قراءة في فعاليات منتدى خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) وتضامنا مع الحملة السعودية على حفيدات صفية زغلول
منذ 2010-12-11
ما حدث في الأيام القليلة الماضية من اجتماع أو ما يعرف بمؤتمر (واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية)، أو منتدى (السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-) وما تلى ذلك ويتلوه من أحداث ليس مجرد حدث عابر، وإنما مرحلة جديدة من العمل التغريبي...
ما حدث في الأيام القليلة الماضية من اجتماع عددٍ من النساء والذكور فيما يعرف بمؤتمر(واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية)، أو منتدى (السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-) وما تلى ذلك ويتلوه من أحداث ليس مجرد حدث عابر، وإنما مرحلة جديدة من العمل التغريبي في وطننا الحبيب المملكة العربية السعودية، مرحلة يبدو تسارع خطى من يخوضها واضحا، وكأنما طارد يطردهم نحوها! أو لعلها صحوة الموت.
تأملتُ مستجدات الأحداث ودواهيها..ورصدت شيئا منها لأخرج بهذا التقرير أو المقال (سمه ما شئت) رصدا وتعليقا على الحدث. أسأل الله العظيم أن ينفع به ويكتب له القبول..وأن يغفر ويعفو ويصفح إن كان ثمة خطأ أو زلل اعتراه.
شرعنة الباطل:
عند المخالفين من الداخل معلم ثابت، هو أنهم يشرعنون ما يقولون ... يستدلون على ما يقولون بدليلٍ فاسد، فلا يوجد بين المنتسبين للشريعة الإسلامية من يجاهر بحربها، بل كلٌ يدعي الانتساب للشريعة وأنه متبع لا مبتدع.!!
وهو حال أهل البدع، يستدلون على بدعتهم بأدلة فاسدة، وحال أهل النفاق في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يجاهروا برد الأحكام الشرعية بل كانوا يقدمون أعذاراً شرعية، مثل: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} [التوبة: من الآية 42]، {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} [التوبة: من الآية 74]، {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى} [التوبة: من الآية 107].
ونلاحظ من هؤلاء -أعني نسوة المنتدى ومن حضر من الذكور- الإصرار على الانتساب للشريعة. فهن ينتسبن لأمنا خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها- ، يقلن (قدوتنا) يدعين أنهن يقتفين آثارها. والعبرة بما تفعله الجوارح لا ما تدعيه الألسن، فالمزاعم والادعاءات لا تغير الحقائق والوقائع. العبرة بالأفعال لا بالأقوال، وحين تتعارض الأقوال والأفعال فالحكم للأفعال.
هل هؤلاء على خطى خديجة -رضي الله عنها-؟؟
سنرى بعد قليل، فقط أريد في هذه الفقرة إثبات أن شرعنة الباطل دأب هؤلاء، ودأب المنحرفين من يوم كانوا.
فلا جديد، ولا نغتر بهن وبدعواهن.
التستر بالأعمال الخيرية:
يلحق بما سبق التستر بالأعمال الخيرية، أو الأعمال الجماهيرية. الأعمال التي تلقى استحسان العوام وفي ذات الوقت تتيح لهن الاحتكاك بالناس، ويقدمن من خلالها المرأة بالشكل الذي يريدونه ابتداءً!.
وقد كانت الداعيات للتبرج والسفور في النسخة المصرية يفعلن مثل هذا، فقد بدأ نشاط هدى شعراوي بإنشاء جمعية لرعاية الأطفال، وشاركت في جمع الأموال للفلسطينيين، بل وخاطبت الأمم المتحدة بخطابٍ شديد اللهجة احتجاجاً على قيام دولة إسرائيل!!
والهدف من هذه الأعمال إيجاد ستار (شرعي)، يدخلن به على الناس. فهن (خيرّات) يردن الخير، ويعملن لصالح المجتمع، يوظفن النساء غير العاملات، ويساعدن العاجزين والعاجزات في الحج، ويعملن على رفع (الظلم عن المرأة في المجتمع). ولهذا تجد النشاط النسوي برز ويبرز في شكل جمعيات خيرية نسوية، وفي المناشط التي تبدو في ظاهرها خيرية. وقد أعلن هؤلاء عن أن كشافات الحج كانت بداية وقريباً يقمن بـتنفيذ (برامج اجتماعية) من أبرزها الإسعافات الأولية، وخدمة كبار السن ومرضى الفشل الكلوي والسرطان، ومساعدة الأيتام، والتشجيع على القراءة، ومساعدة المستوصفات في التخلّص من الأدوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية" (الشرق الأوسط 29/ 11 / 2010) .
ولا يحتاج الإسعاف لنشاطهن، والمستوصفات لا يتراكم بها الأدوية المنتهية ويتوقف الأمر على حضورهن ليزحن تيك الأكوام من الدواء المنتهي والفاسد، فقط هي رغبة الخروج على الشرع والتقاليد. إعلان عملي عن المشروع الجديد يقدمن المرأة السعودية المسلمة بالثوب الجديد! أو بالأحرى الفهم الجديد والتطبيق الجديد للشريعة الإسلامية. كما صرحت فتيحي في حوارها مع برنامج (الحصيلة) تقول: (الإسلام دين عظيم, إلى الآن لم نعرف كيف نطبقه في واقعنا)، وتقول بأنها جاءت ليفخر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويعلم أنهن طبقن النماذج العملية التي تركها لهن!!
وهذا بعيد وكذب..فأين ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء مما تفعله مها فتيحي وصنفها؟؟
يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك:
يبدو الأمر وكأنه اتباع للسيدة خديجة -رضى الله عنها-، أو هكذا يدعون في شعار منتداهم!! وهن بعيدات تماماً عن الكاملة خديجة - رضي الله عنها-!!
قالوا: كانت تاجرة ولذا نريد للمرأة أن تتاجر! ثم هم يريدون المرأة أن تخرج وتتبرج، وتخالط الرجال، وتكون سافرةً، وفي أمور لا حاجة للمرأة فيها؛ كالإسعاف، والأدوية الفاسدة في المستوصفات، وكشافة...الخ.
ونقول: وأين من كل ذلك السيدة خديجة -رضي الله عنها-؟؟
قد كانت في بيتها تابعة لزوجها - صلى الله عليه وسلم -، وقد طوى التاريخ ذكرها بعد نزول الوحي، بل بعد زواجها من النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل نزول الوحي.
فاجهدن يا نساء المنتدى جهدكن ونادين من شئتن من صحبكن ومؤيدكن وأهلكن -إن رضين بصنيعكن- واعدُدن المواقف التي برزت فيها أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - للناس تاجرة تتحدث معهم (تجار ومشترين) في متجرها! لن تجدن شيئاً من هذا، بل لن تجدن لها ذكراً إلا في بيت زوجها - صلى الله عليه وسلم - ومع زوجها صلى الله عليه وسلم.
فالصواب أنها كانت صاحبة مال يتاجر فيه غيرُها،كما هو حال كثيرٍ من النساء اليوم؛ وكانت في بيتها لا تخالط الرجال ولا يخالطها الرجال.
فأين هؤلاء منها رضي الله عنها؟
هن في الوحل والطين والظلام البهيم، وهي سامقة وضيئة..مضيئة في روح وريحان وجنة نعيم.
ويقولون مناصب قيادية للمرأة كخديجة
ووالله ما تولت خديجة رضي الله عنها مناصب قيادية، ولا تولت غيرُها من أمهات المؤمنين ولا من نساء الصحابة رضوان الله عليهن، ولا كن في الشارع ولا في أماكن العمل إلا استثناءً، وحالات فردية، وكانت المرأة تؤدي عملها الذي يناسب تكوينها الجسدي والنفسي في البيت.
ولكنه التَجَاري والهرولة نحو التحرر من العفة والفضيلة ليس إلا! إنهم يخفون في أنفسهم مالا يبدون لنا.
أكذوبة التنمية:
زعمن أنهن يردن أن تسهم المرأة في تنمية الوطن، ويردن لها أن تشارك في مسيرة الحضارة العمرانية، ويعلم من له أدنى إطلاع ومعرفة بحقيقة الإنماء العمراني ومسيرته وخططه في الدول المتحضرة في الغرب الشرق أن دور المرأة فيه ضئيل..وضئيل جدا، فالمنجزات العلمية والاختراعات التقنية المسجلة باسم النساء في تلك الدول قليلة ولا تقارن بما حققه الرجل..بل ليست بشيء، فالإنماء العمراني عندهم قام على أعتاق الرجال..وبعقول رجال.
طبقية:
يُلاحظ في المشروع النسوي أنه انتقائي طبقي. فبمحاولة استعراض التجارب النسوية ومحاولة الخروج بأنماط معينة من هذه التجارب. نجد أن الطبقية أبرز هذه الأنماط، وتظهر في عدة صور، أعرض منها صورتين:
الأولى: المشروع النسوي يفعَّل من خلال ما يعرف بـ (سيدات المجتمع)، كالأميرات، وزوجات الوزراء، والشخصيات الرسمية المعروفة بالدولة، ونحو ذلك.
البعض يفسر هذه الظاهرة بأنها حالة من البحث عن الذات، ترقي في سلم الأولويات الذي تحدث عنه (إبرهام ماسلو)، فبعد أن فاضت الأرصدة، وامتلأت البطون، وتنعم الجسد، راحت النفوس تبحث عن السيادة، والتواجد في الحدث!!
وبعضهم يُرِجع ذلك إلى أنهم الذين في قلوبهم مرض وقد سيطروا أو صار لهم نفوذا؛ فراحوا يبثون بين الناس مفاهيمهم الخاطئة، وإلا فكثير من أبناء هذه الطبقة طيبات يفعلن الخير.
وبعضهم يرجعها إلى أنها حالة من الاتصال بالآخر أو التأثر به، ويستشهد أصحاب هذا القول بانبثاق المشروع التغريبي من طبقة المبتعثين، أو المتصلين بالغرب نسباً وصهراً أو علما وتعلماً، أو غير ذلك، ويستشهد القائلون بهذا بدعم الغرب لمثل هذه المشاريع من خلال الحضور المباشر، وقد ظهر الغربيون في هذا المؤتمر، ومن خلال القنوات الإعلامية الخاصة به والموالية له، ومن خلال المؤتمرات المنعقدة وبخاصة ما تعلق بالنساء منها، ومن خلال النفوذ في بلاد المسلمين.
وكل ذلك موجود، والأحداث الكبرى لا يتسبب فيها شيء واحد، ولا شخص واحد، وإنما تتجمع العوامل ويعمل أكثر من فرد، وتتشابك عوامل داخلية وخارجية، فليس لنا أن نمسك بشيء واحدٍ ، ولا لنا أن نمسك بالأسباب دون معالجتها بتمزيقها والوقوف في وجهها وتفعيل المضاد لها.
الصورة الثانية من نمط الطبقية في المشروع النسوي: أن المشروع النسوي كذوب في دعوى اهتمامه بالمرأة. فمن الأنماط التي يمكن استخراجها حال تفحص الحراك النسوي قديماً وحديثاً، أن هؤلاء يعرفن من المرأة نوعاً واحداً.
يعرفن المرأة في شكل واحدٍ من أشكال تواجدها في المجتمع. فهن لا يتحدثن عن أولئك الراغبات في الحجاب الشرعي الكامل -وهن كثيرات ولله الحمد..بل هن غالب المجتمع-، ولا يتحدثن عن أولئك اللواتي لم يتزوجن ويرضين بأن يكن ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة، ولا يتحدثن عن اللواتي بلا عائل، أو غاب عائلهن في السجون لأمر أو آخر، ولا يتحدثن عن اللواتي يكابدن المشاق طلباً لرزقهن، فقط يتحدثن عن المرأة المتبرجة، التي ترتاد أفخم الفنادق لتظهر فيها سافرة متبرجة مخالطة للوزراء والوجهاء. ولا شأن لهن بالأخرى التي تسكن ما يشبه المقابر، إنهن يتحدثن عن المرأة المتبرجة المتمردة على أحكام الشريعة وحسب.
قلة منهزمة:
بتفحص الحالة المعاصرة التي نواجهها الآن في المملكة العربية السعودية، وبتفحص أخواتها التي سبقت هنا وهناك، نجد أن الداعيات لهذا المشروع والمتبعات لهن قلة، والذي يعنيني هنا تسليط الضوء على ناحية معينة تفيد في مكافحة هؤلاء، أريد تسليط الضوء على عدد الكوادر الفاعلة في الساحة الليبرالية والساحة الإسلامية.
الأقلام النسوية الموجودة في الساحة الفكرية يحيط بهن عدد من الأسئلة التي تبعث على الشك في كونهن من يكتبن فعلاً، ويدعم هذا الشك أن كثيراً من الأسماء التي برزت من قبل في التجارب المشابهة تبين أنهن كن ستاراً!! فالمرأة في المشروع التغريبي في الغالب تقوم بدور دمية المسرح يفعّلها ويحركها آخرون. ويؤيد هذا أن تنظر في حال من يترأسن ومن يتصدرن -وأعرف بعضهن عن قرب - تجد أنهن لا يصلحن لنقاش علمي أو غير علمي مفتوح!! فقط الكتابة من بعيد.
وفي المقابل نجد وفرة العدد وقوة في الإمكانات الشخصية في الساحة الإسلامية؛ فالمرأة الملتزمة ذات إمكانات حقيقية، فهي في حلق التحفيظ تحفظ وتحفِّظ، وتعمل في الجمعيات الخيرية غير المشبوهة، وتدرس الطالبات، ويوجد كاتبات سعوديات حقيقيات يعرفن الناس ويعرفهن بالخير الناس.
وما تكثير القلة الذي نشهده على الساحة وإبراز الأضعف علميا وثقافيا إلا لأنهم وضعوا القزم الصغير أمام مرايا محدبة، ووضعوا العملاق الكبير أمام مرايا مقعرة!! ولو وَضِع الجميع أمام مرايا تعكس الحقيقة وتظهر هذا وذاك بحجمه الطبيعي لكان الحال غير الذي نرى!!
فلم لا تفعل المرأة في نسختها المقابلة للمشروع التغريبي؟؟ أو بالأحرى لم لا يكون محوراً رئيسياً عند النساء الصالحات -وهن الكثرة الكاثرة- أن يسرن في عكس اتجاه هؤلاء.
أخاطب أخواتي النساء.. حتى لا ندع فرصة لهؤلاء القلة ليظهرن وكأنهن كل نساء المجتمع؟؟!!
ولا يفهم أحد أني أريد لهن الخروج والمنافسة حيث تلك النسوة معاذ الله وعافاني وعافهن الله. وإنما هو رفع الصوت بالحق، والتواجد حيث يرضى الله تعالى، وتحريك فعاليات ومناشط مضادة لهؤلاء نصرة للدين ودعوة للفضيلة وتثبيتاً لأسس وأصول الدولة السعودية المباركة.
إن ما حدث في مؤتمر خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- أمر له ما بعده، ويشبه لحد كبير ما حدث في مصر إبان ثورة (1919) من صفية زغلول وأخواتها، وعلينا أن نقدر للأمر قدره.
المصدر: موقع لجينيات
- التصنيف: