روح وريحان: استشارة قرآنية (2)
وكذلك الحال مع القرآن، فعقلك غير معتاد على كثرة ترديده وتلاوته، وبالتالي تجدين نفسك أحيانًا لا تستوعبين الآيات رغم كثرة ترديدك لها، فهي تمر مرورًا عابرًا ولا تتعمق في عقلك لتثبت فيها ولذلك تحتاجين لكثرة التدريب على الحفظ والترديد بتركيز - على مدار الأيام - حتى تتمرن عضلة المخ على ذلك.
السؤال:
أشعر بوجود غمامة أثناء الحفظ رغم أني أخذت بنصيحتك في محاولة تحديد ما يشغلني ومحاولة تفريغ ذهني قبل الجلوس للحفظ. ومع ذلك أجد نفسي أحفظ وأكرر كما لو أن هناك حاجز بيني وبين الكلمات. أيضًا عند مراجعة حفظي بالصلاة، أجد نفسي نسيت ترتيب الآيات وليس الآيات نفسها.
الجواب:
دعيني أسألك سؤالًا يا رفيقتي، هل جربت من قبل ممارسة الرياضة؟
إن كان نعم، فأكيد تتذكرين كم شعرتِ بالإرهاق الجسدي في الأسابيع الأولى وذلك لأن عضلات جسدك لم تكن معتادة على بذل المجهود، لذلك قمتِ وقتها بالتدريج في التمارين حتى أعتاد جسدك عليها وأصبحت عضلاتك أقوى وصارت الرياضة جزء من روتينك اليومي.
وكذلك الحال مع القرآن، فعقلك غير معتاد على كثرة ترديده وتلاوته، وبالتالي تجدين نفسك أحيانًا لا تستوعبين الآيات رغم كثرة ترديدك لها، فهي تمر مرورًا عابرًا ولا تتعمق في عقلك لتثبت فيها ولذلك تحتاجين لكثرة التدريب على الحفظ والترديد بتركيز - على مدار الأيام - حتى تتمرن عضلة المخ على ذلك.
وقد أحسنتِ صنعا بمحاولة الجلوس لتحديد ما يشغلك ومحاولة التخلص منه من خلال كتابته قبل الجلوس للحفظ حتى لا يُشتتك ذهنيًا.
وأريد منك القيام بأمر آخر من باب إعانتك على التركيز بالآيات، وهو تمرير أصبعك على الآية أثناء استماعك لها قبل الحفظ مع محاولة تأمل كل كلمة والتركيز فيها.
وكذلك محاولة استيعاب المعنى الإجمالي للآية وفهمها ولو من خلال قراءة تفسير مختصر مثل (المختصر في التفسير)، لأن فهم الآية من أكبر ما يُعين على تذكرها وتذكر ألفاظها.
وتذكري قول الشيخ الشنقيطي حفظه الله: "لا تطمع أن تكون حافظًا متقنًا ولم تتخذ التكرار مطيّـة لك.. فإن مُظلم القلب لو كرَّر القرآن لأتقن حفظه.. فكيف بك يا من تريد حمل النور في قلبك، فالتكرار ثم التكرار.. لا تدري لعل في المرة الألف من التكرار يفتح الله عليك حفظًا وتدبرًا ووجلاً منه.. فيحل رضوان الله عليك فلا يسخط أبدًا
فقط اسأل الله الإعانة والتوفيق".
والتكرار ليس شرطًا أن يكون وقت الحفظ فقط بل يمكنك تكراره على مدار اليوم.
أما فيما يخص ترتيب الآيات، فحلها أنكِ حين تبدئين بحفظ الآية، لا تبدئي الحفظ من أول كلمة في هذه الآية، وإنما ابدئي الحفظ من آخر كلمة بالآية السابقة ليكون هناك ترابط ذهني بين الآيات في عقلك.
أسأله سبحانه أن يجعلني وإياكِ ممن يحل عليه رضوانه فلا يسخط أبدًا.
- التصنيف:
- المصدر: