الآخر وفقه الحيض والنفاس ورضاع الكبير
منذ 2010-08-01
( القضايا الفقهية الهامشية ) ـ كما يسميها إخواننا هؤلاء وليست كذلك ـ أحجارٌ يلقي بها بغيضٌ في ماءنا ليعكر صوفنا ويشغلنا عن مهمتنا الأولى وهي عبادة الله وتعبيد الناس لله .
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله
وصحبه ومن أحبه واتبع هديه ، وبعد :ـ
بعض الكرام يتندر من بعض القضايا الفقهية التي تثار على الساحة
الإعلامية مثل ( رضاع الكبير ) و ( والد النبي صلى الله عليه وسلم
ووالدته في الجنة أم في النار ؟ ) و ( مدة الحمل ) و ( مسائل الحيض
والنفاس ) . يقول : قضايا فقهية هامشية ، يقول : يضيعون وقتهم ويسيئون
لدينهم عند غيرهم من أهل الغرب وأهل الشرق . !!
وغفر الله لنا وله .
( القضايا الفقهية الهامشية ) ـ كما يسميها إخواننا هؤلاء وليست
كذلك ـ أحجارٌ يلقي بها بغيضٌ في ماءنا ليعكر صوفنا ويشغلنا عن مهمتنا
الأولى وهي عبادة الله وتعبيد الناس لله .
منشأ هذه القضايا كلها .. نعم كلها ، ( رضاع الكبير ) و ( مدة
الحمل ) و ( والد الرسول ووالدة الرسول ) وغيرها .. من اليهود
والنصارى والعلمانيين ، قديماً وحديثاً .
عكف الغرب عقوداً . بل قروناً على قراءة الشريعة الإسلامية ،
وقدم قراءة مغلوطة للتاريخ الإسلامي والفقه الإسلامي وكل ما هو إسلامي
، ثم بث هذه القراءة بيننا في هيئة دراسات استشراقية ، أو أبحاث علمية
، وتم تمريرها كمفاهيم من خلال الصالونات التي انتشرت في بيوت (
الأكابر ) ومن خلال ( مدارس الأدب الحديثة ) ، وتلقفها نفر من (
المسلمين ) ، ثم أصبحت بيننا ، وكأنها خرجت من عندنا .
وحتى يتضح المقال آتيك بمثال : قضية الحجاب : الحجاب الذي هو ستر البدن بالجداران ثم بالثياب إن اضطرت المرأة للخروج كان هذا هو المعروف في كل بلاد المسلمين ، ثم جاء الحديث عن التبرج ( الخروج من البيت بغير ضرورة ) و السفور ( إبداء الزينة ) جاء هذا مع الحملة الفرنسية ، والمدارس الأجنبية ، نصارى الشام ( وخاصة لبنان ولم تكن دولة يومها ) ثم جاء قاسم أمين بعد قرن كامل من هذا الحراك ، ثم جاء قوم يتحدثون عن أن ( التبرج ) و ( السفور ) أمر شرعي ، ويزيحون السياق العملي للدعوة في مهدها وأجيالها الأولى ويتعاملون مع النصوص وحدها مجردةً من السياق العملي فنطقت بغير ما له نزلت .!!
وكل القضايا هكذا بدأ ( الآخر ) ، وتسرب الفكر إلى بعض المنتسبين وتعامل الغافلون ، وأصبحنا في أرضنا فقط ندافع ، وشغلنا عن مهمتنا الأولى وهي عبادة الله وتعبيد الناس لله .
أين الخلل؟
الخلل عند مَن تعاطى القضايا بدون سياقها العملي ، أعني أولئك الذين إذا استفتوا سارعوا وأفتوا ... أولئك الذين يثار بهم الغبار على الدين والمتدينين بمشاركتهم في برامج ( التوك شو )!!
على هؤلاء أن يعرفوا جيداً أن هناك من يقتلع من الأرض أحجاراً ويرمي بها في ماءنا ليعكر صفونا .
على هؤلاء أن يتدبروا حين يتلى عليهم قولاً ويعلموا أن القول بالقائل وبسياق الحال الذي يعرض فيه فضلاً عن ذات القول . فلا يمكن أبداً لعاقل أن يقفز على سياق الحال وحال المتكلم ثم ينظر فقط في القول ويتعامل معه . يقع في خطئٍ كبيرٍ من يفعل هذا .
وعلى الساخرين المستهزئين أن يكونوا جادين ، وأن لا يقتصر الأمر
على التقليل من شأن المخالفين من التوجهات الإسلامية الأخرى : ما
العيب في مناقشة قضايا الحيض والنفاس ؟
قضية يتعرض لها أكثر من نصف المجتمع شهرياً ، ولا تصح الصلاة ( عماد الدين ) إلا بضبطها ،. وقضية كَفَرَ بسببها نفر ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، قيل لهم كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجامع نساءه في المحيض ، وما فعل ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يحل لأحدنا أن يفعل . هم يكذبون ، وهم الذين يفعلون . وأفٍ لهم بما يفعلون .
كان لابد أن نتناول فقه الحيض والنفاس ترشيداً لأكثر من نصف المجتمع لآداء الصلاة على وجهها الصحيح . وكان لابد من تناول قضايا الحيض والنفاس ليعلم الناس أن ديننا أهدى وأقوم ، وأن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ علمنا الخير . وأن ما عند هؤلاء الساخرين الشامتين بإرضاع الكبير والحيض والنفاس أدهى وأمر ، عندهم أمرٌ أن يبول بعضهم في فم بعض ، وأن يأكل بعضهم ( غائط بعض ) ، وعندهم أنها نجسة حال حيضها فلا يقربها أحد إلا ويصير نجساً مثلها . وعندهم وعندهم ...
يعنيني أن القضية جاءت في عراكٍ فكري بعيد عنه تماماً مَن يشجب
علينا ويحسب أنها همم دنية منزوية قصية . !!
أن القضية جاءت في سياق دعوة الناس لربهم وتعليمهم أمور دينهم ، وبيان فساد دعوى ( الآخر ) حول الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
أن القضية جاءت في سياق دعوة الناس لربهم وتعليمهم أمور دينهم ، وبيان فساد دعوى ( الآخر ) حول الدين وسيد المرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وإذا تبين لك حال الشبهات المثارة من الذي افتعلها ومَن الذي فعَّلها فاعلم أن دعوى تحسين الصورة أمام ( الآخر ) دعوى عجولة ، لم يفلح مدعيها قبل وهم كثر . فالآخر هو الذي يفتعل ما يشوه به ديننا ، وهو الذي ينقل لقومه بضاعته هو التي انتشرت بيننا بلسان قومنا . يترجمون ما يحلوا لهم . ويستضيفون في قنواتهم وقنوات من والاهم أو من هو منهم حقيقة نفراً لا يعرضون الإسلام بشكله الصحيح .
إن الأمر جد . وإننا في لجة أعمق من أن تسطح بكلماتِ سخرية
واستهزاء يلقي بها هذا وذاك . إنه إيمان وكفر يعتركان فليرجع العجلى
والمستخفون .
محمد جلال القصاص
مساء الأربعاء 21 / 7 / 2010 م
مساء الأربعاء 21 / 7 / 2010 م
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: