المرأة في بلاد الحرمين بين أنصارها حقاً وأدعياء نصرة حقوقها

منذ 2010-12-04

إن المرأة في بلاد الحرمين في الآونة الأخيرة ومنذ خمس سنوات تقريباً يتنازعها ويتجاذبها طائفتان: طائفة تدعوها إلى الجنة، وطائفة تدعوها إلى النار، طائفة تدعوها إلى الحشمة والعفاف والسلامة،وطائفة تدعوها إلى هتك الحجاب والاختلاط والسفور ..

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد:

فإن المرأة في بلاد الحرمين في الآونة الأخيرة ومنذ خمس سنوات تقريباً يتنازعها ويتجاذبها طائفتان: طائفة تدعوها إلى الجنة، وطائفة تدعوها إلى النار، طائفة تدعوها إلى الحشمة والعفاف والسلامة من كل ما يعود عليها بالضرر في دينها وأخلاقها، وطائفة تدعوها إلى هتك الحجاب والاختلاط بالرجال والانفلات الذي ينتهي بها إلى العطب والانحراف في دينها وأخلاقها، طائفة تدعوها إلى التمسك بما جاء عن الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الذي نزل به من عند الله الرسول الملكي جبريل عليه الصلاة والسلام إلى الرسول البشري محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، كقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [سورة الأحزاب: 53]، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59]، وقوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]، وقوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} [سورة النور: 31]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» [رواه البخاري 5096، ومسلم] عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «"لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم"، فقال رجل: "يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج؟"، فقال: "اخرج معها"» [رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما]، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم السائل في هذا الحديث إلى ترك الجهاد ليسافر مع امرأته للحج، وهو دال على أهمية وجود المحرم مع المرأة في سفرها، وأن سفرها بدونه معصية يجب عليها الحذر منها...

ومقابل هذه الطائفة التي تدعو المرأة إلى التمسك بالأخلاق والآداب التي جاءت من عند الله طائفة أخرى هم التغريبيون من صحفيين وغير صحفيين الذين يريدون للمرأة في بلاد الحرمين أن تكون ذيلاً لنساء الغرب اللاتي تخلين عن الفضائل وانغمسن في أنواع الرذائل، ويزعمون أنهم يسعون بذلك إلى نصرة حقوق المرأة، وهم في الحقيقة من أشد أعدائها الذين يريدون لها بترك حجابها واختلاطها بالرجال لاسيما في مكاتب العمل وفصول الدراسة الامتهان والابتذال لتشبع عيون مرضى القلوب من الشباب والشابات من نظر بعضهم إلى بعض، وهو الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه زنى العينين في قوله: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه» [رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه]؛ فأنصار المرأة حقاً هم الذين يدعونها إلى الحشمة والعفاف والبعد عن الوقوع في أسباب الفساد أخذاً بتعاليم الكتاب والسنة، وأعداؤها حقاً هم أدعياء نصرة حقوقها الذين يدعونها إلى تقليد النساء في بلاد الغرب في الامتهان والابتذال الذي يجر إلى كل بلاء ويوقع في كل رذيلة، ومتى كانت الذئاب الضارية ذات نصح للغنم؟!... فما رعى غنماً في الدَّوِّ سَرحانُ

وهو عجز بيت من قصيدة لأبي الفتح البستي في الحكم، ومعناه: فما رعى غنماً في الصحراء ذئب؛ فإن حض الغنم منه التقتيل والتمزيق، وقد قال الشاعر:
إن الرجال الناظرين إلى النساء *** مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تَصن تلك اللحومَ أسودُها *** أُكلت بلا عوض ولا أثمان

وينتقون لإشباع رغباتهم ما يوافق أهواءهم من الآراء ولو كانت شاذة، وقد أوضحت ذلك في كلمة بعنوان: (دعاة التغريب ومصطلحهم ((التعددية)، و(الأحادية) لانتقاء ما يوافق أهواءهم) نشرت في تاريخ 24/2/1431هـ، بل يخوضون في الأحكام الشرعية بجهل وعمى، وقد قلت في ختام رسالة: (تنبيهات في الحج على الكتابة المسماة أفعل ولا حرج) المنشورة بتاريخ 1428 (ص60) تحت عنوان: (وحتى الصحفيين يُفتون ويخوضون في الأحكام الشرعية بغير علم)، قلت: "ولم يكن أمر الفتوى والكلام في مسائل العلم قاصراً على العلماء ومن ينتسب إلى العلم، بل أصبح مرتقى سهلاً يتسلق جدرانه كل من هبَّ ودبّ ممن لا ناقة لهم في العلم ولا جمل وليسوا في العير ولا في النفير، فطفحت الصحف بكلامهم المنفلت في مسائل العلم، ومن ذلك أن صحيفة قالت عن صحفية إنها اعتبرت آية المباهلة من أكثر الأدلة صراحة على إباحة الاختلاط، والتي نزلت عقب فرض الحجاب؛ حيث إن الآية أشارت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سيجلب معه نساءه وأولاده للمباهلة مع وفد أساقفة نجران!!

وهذا الاستدلال من عجائب الدنيا، ولعلها لم تُسبق إليه، وقد اهتدت إلى هذا العمى وعميت عن النور الذي جاء في قول الله عز وجل: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23]، فهذه القصة في الأمم السابقة فيها أن امرأتين اضطرتا لشيخوخة أبيهما وعدم قدرته على سقي الغنم مع الرجال اضطرتا إلى الذهاب لسقي غنمهما وانتظرتا فراغ الرجال من سقي أغنامهم تجنباً لمزاحمتهم ومخالطتهم.

وجاء في الصحيفة نفسها أن صحفيا أضاف أن للاختلاط فوائد عدة، منها أنها تتيح الفرصة للرجل لمعرفة المرأة لطلب الزواج منها خلال ذهابها وإيابها، إلى جانب كسر الكثير من الحواجز التي تكون أحد الأسباب في طمع الشباب وانجذابهم المبالغ للجنس الآخر: "فتباعد الجنسين أحدهما عن الآخر يقضي بشدة التطلب: تطلب كل منهما لصاحبه وتلهفه عليه"!!".

ثم نقلت عن اثنين من العلماء هما الإمام ابن القيم والشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمهما الله، واثنين من الأمراء وهما الملك عبد العزيز والملك فهد رحمهما الله كلاماً حسناً في ذم اختلاط النساء بالرجال ومنعه وبيان خطره، ومما قاله ابن القيم: "ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك (يعني اختلاط النساء بالرجال) من فساد الدنيا والرعية -قبل الدين- لكانوا أشد شيء منعاً لذلك"، ومما قاله شيخنا الشيخ الشنقيطي: "ودعوى الجهلة السفلة: أن دوام خروج النساء بادية الرؤوس والأعناق والمعاصم والأذرع والسُّوْق ونحو ذلك يذهب إثارة غرائز الرجال؛ لأن كثرة الإمساس تذهب الإحساس. كلام في غاية السقوط والخسة؛ لأن معناه: إشباع الرغبة مما لا يجوز، حتى يزول الأرب بكثرة مزاولته"، ومما قاله الملك عبد العزيز: "أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يُخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال"، وأما الملك فهد فسيأتي نص تعميمه في منع تشغيل النساء مختلطات بالرجال في الدوائر الحكومية والشركات وغيرها.

ولم يقف التغريبيون والصحفيون عند الخوض في المسائل الشرعية بغير علم، بل تعدى سوء فعالهم إلى الاعتراض على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في فتواها رقم (24937) وتاريخ 23/11/1431هـ في منع النساء من عمل كاشيرات (محاسبات) في بعض الشركات مع أن هذه اللجنة برئاسة المفتي أعلى مرجع في الفتوى وأعضاؤها من هيئة كبار العلماء، والتغريبيون وغيرهم يعلمون ما وجَّه به خادم الحرمين في أوائل شهر رمضان من هذا العام من قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء يضاف إليهم من يرشحهم سماحة المفتي ويوافق عليهم المقام السامي، لكن هؤلاء التغريبيين لا يعجبهم من الفتاوى إلا ما يوافق أهواءهم، وأما ما لا يوافقها فعندهم الاستعداد للاعتراض عليه ولو كان من أعلى جهة معتبرة في الفتوى.

وقد نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 1/12/1431هـ فتوى قديمة للجنة برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فيها إباحة البيع والشراء للمرأة عند الحاجة إلى ذلك مع حشمتها وستر جميع بدنها، وهي لا تخالف الفتوى الجديدة؛ لأن الفتوى القديمة فيها الاحتشام كما هو معلوم ومشاهد والجديدة فيها ابتذال واختلاط بالزملاء والرؤساء وغيرهم، وقد صدر بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حول ما نشر في الصحف عن المرأة بتاريخ 25/1/1420هـ برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وعليه ختمه قبل وفاته بأقل من ثمان وأربعين ساعة؛ حيث توفي فجر الخميس 27/1/1420هـ وجلسة اللجنة في ضحى الثلاثاء 25/1/1420، وهو بمثابة وصية مودع من ذلك الرجل الفاضل الحريص على سلامة النساء في هذه البلاد من الانحراف، وقد أوردته في رسالة: (لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟) (ص28)، وهذا نصه:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:

فمما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه، ما تعيشه المرأة المسلمة تحت ظلال الإسلام، وفي هذه البلاد خصوصاً، من كرامة وحشمة وعمل لائق بها، ونيل لحقوقها الشرعية التي أوجبها الله لها، خلافاً لما كانت تعيشه في الجاهلية، وتعيشه الآن في بعض المجتمعات المخالفة لآداب الإسلام، من تسيب وضياع وظلم.

وهذه نعمة نشكر الله عليها، ويجب علينا المحافظة عليها، إلاَّ أن هناك فئات من الناس، ممن تلوثت ثقافتهم بأفكار الغرب، لا يرضيهم هذا الوضع المشرِّف، الذي تعيشه المرأة في بلادنا من حياء، وستر، وصيانة، ويريدون أن تكون مثل المرأة في البلاد الكافرة والبلاد العلمانية، فصاروا يكتبون في الصحف، ويطالبون باسم المرأة بأشياء تتلخص فيما يلي:

1ـ هتك الحجاب الذي أمرها الله به في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59]، وبقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [سورة الأحزاب: 53]، وبقوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ} الآية، وقول عائشة رضي الله عنها في قصة تخلفها عن الركب، ومرور صفوان بن المعطل رضي الله عنه عليها، وتخميرها لوجهها لما أحست به قالت: «"وكان يراني قبل الحجاب"» [رواه البخاري]، وقولها: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها» [صححه الألباني]، إلى غير ذلك مما يدل على وجوب الحجاب على المرأة المسلمة من الكتاب والسنّة، ويريد هؤلاء منها أن تخالف كتاب ربها وسنّة نبيها، وتصبح سافرة يتمتع بالنظر إليها كل طامع، وكل من في قلبه مرض.

2- ويطالبون بأن تمكن المرأة من قيادة السيارة رغم ما يترتب على ذلك من مفاسد، وما يعرضها له من مخاطر لا تخفى على ذي بصيرة.

3- ويطالبون بتصوير وجه المرأة، ووضع صورتها في بطاقة خاصة بها تتداولها الأيدي، ويطمع فيها كل من في قلبه مرض، ولا شك أن ذلك وسيلة إلى كشف الحجاب.

4- ويطالبون باختلاط المرأة والرجال، وأن تتولى الأعمال التي هي من اختصاص الرجال، وأن تترك عملها اللائق بها والمتلائم مع فطرتها وحشمتها، ويزعمون أن في اقتصارها على العمل اللائق بها تعطيلاً لها.

ولا شك أن ذلك خلاف الواقع، فإن توليتها عملاً لا يليق بها هو تعطيلها في الحقيقة، وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة من منع الاختلاط بين الرجال والنساء، ومنع خلو المرأة بالرجل الذي لا تحل له، ومنع سفر المرأة بدون محرم؛ لما يترتب على هذه الأمور من المحاذير التي لا تحمد عقباها.

ولقد منع الإسلام من الاختلاط بين الرجال والنساء حتى في مواطن العبادة، فجعل موقف النساء في الصلاة خلف الرجال، ورغب في صلاة المرأة في بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن» [صححه الألباني]، كل ذلك من أجل المحافظة على كرامة المرأة وإبعادها عن أسباب الفتنة.

فالواجب على المسلمين أن يحافظوا على كرامة نسائهم، وأن لا يلتفتوا إلى تلك الدعايات المضلّلة، وأن يعتبروا بما وصلت إليه المرأة في المجتمعات التي قبلت مثل تلك الدعايات وانخدعت بها، من عواقب وخيمة، فالسعيد من وعظ بغيره، كما يجب على ولاة الأمور في هذه البلاد أن يأخذوا على أيدي هؤلاء السفهاء، ويمنعوا من نشر أفكارهم السيئة؛ حماية للمجتمع من آثارها السيئة وعواقبها الوخيمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» [رواه البخاري]، وقال عليه الصلاة والسلام: «واستوصوا بالنساء خيرا» [رواه البخاري]، ومن الخير لهن المحافظة على كرامتهن وعفتهن، وإبعادهن عن أسباب الفتنة.

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز

عضو
بكر بن عبد الله أبو زيد

عضو
صالح بن فوزان الفوزان

عضو
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان".


ومستند عمل النساء محاسبات في بعض الشركات هو ما ذكرته صحيفة عكاظ بتاريخ 29/8/1431هـ أن مدير مكتب العمل في جدة أبلغها أنه أصبح بإمكان المرأة السعودية قريباً العمل في وظيفة (كاشير) في الأسواق المركزية (السوبر ماركت)، وذكرت الصحيفة أن بعض الشركات بدأت بتنفيذ ذلك!! والأصل ألا تُقدم وزارة العمل على مثل هذا الإجراء إلا بعد استفتاء سماحة المفتي في ذلك، ثم إن التعليمات التي صدرت عن الدولة تمنع من مثل هذه الأعمال، ففي تعميم خادم الحرمين الملك فهد رحمه الله برقم (759/8) وتاريخ 5/10/1421هـ الموجَّه أصلاً لخادم الحرمين الملك عبد الله حفظه الله إبان ولايته للعهد وقد أعطي منه نسخة لكل وزارة ومصلحة حكومية أو مؤسسة عامة للاعتماد ما نصه:

"تعميم

صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

وبعد:

نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/5/1403 هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن سواء كانت سعودية أو غير سعودية؛ لأن ذلك محرّم شرعاً ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه، المؤكد عليه بالأمر رقم 2966/م في 19/9/1404 هـ.

وحيث رفع لنا سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بخطابه رقم 46/س/2 في 28/4/ 1421 هـ حول ما تقوم به النساء من عمل لا يتناسب مع الدين والخلق، وهو توظيفهن مندوبات للتسويق لدى عدد من التجار والمؤسسات الخاصة والشركات، وأن الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفاد سماحته بأن ذلك صحيح وواقع، وما أشار إليه سماحته من أن هذا منكر ظاهر يجب منعه حماية لنساء المسلمين مما لا تحمد عقباه عليهن وعلى المجتمع، وأنه قد صدر من هيئة كبار العلماء القرار رقم (172) في 2/8/1412 هـ بمنع تولي النساء للأعمال والوظائف التي تتنافى مع الحياء والحشمة مما فيه اختلاط بالرجال وشغل النساء عن أعمالهن اللائقة بهن والتي لا يقوم بها غيرهن مما يفوت على المجتمع مرفقا هاماً، وأشار سماحته إلى الأمرين سالفي الذكر وطلب تجديد الأمر بالتقيد بموجبه والتأكيد على ذلك ومحاسبة من يخالفه حفاظاً على كرامة الأمة وإبعادا لها عن أسباب الفتن والشرور.

ونرغب إليكم التأكيد على المسؤولين لديكم بالتقيد بما قضى به الأمران المشار إليهما فأكملوا ما يلزم بموجبه.

رئيس مجلس الوزراء

نسخة لكل وزارة ومصلحة حكومية أو مؤسسة عامة للاعتماد".

ووزارة العمل إحدى الوزارات التي زُوِّدت بهذا التعميم فكان الواجب عليها الاعتماد عليه وعدم مخالفته، وفي أخذ وزارة العمل وغيرها بما فيه احتشام النساء وعدم اختلاطهن بالرجال طاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [سورة النساء: 59]، وفي إذنها للشركات بتوظيف النساء كاشيرات (محاسبات) معصية لله ورسوله وولاة الأمور، ورئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إحدى المصالح الحكومية التي زودت بهذا التعميم لاعتماده ومن واجبها إنكار هذا المنكر والقيام بمنعه.

وأسال الله عز وجل أن يوفق كل مسؤول في الدولة إلى ما فيه الأخذ بأسباب السعادة للشباب والشابات والسلامة من السعي أو الإعانة على انحرافهم عن جادة الصواب، وأن يكفي هذه البلاد حكومةً وشعباً شر الأشرار وكيد الفجار، إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

23/12/1431هـ

عبد المحسن بن حمد العباد البدر
المصدر: طريق الإسلام

عبد المحسن بن حمد العباد البدر

المحدث الفقيه والمدرس بالمسجد النبوي الشريف، ومدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً

  • 0
  • 2
  • 7,824

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً