هوية مصر.. ومسئولية الرئيس
منذ 2010-12-04
الرئيس مبارك استلم البلد وهي مسلمة في "جوهرها" و"مظهرها".. وكلنا يتذكر قول الرئيس الراحل أنور السادات "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة".. والتي أعلنها مدوية بعدما استشعر تنامي النزعة الطائفية الانعزالية في نسختها المتطرفة لدى القيادات الدينية الكنسية الجديدة
الرئيس مبارك استلم البلد وهي مسلمة في "جوهرها" و"مظهرها".. وكلنا يتذكر قول الرئيس الراحل أنور السادات "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة".. والتي أعلنها مدوية بعدما استشعر تنامي النزعة الطائفية الانعزالية في نسختها المتطرفة لدى القيادات الدينية الكنسية الجديدة التي قفزت إلى الكرسي البابوي قبيل حرب تحرير سيناء.
الرئيس السادات ـ رحمه الله ـ أبرق عددا من الرسائل الحاسمة، مفادها أن هوية مصر العربية والإسلامية خط أحمر وملف أمن القومي، أنه لن يتردد في نفي "التخين" في الكنيسة إلى الصحراء، حال "فكر" مجرد تفكير في أن يلاعب القيادة السياسية في هذا الملعب بالغ الدقة والحساسية.
السادات لم يكن "يهوش" أو "يهزر".. وإنما كان جادا وجسورا وغير متردد وذلك لوعيه ـ كرجل دولة وكسياسي محترف ـ أن هوية الدول مسألة لا يمكن أن تكون موضوعا للابتزاز الطائفي أو الدولي أو الإقليمي، ولعلنا نتذكر هنا كيف بالغت بعض التقارير الغربية وقالت إن باريس على استعداد لخوض حروب عسكرية من أجل الحفاظ على هويتها، وذلك ردا على الجدل الذي صاحب سياستها من أجل مكافحة التمدد الإسلامي الرمزي في فرنسا.
تجربة السادات مع الكنيسة في طبعتها "الإنقلابية"، ينبغي أن تكون درسا للسياسيين ومرجعية لمن استلم من بعده مسئولية إدارة البلاد.. سيما وأن معالم القاهرة الإسلامية بدأت تتغير بالتمدد الكنسي الخرساني العشوائي في شوارعها وميادينها العامة، وبشكل ليس فقط خصما من خصوصيتها الحضارية، وإنما أيضا بالغ الاستفزاز، ولا يمكننا توقع عواقبه التي عادة ما تأتي مفاجئة وصادمة وعنيفة وذلك بتراكم الاستفزاز والتوسع فيه من خلال هذا العمل الدؤوب من أجل "نصرنة" البلد.
الرئيس مبارك ـ كما قلت في مستهل هذا المقال ـ تسلم البلد من الرئيس الراحل أنورالسادات ـ رحمه الله ـ وهي مسلمة في مظهرها وفي جوهرها.. وعليه أن يسلمها لمن يأتي من بعده وهي على هويتها النقية وفية لدينها ونبيها.
أعلم ان الرئيس مبارك يحاول ـ كرئيس دولة ـ تطييب خاطر الأقباط، وأن يحقق مسئولية التيار الأساسي للأمة إزاء الأقلية الدينية.. غير أن هذا "التطييب" لم يعد مسؤولا ومحسوبا، وإنما بات "منفلتا" من أية ضوابط، بسبب التعاطي الكنسي معه بـ"انتهازية" تتعمد إحراج الرئيس أمام الرأي العام الدولي، وحمله على "تطبيع" التعدي الخرساني للكنائس والكاتدرائيات القلاعية على حرمة الشوارع والقانون.. ما يعزز من الانطباع لدى الطرفين: المسلم بـ"الاضطهاد" والمسيحي بـ"الاستعلاء".. وهو وضع ـ بكل المعايير الأمنية ـ ينذر بما لا يحمد عقباه.. وربنا يستر.
*هذا المقال نشرته في "المصريون" يوم 29/5/2010 .. وأهديه اليوم مجددا للقيادة السياسية المصرية بمناسبة الهجوم القبطي البربري المسلح على محافظة الجيزة واحتلال شوارعها ومبانيها وترويع الآمنين من السكان.
[email protected]
26-11-2010 م
المصدر: محمود سلطان - موقع المسلم
- التصنيف:
nada
منذ