(إسرائيل) قسمت السودان..فهل من يقظة.. أم استسلام ؟!
أيام قليلة ويصبح جنوب السودان دولة جديدة ، و من المؤكد أن هذه الأخبار بشارة مفرحة لدولة الكيان ، لأنها عملت بما فيه الكفاية للوصول إلى هذه النتيجة ، وزرعت ما لم يزرعه أحد من العرب في السودان لتجني بعد ذلك الثمار ..
أيام قليلة ويصبح جنوب السودان دولة جديدة ، و من المؤكد أن هذه
الأخبار بشارة مفرحة لدولة الكيان ، لأنها عملت بما فيه الكفاية
للوصول إلى هذه النتيجة ، وزرعت ما لم يزرعه أحد من العرب في السودان
لتجني بعد ذلك الثمار .
مجموعة من الخطوات في أفريقيا لم تكن (إسرائيل) لتقدم عليها إلا عبر
علاقاتها مع أثيوبيا واريتريا و أوغندا التي أصبحت مركزية جداً في
الاستراتيجية الإسرائيلية ، وكان الطريق لتطويق السودان وتقطيع أوصاله
يمر عبر دعم الحركة الشعبية في جنوب السودان .
لماذا تقسيم السودان ؟
الكل منا يدرك بأن الخطر الذي يحدق بالسودان لم يكن هو الجنوبيين ،
وجميعنا يدرك كذلك أن مشاكل السودان في دارفور ليست فقط مجرد إشكالات
داخلية بين السودانيين ، ولكن كان هناك مخطط لتقسيم السودان وتفكيكه
من قبل أمريكا و( إسرائيل ) ، ولما للسودان من أهمية خاصة على الصعيد
العربي والإفريقي ، ويمكن أن نلخص ذلك في عدة نقاط :
1. السودان هي أكبر البلاد العربية و الأفريقية مساحةً ، حيث تصل
مساحتها إلى نصف مليون كلم مربع .
2. تمتلك السودان حدوداً لها مع عشرة دولة إفريقية وعربية ، وهي دولة
مفترق طرق .
3. خيرات السودان وأهمية الاحتياطي الباطني الموجود فيها .
4. وقوع السودان على حدود البحر الأحمر ، فهي ذات أهمية كبيرة على
الطريق الواصل بين أسيا والعالم .
5. استمرار تضيق الخناق على مصر من خلال السودان الذي شكل عمقاً
استراتيجياً لمصر بعد حرب 1967 م ، حيث تحول إلى قاعدة تدريب وإيواء
لسلاح الجو المصري ، كما وأرسل قوات إلى منطقة القناة أثناء حرب
الاستنزاف .
6. السودان هي دولة ممر مياه النيل إلى مصر .
7. الخشية من أن تصبح السودان دولة إسلامية وملجأً إسلامياً
أيضاً.
أهداف إسرائيل من التقسيم
لعل هذه الأسباب تكون جزءاً من أهداف ( إسرائيل ) في الاستفادة من
تقسيم السودان والتي تحدث فيها أفي دختر مسؤول الأمن الداخلي
الإسرائيلي عام 2008 م ، والذي أكد فيها على الأهداف الاستراتيجية
والتي تتلخص في تصريحات وتعليمات مؤسسها ديفيد بن غوريون حين قال : (
نحن شعب صغير وإمكانياتنا ومواردنا محدودة ، ولا بد من العمل على علاج
هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية ، من خلال معرفة
وتشخيص نقاط الضعف لديها ، خاصة العلاقات العرقية مع الأقليات
الطائفية ، بحيث نسهم في تعظيمها لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب
حلها أو احتواؤها) .
وهو الذي أعطي تعليماته حين أمر أجهزة الأمن بالاتصال بزعامات
الأقليات في العراق والسودان و إقامة علاقات معها ، وكانت إسرائيل قد
بنت محطات اتصال في كل من أثيوبيا وأوغندا وفي العديد من الدول
الإفريقية .
دور إسرائيل في دعم الحركة الشعبية
لقد قدمت إسرائيل الكثير للحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل تعزيز
قواتها وتنوعت أشكال الدعم المقدم لها ، وكانت من قبل قد بدأت بتشجيع
حركة آنيا نيا حتى عام 1972 حتى ظهر الجيش الشعبي أو ما يسمى حالياً
بالحركة الشعبية بقيادة جون غارانغ ولعل أبرز هذا الدعم كانت على
النحو التالي :
1. دعم قوات جون غارانغ منذ تأسيها بالسلاح .
2. استثمار و تعميق الخلافات القبلية بين الجنوبيين والشماليين
.
3. تقديم العديد من المساعدات الطبية والغذائية للجنوبيين .
4. إمداد الجنوبيين بكميات كبيرة من السلاح الإسرائيلي ، وتدريب
المليشيات الجنوبية في الدول المجاورة .
5. دعم التمرد المسلح وتزويد الحركات الانفصالية الجنوبية بأسلحة
متقدمة ، والتي كان آخرها صواريخ ومضادات طائرات وعربات مدرعة وصواريخ
أرض _ جو ، بالإضافة لصور عن المواقع الحكومية السودانية التي تلتقطها
أقمارها الصناعية .
6. إرسال العديد من الخبراء الإسرائيليين لوضع الخطط القتالية
للجنوبيين .
في المقابل لم تكن تخفي قيادات الحركة الشعبية تلك العلاقات المميزة
مع إسرائيل ، والنية عن فتح سفارة لها في ( إسرائيل ) بعد الانفصال
مباشرة ، ولعل التصريحات المتواصلة من الطرفين تؤكد على حجم العلاقة
بينهما منذ زمن ، والتي تبعها بعد ذلك تنظيم رحلات جوية بين جوبا و
أديس أبابا وتل أبيب ، إضافةً لارتفاع وتيرة التدريب للجيش حتى يصبح
جيشاً نظامياً يقدر على محاربة الدولة الأم .
الخلاصة
لن تتوقف الطموحات الإسرائيلية على حد فصل الجنوب عن السودان ، بل
ستتواصل لتنتقل إلى ساحة أخرى مشتعلة في السودان هي دارفور ، التي
تحاول المنظمات الغربية ومن خلفها (إسرائيل ) العبث فيها ، ولعل تطور
العلاقة بين الجنوبيين ومتمردي دارفور خير دليل على ذلك .
لن تتوقف الطموحات الإسرائيلية أيضاً عند حدود السودان ، فقد وجهت
ضربة جديدة للنظام المصري بأن شددت الخناق عليه ، ولعل الظروف الآن
مواتية جداً للحديث عن الأقلية القبطية في مصر بعد تفجير الإسكندرية ،
وأن المخطط في التقسيم قادم ليشمل جميع الدول العربية التي تمتلك
مساحة وتشكل خطراً على تواجد أمن دولة ( إسرائيل ) ، وهذا يعزز القول
بأن دعم الجنوبيين كان كله من قبل الجهات الأمنية (الموساد) وليس
السياسية في (إسرائيل) ، انطلاقا من النظرية الأمنية الإسرائيلية
والسيطرة على نهر النيل وجعل مصر تقع تحت تأثير هذه الدول ، لأن
الشوكة الخلفية قد زرعت في ظهر العالم العربي من قبل (إسرائيل) في
جنوب السودان .
ولكن وأمام هذه المعادلة هل يمكن أن يحمي العرب السودان ؟ وهل يستطيع
أن يتمسك بدارفور ويقدم الدعم للسودان الذي أنهكته الصراعات على
أطرافه ، حتى لا يفكر بالتنمية والازدهار ، ويصبح قوة مؤثرة ؟ أم أن
مصر والعرب سيستسلمون للمعادلة الجديدة في الأمن والمياه ، ويصبح
السودان يبعث بشرارته القومية ضد الأمن القومي العربي ، وتكون مصر هي
الضحية القادمة ؟ أم أن مصر ستتحرك بعد تصريحات الرئيس الفرنسي
والهجمة عليها من قبل الغرب ، بعد تفجير الإسكندرية ؟
14/2/1432 هـ
- التصنيف: