شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - 73- عمــــرة وحمـــل !!
كانوا يطوفون في السفينة، ويتجالسون في استراحتها بدَعة وسكينة، أما الأخوات فكن لبعضهن زائرات، وفي حالهن منشغلات !!
تقـول صاحبتنا:
مرت باقي أيامنا على متن السفينة في هدوء وسكينة، كان جميع أفراد الرفقة، يتبادلون الزيارات يتمتعون بالخلطة؛ توطدت أواصر الصداقة بين المحارم، وظلوا يتمازحون بمزاج سالم، وكان أبي بادي البِشر بصحبتهم، وصارت كلمتي:"اصبر واحتسب" مزحتهم!
فكان أبي ينادي على أصغرهم سنّا، فلما يأتي إليه عدوا يظن أنه في حاجته، ثم يفاجأ بأن أبي ما أراد إلا ممازحته ( اصبر واحتسب ) فقط يقول له !!
كانوا يطوفون في السفينة، ويتجالسون في استراحتها بدَعة وسكينة، أما الأخوات فكن لبعضهن زائرات، وفي حالهن منشغلات!!
بينما لازمتُ فراشي كل الوقت، حتى عارضني أبي وأمي وكل أحد؛ كانوا يحثونني على التجوال في السفينة، أوالاجتماع بالأخوات في جلسة حميمة!!
وقد رأوا جميعا كم ساءت حالتي؛ وفقدت أوكدت جميع قوتي؛ فكنت موضعا لشفقة الجميع، وقد بدا عليّ تدهور مريع، فكانت الأخوات يتفقدنني؛ وعلى صحبتهن يوما أجبرنني، ثم أخذن يطوّفن بي في الطرقات؛ لنتفقد ونحيي جميع الرفيقات، وبالفعل كنا نزورهن؛ نحيهن ونطمئن على حالهن.
وفي الأخير: أجلسنني في مقصورة تضم بعض المقربات، نتناقش ونتمازح ونتبادل القصص والحكايات، ثم تحلقن في حلقة للتلاوة، وطلبت مني معلمة القرآن القراءة مجودة بطلاوة، فحاولت التعذر، إلا أنها لم تقبل، فلما شرعت أقرأ وردي؛ شرعت - حفظها الله - تصوّب لي!! فلما أتممت توجهت إليها وقلت: سبحان الله !! لم كلما قرأت لنفسي ظننت أن صوت الشيخ فلان يشبه صوتي!!
فأغرقن جميعا في الضحك، وعقبت المعلمة: هذا بنيتي محض وهمك!!
- ثم قالت إحداهن: انتهى وقت المسح على الجوربين، ولم أتذكر إلا بعد أن صليت فرضين ؟
- فسألتها: وما فعلتَ ؟
- قالت: لا شيء !!
- قلت لها: سبحان الله! كان عليك إعادة الوضوء والصلاة!!
- قالت بعجب شديد: أولم يرفع الله القلم عن المخطئ الناسي(1) إذن فلم أعيد!!
- قلت: نعم الإثم مرفوع بالخطأ أوالنسيان، بينما مازالت ذمتك منشغلة ويلزمك الفرضان(2) !!
فأقرتني الرفيقات بجد بعد أخذ ورد وقليل من النقاش والسرد!!
- ثم أخذن يمازحنني : هنيئا لك يا أخت، كلنا عدنا بعمرة فقط، بينما زادك الله بحملِ لولد!!
ويتبـع .
----------------------------------------------------------------
(1)- « » (صحيح ابن ماجه رقم: [1675] )
(2)- قال الشيخ العثيمين في شرحه للحديث التاسع والثلاثين التجاوز عن الخطأ والنسيان
في شرح: ( أحاديث الأربعين النووية): الفصل الأول: في الخطأ والنسيان: (الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئًا فيصادف فعله غير ما قصده مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلمًا والنسيان أن يكون ذاكرًا لشيء فينساه عند الفعل وكلاهما معفو عنه يعني أنه لا إثم فيه ولكن رفع الإثم لا ينافي أن يترتب على نسيانه حكم كما أن من نسي الوضوء وصلي ظانا أنه متطهر فلا إثم عليه بذلك ثم إن تبين له أنه كان قد صلى محدثا فإن عليه الإعادة... ) انتهـى .
- التصنيف:
- المصدر: