تطور خطير في مواجهة التنصير

منذ 2010-07-27

من قريب نشبت المناظرة بين أبرز المدافعين عن حمى الدين في مواجهة المد النصراني القبطي تحديداً وهو "الشيخ وسام عبد الله" وبين أرفع درجة علمية عند النصارى الأقباط في الدفاع عن كتابهم وهو "القمص عبد المسيح بسيط"..



من قريب نشبت المناظرة بين أبرز المدافعين عن حمى الدين في مواجهة المد النصراني القبطي تحديداً وهو "الشيخ وسام عبد الله" وبين أرفع درجة علمية عند النصارى الأقباط في الدفاع عن كتابهم وهو "القمص عبد المسيح بسيط"، وكان الحدث ضخماً، دل على ذلك الآلاف التي حرصت على الحضور والاستماع المباشر للمناظرة مع محدودية الدعاية وضعفها قبل المناظرة، ودل على ذلك طول المناظرة (أكثر من خمس ساعات)!!

ما انتهت المناظرة حتى صاح النصراني الأكاديمي المتخصص صاحب أعلى الشهادات بأنه لا يواجه فرداً وإنما يواجه جيشاً (فريقاً) من المسلمين، ولم يكن يواجه فريقاً، وإنما فرداً واحداً. وكذبا يتكلم، أنطقهُ الفزعُ !!


وما انتهت المناظرة حتى برز من الطرف الإسلامي ثلة تُهَدْهِدْ القمص كي يتشجع ويخرج لمناظرتها، وراح يتعلل بالشغل، ثم يعد بالترتيب للمناظرات بعد شهور من الآن!!

وما انتهت المناظرة حتى برز في الطرف الإسلامي من يتكلم العبرية، ويعرف اليونانية، فضلا عن الإنجليزية، ومن يتكلم في مسائل دقيقة جداً تَبَيَّنَ أن كثيراً من قساوسة النصارى لا يسمعون عنها، أعني (النقد النصي) تحديداً.

هؤلاء الذين أوجعوا أكبر المختصين في الدفاع عن عقيدة النصرانية حتى صرخ منهم، هؤلاء الذين يتكلمون فيما لا يعرفه المختصون من النصارى، هؤلاء الذين يتكلمون أكثر من لغة بعضها قد درس أو يكاد، هذه الثلة الطيبة الطاهرة التي تقف في وجه أخس وأخطر ما تتعرض له الأمة اليوم جاءوا من بعيد.


لم يكونوا من الشيوخ ولم يكونوا من الدعاة، بل ولم يكونوا من طلبة العلم، كانوا متحمسين، واليوم مختصين، يحملون لواء الدين!!

إننا أمام ظاهرة جديدة (تخصص المتحمسين)، تشكلت في البالتوك، ونمت وتطورت، وهي اليوم تتكاثر، فهم يؤلفون الكتب التي يشيد بها نفر من الحاصلين على الشهادات، ويصدرون المجلات الدورية ذات التخصصية العالية.

تخلَى الدعاةُ عن التصدي للنصارى، تخلى الدعاة عن رد المعتدين على الدين وسيد المرسلين -ولا تسمع غير هذا-، فقيض الله للدين قوماً من بعيد، وهاهم اليوم أقوى من المختصين، وأحدُّ من كل الفاعلين ضد عباد الصليب.


إننا أمام استبدال، لا أراه غير ذلك.

ولا أتكلم عن صلاح هؤلاء وفساد أولئك، أو العكس، فالله أعلم بما في الصدور، وقد ينصر الله الدين بقومٍ لا خلاق لهم، وإنما أرصد ظاهرة، أعظ بها قوماً.

قوم أعرضوا فأتى الله بآخرين. فهل يعقل هذا الدعاة (الشيوخ)؟! وخاصة من يتشدقون بأنهم (أحكم) و(أعلم) بواقع الأمة، وأنهم لا يتحركون من فراغ ولا في فراغ؟ وأن على غيرهم أن يلزم غرزهم، ويتأدب معهم.

لا يوجد عذر حقيقي للتخلي عن رد الشبهات التي تثار حول الدين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. ولا يوجد عذر حقيقي للجلوس عن بث ثقافة مضادة للتنصير عند عامة الناس. وإن من يقول أنها صغيرة تكبرونها بمقالاتكم صغيرٌ لن يزيد على وصف نفسه بقلة العقل والوعي، ويُعَرِّضُ تراثه وآثاره لوطئ الأقدام بعد موته، فإن سكت الناس اليوم تكلموا غداً، فبعد أن يموت المرء ويغيب من حياة الناس لا تكون له ذات المهابة التي كانت له وهو بينهم، وساعتها -وهو في التراب-، معرض للحساب، يكون أرجى للحسنات.


القضية بعيدة عن السياسة، وبعيدة عن المشاغبات الأمنية فلا أحد يطالِب بنفير ضد أصحاب السلطان، ولا أحد يرضى بتهييج العوام، فقط بث ثقافة مضادة لما يتكلمون به، ثقافة تدفع الشبهات وتبصر الناس بحقيقة ما (يبشرون به)، ثقافة تدفع الكفر عن الناس. أفي هذا شيء؟!!

أبداً والله.

فإن أبيتم فاجعلوا هؤلاء الكرام من (المتحمسين) الذين يناطحون وينطحون، بل يطحنون كبار المختصين من النصارى، رأس حربة، بمعنى تبنوهم، أفيدوهم من شهرتكم، قرظوا كتبهم أو دلوا الناس عليها، أو تواصلوا معهم ورشدوهم. وهو خير لكم، ليكون من آثاركم. فإن أبيتم فلن يثنيهم إعراضكم، والله ناصر دينه، وفي هؤلاء عبرة للمعتبرين.

{هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد:38].


محمد جلال القصاص
12/8 /2009  م

 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 3,261

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً