زيارة بابا الفاتيكان إلى قبرص .. قمة الانحياز والنفاق
التقط بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، أحجارا ، وألقى بها على المسلمين ، وهو متلبس بالخطيئة ، بينما كانت عبارات شاردة ، وناشزة عن السياق العام لخطابه ، حول المحبة والأخوة مع المسلمين .
التقط بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، أحجارا ، وألقى بها على
المسلمين ، وهو متلبس بالخطيئة ، بينما كانت عبارات شاردة ، وناشزة عن
السياق العام لخطابه ، حول المحبة والأخوة مع المسلمين . أو حول ضرورة
إيجاد حل لقضية ( الشرق الأوسط ) . لقد عبر بابا الفاتيكان عن انحيازه
ضد المسلمين عدة مرات ، منها زيارته السابقة للمنطقة ، والتي عبر فيها
عن سعادته بعودة اليهود ( إلى أرض أجدادهم ) ، وهدم بذلك كل ما قاله
عن السلام والتعايش وغيرها من القيم . ومنها زيارته الأخيرة إلى قبرص
التي أعرب فيها عن قلقه حول مصير الأقليات النصرانية في ، الشرق
الأوسط .
الانحياز البابوي :
لم يكن بابا الفاتيكان عادلا في زيارته ، فقد وجهت إليه الجمهورية
القبرصية التركية ، دعوة لزيارتها عن طريق رئيسها المنتخب ، يوسف
سوايتشماز ، لكنه رفض الزيارة ، بينما قبل زيارة قبرص اليونانية .
وهناك استمع لتهجمات شديدة على تركيا ، ولم يرد سوى بقوله " ليحمي
الرب قبرص " كما لو أنه يؤمن على ما سمع ، وهو الذي يرفض حتى الآن
مبدأ قبول تركيا في الاتحاد الاوروبي .
لقد تكررت كثيرا خطايا بابا الفاتيكان بحق الإسلام والمسلمين ، ففي
الوقت الذي يدعو فيه المسلمين حينا ، ويلومهم حينا آخر على خلط ،
الدين بالسياسة ، يمارس السياسة بمعتقدات القرون الوسطى ، وبروح
أوربان ( بابا الفاتيكان المحرض على الحروب الصليبية ) ، ويحض أوربا
على النسج على نفس المنوال ، وهو ما نشاهد مظاهره في العديد من الدول
الأوروبية ، وسياساتها حيال الإسلام والمسلمين ، من قوانين الهجرة
والتجنيس ، إلى التضييق على المظاهر الإسلامية كالحجاب والنقاب ، فضلا
عن فرص العمل التي أصبحت متعذرة على المسلمين ، حتى من ولد منهم في
أوربا ولا يعرف له وطنا سواها .
لقد كانت زيارة بنيديكت السادس عشر، رايتسنغر ، سابقا ، استجابة لدعوة
من الرئيس القبرصي اليوناني ، ديميتريس كريستوفياس ، من أجل دعوته
للمساهمة بقسط أكبر مما هو حاصل في " الضغط على تركيا " لإنهاء ما
وصفه ب " الاحتلال ". وكانت تركيا قد تدخلت عسكريا عام 1974 م لوقف
المجازر وعمليات التطهير العرقي بحق الأتراك في المنطقة . ولم يعتبر
بابا الفاتيكان تصريحات الأسقف كريسوستوموس الثاني ، رئيس الكنيسة
الأرثذوكسية في قبرص اليونانية ، خلطا بين الدين والسياسة عندما ،
تهجم على تركيا واتهمها بما وصفه ب "التطهير العرقي" في قبرص التركية
.
بابا الفاتيكان ونصارى الشرق :
يبدي بابا الفاتيكان اهتماما كبيرا بنصارى الشرق الذي تقول بعض
المصادر الكنسية وغيرها أنهم يتعرضون للانقراض ، بسبب السياسات
الغربية ، التي زرعت الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي ، وإثارة
الفتن والحروب في المنطقة ، ولاسيما في لبنان ، والعراق ، وغيرها .
ولعبة نصارى الشرق ، هي إحدى الأوراق القديمة الجديدة للقوى
الاستدمارية الغربية ، فقد احتلت فرنسا الشام وساهمت في تقسيمه مع
بريطانيا بحجة حماية نصارى لبنان سنة 1920 م . ولم تكن فرنسا في ذلك
الحين دولة دينية ، وإنما لائكية ، كما تزعم حاليا .
لقد كانت زيارة بابا الفاتيكان إلى قبرص وترأسه اجتماعا دينيا مسيسا
حضره 10 آلاف شخص ، تدشين لمرحلة جديدة من خلط السياسة الغربية بالدين
، فقد سلم بطاركة الشرق الكاثوليك ( وثيقة عمل ) تتضمن نقاطا أساسية
حول وضع النصارى في الشرق ، وعلاقتهم بمحيطهم . وهي الوثيقة التي
ستناقش في الأبريشيات النصرانية كافة ، وتحمل عنوان " آلية العمل " أي
خطة للتنفيذ على المستوى السياسي والكنسي والاقتصادي والثقافي
والاجتماعي . وهي الخطة التي ستناقش أيضا في المؤتمر الذي سيعقد في
أكتوبر القادم بحضور بطاركة من الشرق .
ومن المتوقع أن يدخل الفاتيكان ، تعديلات على الوثيقة لتتساوق
والاستراتيجية الغربية السياسية في منطقتنا . وقد تباكت الوثيقة على
"الخسارة "التي ستنجر على انقراض النصارى من البلاد الإسلامية سواء
بسبب الاحتلال الصهيوني ، أو القلاقل التي يتسبب فيها الغرب بالمنطقة
. ورغم إقرارنا بأن الكثير من نصارى الشرق وطنيون وقوميون ، إلا أن
بعضهم وكما أثبتت وثائق استخبارية ، وأشرطة وثائقية ، متورطون في
العمالة ، والتجسس ، ويمثلون مخلب قط للأعداء التاريخيين للأمة ، سواء
كانوا صهاينة ، أو قوى استعمارية معروفة .
الإسلام ووثيقة العدوان :
لقد عبرت الوثيقة ، عن عداء واضح للصحوة الإسلامية التي تقود التغيير
الشعبي ، في أوساط الأمة ، مما يوحي بأن الإشارات إلى الاحتلال
الصهيوني ، وغيرها من النقاط التي يمكن أن ينظر إليها البعض بايجابية
، ليست سوى الشجرة التي تخفي الغابة ، أو قطعة الرخام التي تغطي القبر
المتعفن . ففي الوقت الذي دعت فيه الوثيقة نصارى الشرق للاتحاد
ليلعبوا دورا في المنطقة التي مزق أوصالها الصراع ، كما جاء في
الوثيقة ، أعربت عن قلقها مما وصفتها ب " تصاعد الإسلام السياسي " وأن
" النصارى يعانون في الدول التي لا يميز مسلموها بين الدين والسياسة "
مما يعني أن الاستراتيجية الغربية تهدف للقضاء على هذا المقوم الأساسي
والاستراتيجي لبقاء الأمة وقدرتها على الرد على أي عدوان .وردد بابا
الفاتيكان قوله بأن " زوال النصارى سيشكل خسارة للتعددية التي تتسم
بها منطقة ، الشرق الأوسط ، منذ الأزل " .
هذا الفاتيكاني الذي يشير للتعدد في الشرق ، هو الذي لا يزال يكرر
وباستمرار دعوته للحفاظ على " نقاوة أوربا " ولم ينس بابا الفاتيكان
أن يتحدث عن دور نصارى الشرق في مساعدة الاحتلال الأوروبي للمنطقة
واصفا ذلك الدور بأنه " دور لا يقدر بثمن " كما كذب عندما تحدث عن
وجود معاناة لنصارى الشرق وتمييز ضدهم ، من باب رمتني بدائها وانسلت .
أما الوثيقة فقد اعتبرت وجود النصارى في بلادنا ، نوع من التنصير
الصامت . ونقلت صحيفة " الديلي تلغراف "عن الفاتيكان قوله " إن نصارى
الشرق يعانون تجاهل المجتمع الدولي "وقالت إن "بابا الفاتيكان دعا إلى
بذل الجهود الدولية العاجلة والمتضافرة من أجل حسم التوترات المستمرة
" .
ويقدر الفاتيكان عدد نصارى الشرق على مختلف دياناتهم ب 17 مليون نسمة
بما في ذلك مصر وإيران . لكن أخطر ما في الوثيقة إشارتها إلى ما وصفته
ب " الإسلام السياسي في المجتمعات العربية وتركيا وإيران .. وهو تهديد
لكل من المسلمين ، والنصارى ، على حد سواء " كما شكت الوثيقة
النصرانية السياسية من " عدم وضوح الخط الفاصل بين الدين والسياسة في
الدول الإسلامية والذي غالبا ( حسب تخرصهم ) ما يكون سببا في محاولة
اعتبار ، النصارى ، غير مواطنين " وهي فرية جديدة أشبه ما تكون بتلك
الفرية المماثلة التي بررت بها الحروب الصليبية الهمجية التي لم يعرف
لها التاريخ مثيلا .
الإسلام وتخرصات بابا الفاتيكان :
لم نعثر على ردود علمية أو سياسية أو غيرها على تخرصات بابا الفاتيكان
في قبرص ، سوى ( السطور السابقة ) ورد لرئيس علماء فلسطين الشيخ حامد
البيتاوي ، اعتبر فيه تصريحات ، رايتسنغر ، تطاول على الإسلام ، ورد
على مزاعمه بأنه " لا يقر بحقوق النصارى الدينية ، ولا بحقوقهم
الإنسانية ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط ، بسبب ما وصفه ب "
الثيوقراطية الإسلامية " ( حكم رجال الدين ) وما وصفه أيضا ب " سيطرة
الأفكار الدينية على الطبقات السياسية الحاكمة " ؟!!!
وقال الشيخ البيتاوي " نحن ندين هذه التصرفات وهذه التهجمات ، فهي
تصريحات مردودة على قائلها وكلها تقطر عنصرية وتحريض وتنم عن جهله
بطبيعة الإسلام الذي أكرمنا الله به " وتابع " كان من المفروض من
شخصية دينية كاثوليكية لها مركزها أن تتحاشى التحريض والعنصرية في
تصريحاتها ، وأن لا يتهجم على دين يزيد عدد أتباعه عن مليار ونصف
المليار نسمة ، وكان عليه أن يساهم في جمع الكلمة لا الفتنة والتفريق
بين بني الإنسان " . وطالب الشيخ البيتاوي بابا الفاتيكان بالاعتذار
وقال " عدد النصارى في نابلس 500 فرد ولديهم 10 كنائس ولم يسبق
للمسلمين ولا سيما في الشرق أن اعتدوا على كنيسة " ووصف تصريحات بابا
الفاتيكان بأنها " تهدف لإحداث فتنة طائفية جديدة ، وهو داعية فتنة "
واستشهد الشيخ البيتاوي بفتح المسلمين للقدس ، وكيفية معاملة أهلها ،
وهي معاملة راقية لم تشهدها المدينة المقدسة في تاريخها من السبي
البابلي مروروا بالحروب الصليبية وانتهاء بالعدوان الاستيطاني
الصهيوني في فلسطين . وأكد الشيخ البيتاوي على أن الاسلام نظام متكامل
شامل فيه العقيدة والشريعة والعبادة والنظام السياسي والاقتصادي ونحن
نعتزبذلك . وقال إن الأناجيل الموجودة ليس فيها نظام حياة ، وهي أشبه
بسيرة مبتسرة لحياة سيدنا عيسى عليه السلام . واتهم بابا الفاتيكان
بتحويل الأنظار عن الجرائم الصهيونية في فلسطين والمنطقة ، وجرائم
الشذوذ الجنسي في كنيسته ، إلى حرب الإسلام والمسلمين .
2/7/1431 هـ
- التصنيف: