الأقصى لا مغارة اللصوص... علامة مجيء المسيح عليه السلام

منذ 2009-12-18

تنتشر في الأجواء منذ فترة ليست بالقصيرة وجهة النظر الصهيونية حول القدس وبيت الله الذي يسمونه بالهيكل..


تنتشر في الأجواء منذ فترة ليست بالقصيرة وجهة النظر الصهيونية حول القدس وبيت الله الذي يسمونه بالهيكل. وإن كان من المقبول رواج الفكرة الصهيونية بين اليهود وبين النصارى المتصهينين سواء كانت صحيحة أم لا فإنه من غير المقبول أن تلقى رواجا بين المسلمين، بل لعله من الأولى أن تكون هناك نظرية إسلامية في مقابل ذلك الباطل والله عز وجل يقول: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [سورة الفرقان: 33]. خاصة وأن القدس وبيت الله المسجد الأقصى قد نزعه الله من أيدي اليهود وحوله لأمة الحق، كما جاءت الإشارة إلى ذلك في مطلع سورة الإسراء. وذلك جزاءا وفاقا بما كسبت أيديهم، قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [سورة الإسراء: 4]، وهذه الآية تشير إلى حوادث عظيمة بين بني إسرائيل وأعدائهم من أمتين عظيمتين: حوادث بينهم وبين البابليين وحوادث بينهم وبين الرومانيين، فانقسمت بهذا الاعتبار إلى نوعين: نوع منهما تندرج فيه حوادثهم مع البابليين والنوع الآخر حوادثهم مع الرومانيين فعبر عن النوعين بمرتين لأن كل مرة منهما تحتوي على عدة ملاحم. (1)


{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا} [سورة الإسراء: 5]، فالمرة الأولى هي مجموع حوادث متسلسلة تسمى في التاريخ بالأسر البابلي انتهت بحرق الهيكل وبقيت أورشليم خرابا يبابا.


وأما الثانية: فهي سلسلة غزوات الرومانيين بلاد أورشليم، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [سورة الإسراء: 7]، ولم يعدهم الله في هذه المرة إلا بتوقع الرحمة {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} [سورة الإسراء: 8]، دون رد الكرة فكان إيماء إلى أنهم لا ملك لهم بعد هذه المرة. وكان ذلك بسبب قتلهم أنبيائهم وكفرهم بالمسيح ومحاولاتهم قتله وتدنيسهم لبيت الله، فضربهم الله الضربة القاضية بيد الرومان.


وهذ ما أخبرهم به سبحانه على لسان أنبيائهم وآخرهم المسيح عليه السلام وسبب ذلك أنهم قد غيروا وبدلوا ما رسمه الله لبيته ففي أرمياء (7/12) ولوقا (19/46) أن الله قال لهم: "بيتي جعلتموه مغارة لصوص"، هكذا كان حال الهيكل حين كان بين أظهرهم. ثم تنبأ لهم المسيح عليه السلام عنه قائلا: "لا يترك ها هنا حجر على حجر لا ينقض". فكان أن هدم الهيكل بعد ما يقرب من أربعين عاما من رفعه إلى السماء. وثم أكد لهم نزعه منهم وتحول ملكيته عنهم بقوله: "أما قراتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا و هو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه، ولما سمع رؤساء الكهنة و الفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم".


فهذا البيت هو حق أبناء إبراهيم عليه السلام الذين حفظوا وصاياه وحافظوا عليه،وهذا البيت الذي نزع من بنى إسرائيل وأعطاه الله لمن يقوم بحقه هو الذي سينزل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام على منارته البيضاء في آخر الزمان فقد ورد وفي الأحاد والمثاني (2/446) من حديث أبي أمامة أن المسلمين حين نزول المسيح يكونون «ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح» [ضعفه الألباني]، وأن نزول المسيح سيكون وقت صلاة الصبح. (2)

ولمسلم في الفتن (2937/110) من حديث النواس بن سمعان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه . فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله».


وبيت المقدس شرقي دمشق وهو سيكون معسكر المسلمين إذ ذاك ولفظ حديث النواس عند مسلم وغيره يقول: «شرقي دمشق» ، ولم يقل بدمشق أو في دمشق أو نحوه من ألفاظ فالجمع بين الأحاديث ممكن وهو الواجب. وإن لم يكن في بيت المقدس الآن منارة بيضاء، فما كان هنالك مسجد أو منارة بدمشق حين ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم لذلك، فلا بد أن تحدث منارة بالأقصى. (3)


وعن سمرة أن الدجال سيحصر المؤمنون في بيت المقدس حصرا شديدا فيصبح فيهم عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيهزمه الله وجنوده «وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى - أو تحيا - لشيخ من الأنصار، وإنه متى خرج فإنه يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح من عمل سلف، ومن كفر به وكذبه، فليس يعاقب بشيء من عمله سلف، وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالا شديدا، قال، فيهزمه الله وجنوده» [قال الألباني إسناده ضعيف]. (4)

وعن حديث حذيفة بن أسيد أن الدجال يأتي: «جبل إيلياء ـ (المراد به الجبل المحيط بمدينة القدس) ـ فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذين عليهم ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا. فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم فيقتل الدجال و يهزم أصحابه، حتى أن الشجر و الحجر والمدر يقول: يا مؤمن هذا يهودي عندي فاقتله» [رواه للحاكم (4/529- 530) وصححه ووافقه الذهبي وهو كما قال].

وفي حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعا: «وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون سرحا لهم, فيصاب سرحهم, فيشتد ذلك عليهم, وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد, حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر: يا أيها الناس, أتاكم الغوث -ثلاثا- فيقول بعضهم لبعض: إن هذا لصوت رجل شبعان, وينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام- عند صلاة الفجر, فيقول له أميرهم: يا روح الله, تقدم صل. فيقول: هذه الأمة أمراء, بعضهم على بعض. فيتقدم أميرهم فيصلي, فإذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته, فيذهب نحو الدجال, فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص, فيضع حربته بين ثندوتيه, فيقتله ويهزم أصحابه» . (5)


وقد ذكر نعيم بن حماد في الفتن بإسناده عن عبد الله بن عمرو موقوفا قال: نزول عيسى بن مريم ببيت المقدس. ونعيم ليس بالقوي.

وبالجملة فنزول المسيح عليه السلام متعلق بظهور سلطان المسلمين على بيت المقدس وعمرانه وبقاء الأقصى لا خرابه؛ أو إعادة بنائه إن وقع له مكروه نسأل الله السلامة له والعافية وتلك الرؤية هي ما دلتنا عليه الأحاديث والآثار وهي محض اجتهاد قابل للنقض والتعديل ولكن نرجوا ممن يتصدى لذلك أن يكون حذرا فلا يصح إنشاء استدلال مستقل من خلال نصوص أهل الكتاب إذ لا ثقة بها إلا ما وفق ما جاء به الوحي من القرآن والسنة الصحيحة، كما لا يصح استنتاج تواريخ من خلال نصوصهم لهذا السبب ولسبب آخر ربما لا يقف عليه والكثير وهو أن جميع علماء أهل الكتاب متفقين على أن التاريخ الميلادي متأخر عن التاريخ الحقيقي لميلاد المسيح بفترة تتراوح ما بين أربع إلى تسع سنوات وبعضهم يفهم من كلامه أن الاختلاف قد يصل إلى مائة عام نعم مائة عام.

كما ينبغي عليه أن يتحرى الدقة في تصحيح الأحاديث في ذلك الباب والأولى أن تكون لديه في نفسه الأهلية للتدقيق والتحقيق مع اعتماده على من سبقه من أهل العلم المعتبرين في هذا الفن.


وعلى كل فتلك بشرى حق في زمن تحتاج الأمة فيه من يبعث فيها الأمل. وحري بكل مسلم العمل على إيقاع تلك البشرى محل الواقع الأليم وإلا يستبد به اليأس من نصر الله فـ {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [سورة الحشر: 2].


----------

(1) راجع التحرير والتنوير في جميع ما أوردناه من تفسير لهذه الآيات.

(2) في إسناده عمرو بن عبد الله الحضرمي وثقه ابن حبان والعجلي وقد اختلف في صحبته ولم تثبت. وللحديث شواهد كثيرة. وقد أخرجه أيضا ابن ماجة (4077) ولكن وقع خطأ في إسناده ولذا أحلنا على الآحاد والمثاني.

(3) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (9/156): أن بعض العوام يقول: إن المراد بالمنارة الشرقية بدمشق منارة مسجد بلاشو خارج باب شرقي وبعضهم يقول إنها المنارة التي على نفس باب شرقي فالله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال : الأشهر في محل نزوله أنه بدمشق وقد وجدت منارة بزمننا سنة إحدى وأربعين وسبع مئة بحجفيض القدير (6/464).
قال السيوطي في تعليقه على سنن ابن ماجة : قال الحافظ بن كثير قد ورد في بعض الأحاديث أن عيسى عليه السلام ينزل ببيت المقدس وفي رواية بالأردن وفي رواية بمعسكر المسلمين فالله اعلم. قلت (أي السيوطي) : حديث نزوله ببيت المقدس عند المصنف وهو عندي أرجح ولا ينافي سائر الروايات لأن بيت المقدس هو شرقي دمشق وهو معسكر المسملين إذ ذاك والاردن اسم الكورة كما في الصحاح وبيت المقدس داخل فيه فاتفقت الروايات فإن لم يكن في بيت المقدس الان منارة بيضاء فلا بد ان تحدث قبل نزوله.

(4) في إسناده ثعلبة بن عباد ذكره ابن المديني في عداد المجاهيل ، ووثقه ابن حبان وصحح حديثه الترمذي، وابن خزيمة. فالحديث صالح في المتابعات والشواهد.

(5) ضعيف. رواه أحمد (4/216) في إسناد علي بن زيد بن جدعان .

المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 19,645

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً