، ومرافقه، والمدرسة والمكتبة والسوق، نواة عمرانية تتسع تلك النواة مع الأيام لتُكون مدينة متكاملة، فالمنشآت الوقفية كان لها دور هام في ازدهار المدن، وتنميتها ومدن البلقان أكبر شاهد على ذلك.

5. الوقف الإسلامي؛ وفر المساجد، والمدارس، والكتاتيب، والأسبلة، والحمامات، والأسواق، والقناطر، والمكتبات، والمساكن، والمستشفيات، والأفران، والفنادق، والاستراحات وغيرها من المرافق الخدمية، وأوصل الجسور وشق الطرق وشق القنوات ووفر المياه لكل من يحتاجها.

6. الوقف الإسلامي؛ شكل مركز جذب للسكان من المناطق المجاورة للاستقرار والقدوم، كما حصل لصلاح الدين الأيوبي حينما أراد أن يحرر القدس ويساعد على شد الرحال لها بعد تحريرها من أيدي الصليبيين.

7. الوقف الإسلامي؛ مؤسسة مستمرة العطاء، إما بأصلها كالمدارس، والمشافي، والتكايا، والأسبلة، أو بريعها كإيجارات الأسواق والحمامات، والدور، والمساكن وثمار البساتين، التي تُصرف وفق ما اشترطه الواقف من أبواب الخير.

8. الوقف الإسلامي؛ شجع على التنقل، وأعطى الشعور بالأمان بما وفرته مؤسساته من شق الطرق، وتوفير المياه، وإقامة الاستراحات، وحراسة الطرق، وتشييد الدور والمساكن لنزول وإقامة المسافرين بالمجان لمن يحتاج إليها.

9. الوقف الإسلامي؛ وفر سبل الراحة للمسافرين وأبناء السبيل، والمنقطعين، فكانت النزل والتكايا تقدم المأكل، والمشرب والمنام، ووسائل النظافة والطهارة مع الحمامات التي انتشرت في المدن، وأماكن توقف واستراحة المسافرين.
10. الوقف الإسلامي له الدور الأكبر في الإنفاق على المنشآت كالمدارس ومرافقها الأساسية من سكن الطلبة وأساتذتهم، وتخصيص منح الطلبة المنتسبين للمدرسة، وهي كالأحياء الجامعية بكل متطلباتها، ووفر الوقف أجور المدرسين لضمان معيشتهم، وكفايتهم عن التفكير في أمر تدبير المعيشة لهم ولأسرهم.

عيسى صوفان القدومي

- بكالوريس - تربية 1987م . - ماجستير - دراسات إسلامية 1998م . - دكتوراه - التاريخ والفكر الإسلامي 2012م.

  • 1
  • 0
  • 4,213

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً