إلى الفلوجة.. { وإن جندنا لهم الغالبون }
منذ 2004-04-12
الحمد لله القدوس السلام ، ذي العزة والجبروت الذي لا يضام ، الحي القيوم الذي لا ينام ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء الملك العلام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً يقبل بها الإسلام ، وتنال بها العزة والرفعة على كل الأنام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى الجهاد وإحياء ذروة سنام الإسلام ، وعلى آله وأصحابه الأبطال أولي النهى والأحلام ، ومن تبعهم بإحسان وجهاد وإقدام ،إلى يوم يحكم الله فيه بين الأنام أما بعد : أيها المسلمون : الوجوه شاحبة والعيون شاخصة ،والقسمات والملامح مجهدة ، تسمع صراخ النساء وبكاء الأطفال ، وأزيز الطائرات وأصوات القنابل والانفجارات ، الكل يهرع ، الكل يجري ، وكأنك في مشهد من مشاهد يوم القيامة ، في الشوارع ترى الدماء تسيل ، والأشلاء ممزقة ، ورغم كل هذا تسمع صرخات التكبير مدوية ، وسط كل هذه المناظر المؤلمة نرى ضوء الفجر قد بزغ وإذا بالتاريخ يسجل والقنوات تصور وتعرض أعظم البطولات ، وأسمى معاني الفداء والتضحيات، ورغم كل هذا نسمع صوت الأذان مرتفعا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ،وصدق الله إذ يقول :{ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون } [التوبة:32]، { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } [الصف:8]،لا إله إلا الله وحده، نصر عبده و صدق وعده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده . سبحانك لا رب غيرك ولا إله سواك ، حكمك نافذ، وأمرك مطاع ولا راد لقضائك، لك الحمد والنعمة والفضل ، أيها المسلمون: رغم ألم المشاهد، وصعوبة المرحلة التي نعيشها ، ولكن والله إن البشائر قد طغت على الخسائر ، والتفاؤل هزم التشاؤم ، وصدق الله إذ يقول ولا أصدق ولا أجل ولا أحكم منه سبحانه :{ وإن جندنا لهم الغالبون } اسمعها يامؤمن ياعبدالله وتأملها وخذها بشارة من ربك، بشارة من الذي يدبر الكون ،ويصرف الأمور من الذي إذا قال للشيء كن فيكون { وإن جندنا لهم الغالبون } ولنا مع الأحداث وقفات وعبر ودروس وبشائر ، ولنقف نحن وإياكم ولنتنعم بهذه الهبات والعطايا الربانية، ونستبشر وإياكم بهذه البشائر الإلهية، فإياك إياك أن يتسلل اليأس إلى نفسك ،أو يتملك الحزن والقنوط قلبك ،وثق بربك وأحسن الظن به فهو عند حسن ظن عبده به ونحن يارب لا نظن فيك إلا خيراً، إسمع إلى ما يبشرك به ربك ومولاك نعم أنت أريد يامن هويتك الإسلام وشعارك القرآن وقدوتك محمد خير الأنام :
البشارة الأولى : الحقيقة التي لا تتبدل، والحق الذي لا يتغير والبشارة التي لاتزول ما أخبر الله به في كتابه في غير موضع حيث : يقول ربنا جل وعلا : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } [غافر:51]، ويقول سبحانه : { إن ينصركم الله فلا غالب لكم ، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده } [آل عمران:160]، ويقول المولى جل شأنه { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز } [الحج:40]، ويقول سبحانه : { وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } ، ويقول جل وعلا: { وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب } [الصف:13]،وقال سبحانه لنبيه الكريم : { وينصرك الله نصراً عزيزاً } [الفتح:3]، ويقول سبحانه مسلياً أنبياءه وأولياءه : { فصبروا على ماكذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا } [الأنعام:34]، وقال سبحانه عن الحال التي قد تصل بالأنبياء من الشدة والبلاء : { حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله } [يوسف:110]، ويقول سبحانه : { والله يؤيد بنصره من يشاء } [آل عمران:13]،ويقول سبحانه عن الحقيقة التي لا يجوز أن تغيب عن أذهاننا : { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون،وإن جندنا لهم الغالبون } [الصافات:171-173]
أبعد هذا يمكن أن يداخلك شك، فاستعد فإن النصر قد قرب والفجر قد بزغ { إن رحمت الله قريب من المحسنين }
البشارة الثانية : ما شاهدناه وشاهده كل العالم من بطولات أحفاد سعد والمثنى الذين أعادوا لنا ربى حطين والقادسية واليرموك ، لكم الله يا أبطال الفلوجة ياغرة الزمان وياشامة الإسلام ، يامن رفعتم جبين الأمة ، إننا نكاد أن نذوب خجلا وحياء من هذه البطولات التي فاقت كل التصورات وكل تحليلات المحللين وتوقعات المنظرين والمخططين ، هذه البطولات التي أخرست الألسنة اليائسة والنفوسَ المريضة ، والقلوب الضعيفة ، كم هي فرحتنا وأنتم تنتقمون لنا ممن ظلمنا ،ممن هتك الأعراض وخرب الديار وسرق الخيرات وجعل الأرض كلها بوار ، لقد ثأرتم لكل أب مظلوم لكل حر أبي مكلوم، ثأرتم ورب الكعبة فأطفئتم الحسرة والحرقة في الفتاة التي هتك عرضها ونيل من كرامتها ،لقد مرغتم كرامة أمريكا وأذهبتم هيبة أمريكا، وكسرتم حاجز الخوف من حامية الصليب، أنكم أعطيتم الدرس واضحا للجيوش النظامية التي لم تحرك ساكنا ولم تحم وطنا ولم ترع ذمما ، بكم ياغرة الزمان تصنع الأمجاد وعلى أيديكم تتعلم الشعوب معنى العزة والكرامة، لقد أعطيتمونا الدرس العظيم الذي لن ننساه بأن حياة العز والشرف خير من حياة الذل مع الترف ، يا أبطال الفلوجة إن بطولاتكم فضحت وعرت الممارسات الرخيصة والقذرة في إعلامنا العربي عذرا أيها الأبطال أنتم تصنعون التاريخ ونحن نقدم البرامج التي تجعلنا في زبالة التاريخ ، عذراً أيها الأبطال كاد اليأس والإحباط أن يذهب بحشاشات القلوب ونحن نشاهد العبث الذي أجمعت عليه القنوات الفضائية في زمن قل فيه الإجماع فإذا بكم تبعثون الأمل وترسلون الرسالة بالأفعال لا بالأقوال ،إن في الأمة رجال، إن في الأمة أبطال يدافعون عن الدين والعرض والأرض والمقدسات ،.
يا أبطال الفلوجة ياأبطال العراق الأباة لقد أعطيتمونا درساً في معنى الإيمان الصحيح الإيمان الحق :{ والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذي آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً }
يا أبطال العراق : لئن فاتكم شيء من الدنيا ولم تتمعتوا بها، لئن لم تحوزوا على أوسمة الخيانة والذل التي أعطاها المحتل للخونة من بني جلدتكم فلن يفوتكم الوسام الذي أعطاكموه ربكم إذ يقول مبينا منزلتكم ودرجتكم :{ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً }
البشارة الثالثة : كم من نعمة يسديها العدو لكم وهو لا يشعر ، لو قيل لأمريكا نريدكم أن تدربوا أبناء العراق على الجهاد والقتال والصبر وتحمل الأعباء لمدة طويلة حتى يستطيعوا أن يقاوموا المحتل ، هل تتصورون أن يتجاوبوا معكم ، إن المتأمل في واقع خطط الأعداء في القديم والحديث هو إغراق الشعوب في الملذات والملهيات والشهوات حتى تغدوا كالقطعان السائمة التي لا تعرف معروفا ولاتنكر منكرا ، تغدوا شعوبا لا هم لها إلا الترفيه والتسلية كم تنفق أمريكا وربيبتها دولة يهود على إضلال الشعوب فهذا سلاحهم وطبعهم منذ القديم ، فنحن إلى الآن مازلنا نتابع البرامج التي تعرض الرذيلة في أقبح صورها وتهدم الفضيلة بأحط الأساليب وأرذلها ، وصدق الله إذ يقول :{ والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيم } النساء[27]، فيا أبطال العراق لقد أعطاكم عدوكم دورة تدريبية مكثفة على شظف العيش فخرجتم أبطال الميادين ، وصناع النصر، لقد حاصركم العدو ومنع منكم الغذاء والدواء فتربيتم على عين الله فخرجتم أقسى ما تكونون على عدوكم ، وأصبر ما يتصوره منكم عباد الصليب وأحفاد القردة والخنازير ، لقد حاصركم فأصبح الموت أسمى أمانيكم ، والجنة أغلى مطالبكم، فلله كما هي تلك الأحداث في ظاهرها نقم ومحن، وفي حقيقتها نعم لا تقدر بثمن { ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين }.
البشارة الرابعة : لقد عجزت وسائلنا الإعلامية بل تعاجزت عن فضح أمريكا وإبداء وجهها الكالح ، عجزنا عن تعريتهم وبيان حقيقة حضارتهم التي يزعمون ،وأنهم في حقيقة الأمر برابرة همج لا يراعون طفلا صغيرا ،ولا شيخا كبيرا ،ولا امرأة ضعيفة، لقد نُزعت الرحمة من قلوبهم، فالمساكن تدك على رؤوس العزل من أصحابها ،والمساجد تهدم على الآمنين المطمئنين في جوار ربهم ، أي حضارة التي تبشر بها أمريكا ؟وهي تستخدم الأسلحة والقنابل المحرمة دولياً ، أي نظام تحترم ؟وأي شعوب تقدر؟ وأي عدالة تدعوا لها؟ وأي حقوق تريد؟ ، يا أبطال العراق : لقد غيرتم وسائل الإعلام رغماً عنها فجعلتموها تفضح الحضارة الأمريكية وتعريها للعالم عبر عدسات المصورين وهم يشاهدون همج المبشرين بالدين المحرف المكذوب على المسيح عليه السلام ، فإذا بالعالم يزداد قناعة بفشل المشروع الأمريكي التي تبشر به حامية الصليب وعباد الشهوات، ليس بمستغرب من عدونا أن يفعل هذا فهذا هو الأصل فيهم كما أخبرنا جل وعلا بقوله :{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة } ، إن عجبنا لا ينقضي من المنافقين المندسين بين صفوفنا الذين يتكلمون بألستنا ويحملون أسماء المسلمين ، ويعيشون بيننا فهذا أحدهم يقول إنه : ( يستبشر بقدوم أمريكا للمنطقة لانها سوف تحرك عجلة التغيير والتقدم في المنطقة ) فنقول له أبشر ما يحدث في العراق هو التقدم والتغيير الذي تريدون؟ تباً لهذه العقول وتباً لهذه الوقاحة وتباً لهذه الزندقة والنفاق وصدق الله إذ يقول { ولتعرفنهم في لحن القول } وصدق الله إذ يقول :{ قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر }.
البشارة الخامسة : لقد أفشلتم مخططات عدونا في المنطقة وأخرتم مشاريعها التغريبية والتوسعية ، إنه يعيش تخبطاً وارتباكاً لم تعشها أمريكا ولا حتى في حربها مع فيتنام التي هزمت فيها فالهزيمة التي تعيشها الآن لها نكهة أخرى يتلذذ بها الأحرار المؤمنون ولا يشعر بها إلا من كان قلبه معظما لربه ومولاه محبا للمؤمنين مبغضا لأعداء الملة والدين ، يا أبطال العراق : إن النصر الحقيقي هو في ثباتكم على مبادئكم وليس في نصر يكون بالتنازل عن الدين والمبادئ،إن حقيقة النصر أن لا يستطيع العدو أن يحقق أهدافه ويرجع خائباً خاسراً على عقبيه ، فهاهو لم يستطع أن يتنعم النفظ الذي كان يحلم به ، ولا بالاستثمارات التي كان يتمناها ، ولا بالتوسع الذي كان ينشده ، يا أبطال العراق تذكروا قول ربكم فهو تسلية لكم وتطييباً لنفوسكم { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون } ، وتذكروا قول ربكم ومولاكم { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه وأولئك هم المهتدون } أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
- التصنيف:
أبو حمزه
منذابو عبد الله
منذ