مشاعر ... ولَّادة

منذ 2016-05-13

قديمًا قالوا ذلك عن الطاعة والمعصية وكيف أن كلاً منهما يتوالد ويجلب المزيد من رفاقه، والحقيقة التي أعتقدها أن أصل ذلك هو توالد المشاعر المؤدية لتلك الطاعة أو المعصية، مثلًا مشاعر الحقد والكراهية إذا نبتت بذرتها في قلبك وتركتها برهة دون مراجعة وضبط ومحاسبة للنفس وتساؤل عن كُنه تلك المشاعر وهل هي تدخل في حيز البغض في الله والبراء من أعدائه أم أن الهوى والأسباب الدنيوية قد تسربت إليها = فإن هذه المشاعر لا محالة ستتوالد وربما تنقسم ذاتيًا وتتكاثر بشكل مريع يجعلك بعد حين تكاد تنكر قلبك ولا تعرفه وقد علاه سواد الحقد واستشرت فيه ظلمات الغل والكراهية.

على فكرة: المشاعر ولَّادة.

أعني أنها ببساطة تتكاثر وتتزايد بمجرد تواجدها وترك العنان لها، وأيضًا بالتواجد في بيئات تنتشر فيها تلك المشاعر (الولَّادة).

قديمًا قالوا ذلك عن الطاعة والمعصية وكيف أن كلاً منهما يتوالد ويجلب المزيد من رفاقه، والحقيقة التي أعتقدها أن أصل ذلك هو توالد المشاعر المؤدية لتلك الطاعة أو المعصية، مثلًا مشاعر الحقد والكراهية إذا نبتت بذرتها في قلبك وتركتها برهة دون مراجعة وضبط ومحاسبة للنفس وتساؤل عن كُنه تلك المشاعر وهل هي تدخل في حيز البغض في الله والبراء من أعدائه أم أن الهوى والأسباب الدنيوية قد تسربت إليها = فإن هذه المشاعر لا محالة ستتوالد وربما تنقسم ذاتيًا وتتكاثر بشكل مريع يجعلك بعد حين تكاد تنكر قلبك ولا تعرفه وقد علاه سواد الحقد واستشرت فيه ظلمات الغل والكراهية.

ونفس الأمر بالنسبة لمشاعر العشق والهيام إن لم يتم توجيهها وتأمل طبيعتها وضبطها، فستجد ذلك الانغماس المفرط في هيام الرومانسية لأجل الرومانسية نفسها وعندئذ لا تعجب حين تلحظ ذلك الهروب الواضح من الواقع لأجل التحليق الحالم بين سحائب الأوهام بأجنحة الخيال عبر علاقة عابرة أو حتى رواية سطحية أو فيلم تافه طمعًا في الوصول للمزيد من تلك المشاعر الناعمة المتكاثرة فهي ببساطة = ولَّادة.

الجرأة والإقدام أيضا يتكاثران ذاتيًا كلما ارتقى المرء سلمهما = كلما رخصت الدنيا في عينيه وبات أكثر استعدادًا لتحمل كلفة الحق.

كذا الجبن والخور كلما هبط المرء إلى دركهما تدنى أكثر فأكثر وتشابكت أشواك الخوف لتصنع المزيد من الحواجز الكثيفة التي تحول بين الإنسان وبين الإقبال على كثير مما ينبغي أن يقبل عليه وهنا يتمكن الشيطان من ممارسة وظيفة مفضلة لديه وهي وظيفة التخويف {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران:175] لكن البداية تكون بتلك النبتة التي سمح لها المرء أن تتكاثر وتتوالد فهي كغيرها من المشاعر = ولّادة.

من هنا تستطيع أن تفهم طبيعة تلك التغيرات التي تطرأ على بعض الخلق وتذهب بهم من جهة إلى أخرى وترحل بهم من الشيء إلى ضده ونقيضه.

تفهم أن هناك دومًا أملاً في التغيير للأفضل وأنه مهما قحلت تربة نفسك فإن هناك إمكانية لاستصلاحها وإعادة غرس النبت الطيب فيها بشرط رعايته وتوفير البيئة الصالحة لتكاثره وتوالده فكما قالوا الحسنات ولَّادة 
وكذلك السيئات ... والسوءات!

ومن هنا أيضاً تفهم كيف تظهر على بعضهم ابتداءً خصال الطيبين وتطل من معاملاته نعوت الصالحين لكنَّ تركهم لبذرة الشر تنمو بداخلهم وإصرارهم على المكث في بيئة تحفز نمو تلك المشاعر وتكاثرها أو توالدها = يطمس تلك الخصال الصالحة رويداً رويدًا ويحولهم تدريجياً إلى كائنات ممسوخة مشوهة تعلو أركانها مع مرور الوقت تلك السجايا التي استنشقوها وتخللت طباعهم وتكاثرت فيها ذاتيا وتوالدت واستدعت المزيد من أخواتها فجعلتهم على تلك الحال التي قد تدهشك وإذا بك بعد حين تفاجأ بهم وبأنك لا تكاد تتعرف عليهم وتعرفهم.

أو أنك في الحقيقة لم تكن يومًا تعرفهم ولا تعرف بوجود تلك المشاعر التي طفحت فجأة على سطح شخصياتهم بعد أن تكاثرت وتوالدت فهي كما قلت لك وكررت: مشاعر ... ولَّادة.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 808

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً