أعتذرُ

منذ 2016-06-08

أعتَذِرُ أنّي ما فَهِمت.. أن الوُريقة الخَضراء الناعِمة.. ستشيبُ لا مَحالة.. سَيُكسَر عنقها.. سَتَسقُط لا مَحالة.. سَتَنزِف روحها..تحتَ شَجرة.. على قارعة الطَّريق.. أو فَوق قُضبان قِطار مُغادِر.. لمدينة أخرى.. لزمنٍ آخر.. لِبقعة أخرى.. ما زال فيها بَعض الحياة..!

وأعتذر عن كُل تِلك المَرّات التي اقتَرَبتُ فيها.. وكان يَجِبُ أن أبتَعِد..!

وعَن كُلّ تلك الحِكايات التي قَصَصتُها.. حين كان يَجدُر بِيَ الصَّمت..!

وعَن كُلّ لَوحة رَسَمتُها.. من قطرات المَطَر المُتساقطة فَوق النافِذة..!

وعَن كُل إشراقٍ تَعَجَّلتُه.. دونَ أن أَفطِن لِسِحرِ السَّحَرِ..!

وعَن كُلِّ مَرّة شَكَوتُ فيها مَرارة القَهوة.. وخادَعتُ نَفسي بِحلاوة السُّكَّر..!

وعَن تلك المَرّات التي تَمَسَّكتُ فيها بالحافّة.. حين كان كُلّ ما يقتضيه الأمر.. أن أُفلِت أصابعي..!

وعَن كُلّ مَرّة كانت ملامِح وَجهي فيها لي .. وكان الباطِنُ لآخَر..!

أعتَذر عن خِنجَرٍ.. طَعَنَ قَلبي حتى حَشرجة الموت.. قبل أن يطعن ظَهرَك..!

أعتَذِرُ أني كَرِهتُ الخَريف.. وأحبَبتُ الشَمسَ والبَحر واخضرار الرَّبيع..!

أعتَذِرُ أني طَلَبتُ الهواءَ في لحظات الاختناق.. وتَمَسَّكت بِرَغبة مَلغومة في الحياة..!

أعتَذِرُ أني تَمَلَكَّني الفُضول.. أن أرى الرِياض رأيَ العين.. أن أَتَنَفَّس أريجَ الزهور.. وأن أرقُبَ النَّجمات لَيلاً..!

أعتَذِرُ أنّي ما فَهِمت.. أن الوُريقة الخَضراء الناعِمة.. ستشيبُ لا مَحالة.. سَيُكسَر عنقها.. سَتَسقُط لا مَحالة.. سَتَنزِف روحها.. تحتَ شَجرة.. على قارعة الطَّريق.. أو فَوق قُضبان قِطار مُغادِر.. لمدينة أخرى.. لزمنٍ آخر.. لِبقعة أخرى.. ما زال فيها بَعض الحياة..!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

بسمة موسى

مهتمة بالقراءة في مجالات مختلفة والمجال الأدبي خاصة بفروعه المختلفة

  • 1
  • 0
  • 1,433

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً