مؤتمر الأقصر.. نقطة نظام!

منذ 2011-01-01

الأسبوع الماضي شهدت السيدة سوزان حرم رئيس الجمهورية ختام فعاليات مؤتمر عالمي حول "مواجهة الإتجار بالبشر"، والذي تم تحت رعايتها وهو مؤتمر دعت إليه مصر ممثلين عن 39 دولة حول العام اجتمعوا في مدينة الأقصر...


الأسبوع الماضي شهدت السيدة سوزان حرم رئيس الجمهورية ختام فعاليات مؤتمر عالمي حول "مواجهة الإتجار بالبشر"، والذي تم تحت رعايتها وهو مؤتمر دعت إليه مصر ممثلين عن 39 دولة حول العام اجتمعوا في مدينة الأقصر بدعوة ورعاية كريمة من الحكومة المصرية، وقررت السيدة سوزان إنشاء جائزة دولية باسمها أو باسم مؤسستها "سوزان مبارك الدولية للمرأة"، وقررت منحها هذا العام لثلاثة من الشخصيات التي يسمع بها المصريون لأول مرة ، وقالت السيدة سوزان في كلمتها: "إنه من دواعي سروري أن أعلن أنه بدلاً من اختيار فائزًا واحدًا قررنا منح جائزة رجال الأعمال لمكافحة الإتجار بالبشر إلى ثلاثة من كبار رجال الأعمال، وهم السيد كريستوفر دافيس مدير شركة بودي شوب العالمية، والسيدة مارلين كارلسون نيلسون رئيسة شركات كارلسون، والسيد روبرت رجبي- هول النائب الأول لرئيس شركة ليكيس نيكسيس".


وأضافت في كلمتها "أنه بالإضافة للجوائز ترغب هيئة المحلفين في التعبير عن ثناء خاص للعمل الريادي الذي قام به السيد تريستان فوستر مؤسس اف اس آي. وورلدوايد ومديرها التنفيذي وكذلك السيدة ناتاشا روفوس اساكس. والسيدة فافينيا برينان المؤسسان المشاركان ومديرا "بولاه لندن".. ثم سارت السيدة فوستر والسيدة روفوس اسيكس والسيدة برينان للمنصة، وقالت السيدة سوزان مبارك للسيدة فوستر تولد لدينا انطباع من مبادرتكم المبتكرة في معالجة المشكلة الخطيرة والمتنامية للاتجار في البشر واستغلال السخرة، فيما قالت للسيدات روفوس واسيكس وبرينان: "نود أن نشجع مساعيكم المبتكرة في النضال من أجل تعزيز سبل المعيشة المستدامة لضحايا الإتجار في البشر وأن هيئة المحلفين تتطلع قدماً لمتابعة مدى التقدم في المبادريتين على حد سواء، ووجهت السيدة سوزان مبارك الشكر للسيدة كارولين كروسي شوفيل علي الجائزة الاستثنائية وعلى حضورها الجلسة الختامية للمنتدى معربة عن أملها أن يجذب هذا الاحتفال المزيد من رجال الأعمال. وأن نجتمع في غضون عامين لتكريم رواد عمل جدد ومبادراتهم الملهمة".

وختمت بقولها" "إن الإتجار في البشر يعتبر تحدياً طاغياً ويتعين علينا ألا ندع جهودنا تحبط وتستطيع قوتنا الجماعية ضمان عدم استغلال الآلاف من النساء والرجال والأطفال وإساءة معاملتهم ليصبحوا أحراراً في أن يحلموا ويأملوا في العيش في أمان وكرامة".


وقد اضطررت إلى اقتباس عبارات مطولة نسبيا من كلمة حرم الرئيس حتى أشرك القارئ معي في محاولة استيعاب ما استعصى على فهمي المتواضع، لأني تصورت وللوهلة الأولى عندما قرأت الخبر أن هذا المؤتمر يعقد في بعض عواصم أمريكا اللاتينية أو وسط أفريقيا مثلا أو حتى في بعض عواصم أوربا الشرقية حيث تنشط عصابات روسية وبولندية وغيرها في ما يعرف بالإتجار بالبشر، أما عقد هذا المؤتمر في مصر وتهتم به كل هذا الاهتمام حرم رئيس الجمهورية فهو أمر غريب ومدهش جدا، ويصعب علي استيعاب مبرر هذا الاهتمام إلا من باب الوجاهة الاجتماعية ببعدها الدولي، وإلا فهل يمكن أن تدلنا السيدة حرم الرئيس على مظاهر الإتجار بالبشر في مصر في ظل عهد الرئيس مبارك الذي دام ثلاثين عاما، وكيف عجزت جميع الحكومات التي مرت طوال عهد الرئيس مبارك عن حل قضية خطيرة مثل انتشار الاتجار بالبشر في مصر، وكيف تجاهلت المجالس التشريعية العديدة في عهد الرئيس مبارك انتشار قضية بهذا القدر من الخطورة في مصر، وكيف فات السيدة سوزان أن مصر تعاني هذه الآفة الخطيرة طوال ثلاثين سنة ولم تنتبه لها إلا هذا العام فقط، وإذا كانت السيدة سوزان قد وجهت الشكر إلى كل هذه الشخصيات "الأجنبية" التي لا نعرفها ولم نسمع بها من قبل، فهل يمكن أن توجه الشكر إلى أي حكومة في عهد الرئيس مبارك على جهودها في التصدي للإتجار بالبشر في مصر أو -على العكس- أن تلومها على التقصير، الحقيقة أن الموضوع كله غير مفهوم، كما أن من حق المصريين أن يعرفوا من تحمل تكاليف استضافة هذه الوفود الضخمة ومرافقيهم والانتقالات والإقامة والرحلات والترفيه وخلافه، وفي المحصلة أتصور أن السيدة سوزان تعرف أن في مصر من المآسي والأحزان وما يدمي القلب في دلتا مصر وصعيدها من حصاد الفقر والمرض والفساد وسوء الخدمات والبنية الأساسية التي لا تناسب حيوانات فضلا عن بشر، هي أولى بكل تأكيد بعنايتها وجهودها، إن كان ولا بد من جهودها، من أجل خدمة الوطن وإنسانه، بدلا من هذه الجهود الإعلامية والاحتفالية والبهرجة والبذخ التي لا تليق ببلد مثقل بالديون والهموم والإرهاق كمصر.

[email protected]

 

المصدر: جمال سلطان - جريدة المصريين
  • 0
  • 0
  • 14,614

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً