فضائيات التنصير.. شيطان في كل بيت
منذ 2010-05-18
إن هؤلاء المنصرين لم يكلوا ولم يملوا من البحث عن وسائل جديدة تقفز فوق هذه الحواجز المانعة من الوصول إلى نفوس وقلوب أبناء الشعوب العربية والإسلامية ...
على الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته وما زالت تبذله الكنائس والمؤسسات التنصيرية طيلة العقود الماضية من أجل تحقيق هدفها الرامي إلى اقتلاع أكبر عدد ممكن من المسلمين وإدخالهم في العقيدة النصرانية إلا أن هذه المؤسسات بمختلف أشكالها ظلت مرتبطة في أذهان المسلمين بالاستعمار الذي سلبهم حريتهم واحتل أرضهم وأذاقهم الويلات فما كانت كل هذه الجهود التنصيرية لديهم إلا وسيلة من وسائل إحكام السيطرة وفرض الهيمنة وهو ما أوجد حاجزا كبيرا بين هذه الشعوب وبين هؤلاء المنصرين فكانت نتائج أعمالهم مع كل ما كلفت من أموال ضئيلة لا ترقى إلى ما كانوا يحلمون به ويتمنون.
وكعادتهم فإن هؤلاء المنصرين لم يكلوا ولم يملوا من البحث عن وسائل جديدة تقفز فوق هذه الحواجز المانعة من الوصول إلى نفوس وقلوب أبناء الشعوب العربية والإسلامية التي لم تقع أسيرة لكل المساعدات المالية والصحية والتعليمية التي قدموها لهم رغم فقرهم وعوزهم وحاجتهم لها حتى كانت هذه الثورة الإعلامية الهائلة التي كانت في نظر هؤلاء فتحا جديدا ربما يعوضهم ما فاتهم ويمنحهم ما يستيطيعون به اختراق النفوس والتأثير عليها.
الاهتمام بالإعلام
يعود اهتمام المؤسسات التنصيرية (حوالي ربع مليون مؤسسة) بالإعلام إلى زمن بعيد حيث حرصت ومنذ بدء نشاطها في المنطقة العربية والإسلامية على إصدار الكتب والمطبوعات والمنشورات إلى جانب الأنشطة التقليدية التي تمثلت في الخدمات الطبية عبر المستشفيات والمستوصفات والخدمات التعليمية من خلال المدارس والمعاهد والجامعات والبعثات العلمية فضلا عن الإغاثية حيث كانوا يقومون بتقديم الكثير من المساعدات الغذائية والحياتية لقطاعات كبيرة كانت تعاني من الفقر المدقع.
لكن هذا النشاط الإعلامي الذي كان يقوم به المنصرون لم يحقق المراد حيث كانت الشريحة المستهدفة منه هي الشريحة المتعلمة والمثقفة وهي شريحة في غالبيتها قد أوتيت حظا من العلم والمعرفة ووعي بالعقيدة الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف وهو ما كان مانعا لها من الوقوع في فخ التنصير الذي يحاول القائمون عليه أن يستغلوا الجهل بالدين كدعامة أساسية في أعمالهم.
لذلك ومع التطور الإعلامي الهائل سارعت المؤسسات الكنسية التنصيرية إلى بحث ودراسة كيفية استغلال هذا التطور للتخديم على أهدافها فعقدت خلال الثلاثين عاما الماضية عشرات المؤتمرات الإعلامية التي ضمت صحفيين وخبراء إعلام وأساقفة من كل أنحاء العالم حيث تبادلوا فيما بينهم أفضل هذه الوسائل وأقواها والتي يمكن بها توسيع مجال عملهم التنصيري.
الإذاعة والإنترنت
حرصت المؤسسات التنصيرية على أن تتواجد وبشكل مكثف عبر كل الوسائل الإعلامية فلم تتوانى عن إنشاء الإذاعات المحلية والدولية في محاولة لمخاطبة الشعوب والجماهير العريضة بلغاتها المحلية وهو ما ساهم بشكل كبير في إيجاد قنوات لتواصل البعض من منحرفي النفوس وضعاف الإيمان مع هؤلاء المنصرين وهو ما دفع هذه المؤسسات إلى إنشاء المئات بل الآلاف من هذه الإذاعات التنصيرية التي تبث برامجها من وإلى مختلف القارات والدول.
ولتحقيق ذلك فقد أنشأت المؤسسات النصصيرية العديد من الهيئات والمنظمات الإعلامية الإذاعية للمساهمة بشكل او بآخر في إنشاء هذه الإذاعات ومن بين هذه الهيئات الرابطة الكاثوليكية للراديو والتلفزيون في سويسرا والتي تبث وحدها نحو مائة إذاعة تنصيرية والاتحاد العالمي للاتصالات المسيحية في لندن والرابطة الدولية للإذاعيين المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية وجمعية التنصير العالمي بالراديو في أمريكا أيضا والهيئة التنصيرية العالمية في هونج كونج والاتحاد الفلبيني للإذاعيين الكاثوليك بتايلاند.
ولم تكتف المؤسسات التنصيرية بذلك بل إنها وبمجرد أن اتسع نطاق استخدام الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت" سارعت أيضا هذه المؤسسات التنصيرية (التي تمتلك نحو 100 مليون جهاز كمبيوتر تتبع 25 شبكة إلكترونية موزعة على الكنائس الكبرى في العالم) إلى استخدامها فأنشئت المواقع والصحف الإلكترونية وغرف المحادثات التي تخدم فكرة التنصير وتدعو إليها بالإضافة إلى قيام نشطاء التنصير بإنشاء المدونات الخاصة التي بلغ عددها عشرات الآلاف تسعى جميعها إلى الإيقاع بمستخدمي الشبكة العنبكوتية في براثن التنصير.
واستخدم التنصيريون عبر الإنترنت كل الوسائل المتاحة لديهم لتحقيق بعض النجاحات لأهدافهم المقيتة فعملوا على إغراء العديد من الشباب بالسفر والهجرة إلى أمريكا والدول الغربية تارة وبالزواج والارتباط بفتيات جميلات تارة أخرى فضلا عن منح العديد من المستجيبين منهم لدعوتهم مبالغ مالية لانتشالهم من الفقر والحاجة وغير ذلك مما يعد وسائل رخيصة تؤكد دناءة الدعوة والداعين لها.
ويؤكد الباحث السعودي تركي بن خالد الظفيري أن النشاط التنصيري الكبير على شبكة الإنترنت أثمر آلاف المواقع التنصيرية التي تفوق عدد المواقع الإسلامية بعشرات المرات فالإحصائيات تؤكد أن عدد المواقع التنصيرية تزيد عن المواقع الإسلامية بمعدل 1200% وأن المنظمات المسيحية هي صاحبة اليد العيا في الإنترنت حيث تحتل 62% من المواقع وبعدها المنظمات اليهودية أما المسلمون فيتساوون مع الهندوس في عدد المواقع والذي لا يزيد عن 9% من مواقع الشبكة.
فيما أجرت باحثة سعودية "إنعام محمد العقيل" دراسة أخرى في جامعة الملك سعود عن المواقع التنصيرية على شبكة الإنترنت وقسمتها إلى ثلاثة مواقع :
1. المواقع التي تدعو للنصرانية وذكرت منها 36 موقعا عربيا وأجنبيا.
2. المواقع التي تطعن في الإسلام وتدعو للنصرانية وذكرت منها 21 موقعا عربيا وأجنبيا.
3. المواقع التي تدعم نشر الكتاب المقدس وقراءته وذكرت 8 مواقع.
فضائيات التنصير
لا يستطيع أحد أن يشكك في أن القنوات الفضائية والتلفزيون بشكل عام يعتبر من أخطر الوسائل الإعلامية أثرا ذلك لأنه يجمع بين "الرؤية والصوت والحركة" مما يجذب الانتباه ويثير الحواس أكثر من غيره وهو ما كان الدافع الرئيسي وراء أن تحرص المؤسسات التنصيرية على أن تستغل القدرة على بث قنوات فضائية بلغات مختلفة والاستفادة من ذلك في إيصال رسالتهم الدينية المزعومة وهو ما يفسر وجود نحو 500 قناة فضائية وأرضية تنصيرية جديدة والتي من المتوقع أن تصل إلى نحو 1000 قناة بحلول عام 2025م بعد أن لاحظ هؤلاء مدى الانتشار السريع لهذه القنوات وتزايد أعداد المستمعين لها.
فقد أشارت الإحصائيات إلى أن المستمعين للمحطات التنصيرية بلغوا عام 1970م نحو مائة وخمسون مليون مستمع حيث كان عدد ساعات البث وقتها 25 مليون ساعة فيما بلغ عدد المستمعين لهذه المحطات عام 2001م نحو 619 مليون حيث بلغت ساعات البث 172 مليون ساعة في حين أنه من المتوقع أن يصل عدد هؤلاء المستمعين إلى 1300 مليون مستمع عام 2025م حيث ستصل عدد ساعات البث إلى 425 مليون ساعة.
التنصير بالعربي
على الرغم من أن المنصرين يهدفون في حقيقة الأمر إلى نشر العقيدة النصرانية في أنحاء المعمورة كلها إلا أن حلمهم الأكبر يظل هو تنصير المنطقة العربية والإسلامية إذ أنهم يعتقدون في قرارة أنفسهم أن الإسلام هو الدين الوحيد القادر على مقاومة الأبعاد الحقيقية لهذا التنصير والتي تستهدف بالأساس تسييد الرجل الأبيض واستعباد ما سواه وهي المقدمة الأولى لاستمرار استغلال ثروات وخيرات دول العالم النامي.
وانطلاقا من هذا فقد عملت المؤسسات التنصيرية ومنذ اللحظة الأولى لبدء التوسع في البث الفضائي عام 1991م على أن يكون لها قنواتها الفضائية الناطقة باللغة العربية والتي بلغت حتى العام الجاري 2009م نحو عشرة قنوات فضائية تتمحور برامجها جميعا حول الدعوة إلى النصرانية والتشكيك في الإسلام.
وتعد قنوات (سات 7 والحياة ونور سات ومعجزة والروح والمحبة والكرامة والشفاء) أهم القنوات التنصيرية الناطقة باللغة العربية حيث حققت لها وجود فعلي في أوساط الجماهير العربية المسلمة بل أضحت بعض برامجها برامج جماهيرية تحرص بعض القطاعات على متابعتها والتفاعل معها إما من باب الرغبة والفضول في التعرف على ما يردده التنصيريون أو وقوعا في فخ وشرك دعاوى هؤلاء.
وبطبيعة الحال فإن القنوات التنصيرية العربية تختلف نسبيا فيما بينها في الجرأة على الإعلان عن أهدافها الحقيقية حيث يتحدد هذا بناء على الجهة والمكان الذي تبث منه القناة غير أنها جميعا تتفق على أن رسالتها السامية هي نشر ما يسمى برسالة المسيح إلى كل العرب وهو العنوان العام الذي يعني ببساطة شديدة الدعوة إلى العقيدة النصرانية.
بانوراما فضائية
على الرغم من أن ظاهر أهداف هذه القنوات ينبأ عن أن رغبة ملحة تسيطر على المنصرين في تحويل العالم العربي والإسلامي إلى عالم نصراني إلا أن النظر والتأمل في طبيعة ظروف تأسيس ومنطلقات هذه القنوات ليلحظ سريعا أن ثمة تناقضات تسود العلاقة بين هذه القنوات إذ أن كل قناة من هذه القنوات تعبر عن توجه نصراني خاص ربما يختلف كليا أو جزئيا عن التوجه الآخر وهو ما يمنح المسلمين الفرصة في إمكانية المواجهة والرد.
فقناة المحبة (أجابي) والتي بدأت بثها في 14/11/2005 م يقوم عليها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر ويمولها رجال أعمال أقباط داخل مصر وفي المهجر تعلن أن من أهدافها نشر الوعي المسيحي عن طريق تقديم الرعاية الروحية والرعوية للأقباط في مصر والخارج وتكوين صلات ربط ووصل بين الأقباط في مصر والعالم فضلا عن نشر التراث القبطي للكنيسة من تاريخ ولغة وفنون وهو التراث الذي يختلف اختلافا كبيرا مع كنيسة روما.
وتأتي قناة الكرمة التي بدأت بثها من أمريكا منتصف أكتوبر 2005م وموجهة أيضا للعرب في أمريكا وكندا والمكسيك معبرة عن المنهج العقيدي الذي يتبناه مالكها وهو صمويل إستيفانوس رجل الأعمال المصري الأصل الذي هاجر إلى أمريكا.
وهو نفس المنهج الخاص بقناة الشفاء التي بدأ بثها في يناير عام 2005 إذ هي تعبر عن التوجه العقدي لملاكها وهم القس دبني حن الذي ولد في فلسطين من أم لبنانية وأب يوناني الأصل وشبكة تلفزيون TBN الذس أسسها الدكتور بول كراوتش مع زوجته "جات".
أما قناة سات 7 والتي بدأت بثها عام 1996م من قبرص باللغة العربية إلى البلاد العربية وبالفارسية لإيران وبالتركية لتركيا فقد اشترك في تأسيسها 25 مؤسسة وكنيسة نصرانية من البلاد العربية وأوروبا وأمريكا ومن أهدافها مؤازرة الفئات النصرانية المشتتة وتثبيتها في إيمانها وشهاداتها للمسيح وإتاحة الفرصة لمشاهديها لسماع الرسالة النصرانية بلغتهم المحلية .
فيما تعلن قناة الحياة (وضيفها الدائم زكريا بطرس) صراحة عن أن هدفها الأساسي هو مهاجمة الإسلام والتشكيك ودعوة المسلمين إلى النصرانية وترك الإسلام وهي الأهداف التي حرصت القناة على تحقيقها منذ بدأت بثها من قبرص في الخامس عشر من سبتمبر عام 2005م.
كما ترفع قناة نور سات وهي قناة مارونية بدأت بثها الأرضي من لبنان عام 1991م والفضائي عام 2003م ويشرف عليها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان شعار "الوطن لبنان" وهي كما هو واضح من شعارها تستهدف بالأساس المجتمع اللبناني واللبنانيين المقيمين خارج لبنان.
وأخيرا تأتي قناة معجزة التي تبث من النرويج على مدار 12 ساعة وهي موجهة للبلاد العربية والشرق الاوسط وأوربا فهي تعتمد في دعوتها للتنصير على إظهار معجزات المسيح بهدف التأثير النفسي والعاطفي على الشرائح المستهدفة.
المصدر: أسامة الهتيمي - موقع رسالة الإسلام
- التصنيف: