شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - 56 - التـــــوقيــــــف ....!!
تقــــــــــول صـــــــاحبتنــــــــــا :
ما إن تيقنا أن الشرطة - حقا - في المكان ، حتى أسرعت كل منا إلى كامل التستر في لا زمان ...!!
ومن أعجب الأمور التي لم تنمحِ من الذاكرة، سرعة انصراف نساء المبني من عندنا بصورة هادئة و عاجلة ...!!
فقد كانت أحذيتهن أمام الباب كومة عظيمة، حتى إني حين رأيتها قلت في نفسي سيحدث عند انصرافهن - ولابد - أحداث أليمة ...!!
ستبحث كل منهن عن نعليها، وقد يحدث خلط فيما قد تلبسه في قدميها ...!!
والعجب أنهن انصرفن في لا زمن، والضجيج المنتظر حال انصرافهن عُدم ...!!
سبحان الله ! كيف حدث ذلك لا أدري ؟! إلا أن هذا الأمر لم ينمحِ حتى الآن من فكري ...!!
ورغم ما أصاب قلوبنا، والفزع الذي جلل نفوسنا، إلا أننا أجمعنا على رأي واحد :
وهو أن نحاول التفاوض مع أكبر ضابط ...!!
ففتحنا للشرطة الباب، ووقفنا متأهبات للنقاش وللخطاب ...!!
دخل بعض المحارم مع الشرطة، وكان المكان في اضطراب عظيم و فوضى ...!!
قال ضابط من الرجال: أرجو أن تجمعن أمتعتكم في الحال؛ ستأتي السيارات بعد قليل، لتحملكم إلى جدة استعدادا للرحيل ...!!
قلنا برجاء: فضلا فضلا ...اتركونا لأداء الفريضة، وخذوا ما شئتم من أموال مفروضة ...!!
قال رادا لرجائنا: نحن نطيع ولاة أمورنا، وقد أمروا بترحيلكم من هنا ...!!
فلا نقاش يا قوم، قد قُضي وانتهى الأمر ...!!
قالت بعض الأخوات يتوسلن إليه باكيات: كيف تصدوننا عن البيت الحرام، أهذا حلال أم حرام ...!!
قال بغضب وتغيظ: يا أختنا أنا محض عامل أنفذ ...!!
قالت إحدانا: والله لقد شق علينا الحضور إلى الحج بطريق مشروع أو مقبول، فكم و كم غُدر بنا في بلدنا، وكم من مرة أكل بعضهم باسم الحج بالباطل أموالنا ...!!
قال وهو يتأسف وبغيظ يتميز: نحن عندنا سيف لمن يأكل الأموال بلا حق ولا كيف ...!!
قلنا متوسلين: ألا تتركنا، وتغض الطرف عنا، عسى ربك أن يرحمك، و يجزيك الجنة إن إيانا تركت ...!!
قال بحزم: والله لا أفعل، إلا ما وُكلت به من أمر؛ فأنا أتقرب إلى الله بعدم معصيتي الولاة ...!!
وأتم واعظا لنا :
ثم إن ولي أمركم وحاكم بلدكم طلب إلينا أن نردكم، فما لكم تعصون الإله ولا تطيعون أمر الولاة ...!!
والحق أني كنت أجلس بعيدة عن دائرة الحوار، فلما سمعت ما قال ، تيقنت فقه الرجل في الحال، و يئست من قبوله تركنا أو أن يغض الطرف عن وجودنا، فهو يفعل ما يفعل تديّنا، وهذا من حظنا وما قدره الإله لنا ...!!
فجرت دموعي بيئس، وسألت الله الرضا للنفس ...!!
فقد وقعت الواقعة فليس لها من دون الله دافعة فضلا عن مانعة أو رافعة ...!!
واتجه فكري صوب الكعبة، كيف السبيل إليها لآخر مرة ...!!
مهلا مهلا :عنّ لي ساعتها أمر: أليس طواف الوداع على مثلنا كالحتم ...!! (1)
و.... يتبــــــــــــــــع .
-------------------------------------------------------------
(1)- لأني اعتقد بوجوب طواف الوداع على المعتمر
سئل الشيخ العثيمين - رحمه الله تعالى - :
س 535: ما حكم طواف الوداع للمعتمر؟
الجواب: طواف الوداع للمعتمر إذا كان من نيته حين قدم مكة أن يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، ويرجع فلا طواف عليه، لأن طواف القدوم صار في حقه بمنزلة طواف الوداع، أما إذا بقي في مكة فالراجح أنه يجب عليه أن يطوف للوداع وذلك للأدلة التالية:
أولاً : عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت))
و (أحد) نكرة في سياق النهي فتعم كل من خرج.
ثانياً: أن العمرة كالحج بل سماها النبي صلى الله عليه وسلم حجّاً كما في حديث عمرو بن حزم المشهور،
الذي تلقته الأمة بالقبول قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والعمرة هي الحج الأصغر)).
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)).
رابعاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليعلى بن أمية: (( اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك))
فإذا كنت تصنع طواف الوداع في حجك فاصنعه في عمرتك، ولا يخرج من ذلك
إلا ما أجمع العلماء على خروجه مثل الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، والمبيت بمنى، ورمي الجمار،
فإن هذا بالإجماع ليس مشروعاً في العمرة.
ولأن الإنسان إذا طاف صار أبرأ لذمته وأحوط. والله الموفق.
http://www.ibnothaim....le_18010.shtml
- التصنيف:
- المصدر: