لبيك لا شريك لك ...

منذ 2010-10-13

إذا أردنا وصف هذا الدين بكلمة واحدة لقلنا : إنه دين "التوحيد"؛ فقاعدته الأساسية : هى إفراد العبودية والتلقي والتوجه لله سبحانه وتعالى ومحاربة الشرك بشتى ألوانه وأصنافه ، حتى يخلص الدين لله ، وتتطهر الأرض من أنواع الطواغيت ..


إذا أردنا وصف هذا الدين بكلمة واحدة لقلنا : إنه دين "التوحيد"؛ فقاعدته الأساسية : هى إفراد العبودية والتلقي والتوجه لله سبحانه وتعالى ومحاربة الشرك بشتى ألوانه وأصنافه ، حتى يخلص الدين لله ، وتتطهر الأرض من أنواع الطواغيت ، وكل الأعمال إذا خالطها الشرك تتحول هباءً منثوراً .

وفي هذه الأيام حيث تغرق البشرية بأنواع الشرك والخضوع لغير الله والجهل بدين الله في كل ناحية من نواحى حياتهم ، يبرز الإسلام كهادٍ وحادٍ للإنقاذ من وهدة الضلال وطريق الانحدار .


وإن منسك الحج من أعظم شعائر الإسلام تمثيلاً للتوحيد ، ففيه تعود بنا الذكريات إلى سيدنا إبراهيم -عليه السلام- الذي حطم الأصنام ليكون الدين كله لله ، وتَرك بلاد الأصنام مهاجراً إلى ربه ؛ وهو الذي سمَّانا المسلمين من قبل ؛ وهو الذي بنى مع ولده إسماعيل -عليه السلام- أول بيت للناس يعبد فيه الله وحده ؛ وفي الطواف والسعي والوقوف والرمي يتجلى التوحيد ناصعاً ؛ والدعاء كله لله (لبيك لا شريك لك ...)
بينما كان دعاء العرب في الجاهلية (لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك) ، ولذلك وصف الصحابي حَجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما أحرم من ذي الحليفة ، قال : فأهلَّ بالتوحيد ، وهو يعنى : التلبية .

إن أغلى ما يملكه المسلم عقيدته الصافية التي يجب التمسك بها ولو انحرف عنها أهل الأرض ، ولو أن هناك محاولات (لعصرنة) الإسلام والتنازل عن شىء منه مقابل اعتراف الغرب بنا أو رضاه عنا.

إن رسول الله إبراهيم -عليه السلام- هو الذي حدّد لنا هويتنا؛ إنها الملة الحنيفية ، وليس لنا هوية غيرها ، و بمجرد التنازل عن شيء منها يبدأ العد التنازلي لحضارتنا وقوتنا .


إن الشريعة تكفل لنا العيش في هذا العصر إذا كنا على مستوى الاجتهاد والفقه في الإسلام، ولكن أن نتنازل عن هويتنا بسبب جهلنا بما تبيحه الشريعة وبما تمنعه فهذه هى الطامة .

ولانزال نسمع في هذه الأيام من يدندن حول التجديد في (أصول الإسلام) أي : التطوير في أصول الإسلام [1] حتى يتناسب مع هذا العصر ، ولم يعلموا أن الثبات على المبدأ والتمسك به هو الذي يعطينا القوة أمام الأعداء .

وأن الأخطار التي تواجه المسلمين وخاصةً (المنطقة العربية) لا ينجي منها إلا الوقوف تحت راية (التوحيد) .
ومن يفقه هذا الدين ويعلم تفاصيله يدرك أنه وسط بين الملل المتشددة والمترخصة ، وأنه حنيفية سمحاء ؛ كما أن أهل السنة وسطٌ بين المذاهب الإسلامية ، فالذي لا يعرف قدرهم يظن أنهم حرفيون ، نصِّيِون لا يفقهون مرامي الكتاب والسنة .
وهذا كله بسبب الجهل بحقيقة فهم أهل السنة وطرائقهم في الاستدلال والتفكير ، والحقيقة : أن التطرف لا يصلح عليه أمر الخلق ، فكيف يبقى الإسلام ويبقى مذهب أهل السنة ؟ ، لولا أنه يحمل بذور بقائه ، وهذا من حفظ الله له .


وفى مناسك الحج يبرز أمرٌ آخر لابد من التنبيه عليه والتنويه به ، وهو : (توحد) المسلمين؛ فالحج من أعظم شعائر الإسلام إبرازاً لهذه الخاصية ، ففيه يجتمع المسلمون من شتى أقطار الأرض ، ألا يوحي لنا هذا بمحاولة التوحد التي نرى ونحس بعض إرهاصاتها ، ولكن لم تتحقق بعد على أرض الواقع حتى بين أصحاب المنهج الواحد ، مع أن هذا التوحد فيه مصلحة الدين والدنيا ، ومع كثرة الأوامر به والزواجر عن ضده : « ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم»[رواه مسلم ] .

ومع هذا فلا تزال فكرة التوحد ضعيفة لم تأخذ مجرى التطبيق العملي بعد ، ولم يتم الإسراع بها ، وسبب ذلك هو ضعف البصيرة عن العواقب ، والنظر إلى العاجل من مغانم سطحية مؤقتة لا تُسمن ولا تغني من جوع .

إن أهل السنة مدعوون الآن أكثر من أي وقت مضى لإظهار خاصية من خصائص الإسلام ، وهي جمع الناس على دينٍ واحد ، وإذا كان الغرب الأوربي والغرب الأمريكي قد انفرد بالساحة وحده ولم يعد له منافس من الشرق الشيوعي ، فإنه يعلم ويُصرِّح علناً أن المنافس الآن هو الإسلام .

وإذا لم نتمكن من التوحد تحت راية (التوحيد) فسنبقى رقماً كما أطلق علينا (العالم الثالث) .

________________________
(1) انظر مقابلة (الشرق الأوسط 12 / 6 / 1990) مع الدكتور : محمد فتحي عثمان .

 

  • 0
  • 0
  • 4,696

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً