النصف من شعبان.. فضل ليلتها وحكم صوم نهارها

منذ 2017-05-08

الأحاديثَ في فضل ليلة النصف من شعبان ثابتة وفي أقلِّ أحولها أحاديث حسنة لغيرها بمجوع طرقها، ومن العلماء من صرح أنها صحيحة لغيرها بمجموع طرقها لأنّ من طرقها حسنة بذاتها، والله أعلم بالصواب، ويتبيَّنُ مما تقدَّم من الأحاديث أن الله لا يغفر في هذه الليلة: 1- لمشرك 2- أو مشاحن لأخيه. 3- أو َقَاتِلِ نَفْسٍ. 4- أو قاطع رحم. 5- أو مسبلٍ. 6- أو عاقٍّ لوالديه. 7- أو مدمنِ خمر.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وأترضى عن الصحابة والتابعين ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

 وبعد: فإنَّ مما شاع الاختلاف فيه هو:

 فضل ليلة النصف من شعبان وحكم صيام نهارها فأحببت في هذه العجالة أن أوضح هذا الموضوع باختصار ناقلاً الأحاديثَ الواردة فيها مع الحكم عليها وبيان أقوال أئمة الجرح والتعديل، وذكر الآثار الواردة في هذا الباب معزّزاً ذلك بأقوال الأئمة العلماء وابتدِئُ أولاً بذكر الحديث الوارد في حكم صوم هذا اليوم ومن ثم أعرِّج على ما ذكرتُه لعلي أدرج مع خدام هذا العلم الشريف.

 وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلة وصحبهِ أجمعين.

 

أولاً: حديث صوم النصف من شعبان:

قال ابن ماجه: حدثنا الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، ثنا عبد الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا ابن أبي سَبْرَةَ عن إبراهيم بن مُحَمَّدٍ عن مُعَاوِيَةَ بن عبد اللَّهِ بن جَعْفَرٍ، عن أبيه عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كانت لَيْلَةُُ النِّصْفِ من شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فإن اللَّهَ يَنْزِلُ فيها لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا فيقول: ألا من مُسْتَغْفِرٍ لي فَأَغْفِرَ له، ألا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، ألا مبتلى فَأُعَافِيَهُ، ألا كَذَا ألا كَذَا حتى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» [1].

 

أقوال العلماء في الحكم على الحديث:

وقال ابن الجوزيّ: هذا حديث لا يصحُّ [2].

قال العراقيّ: إسناده ضعيف [3].

 وقال الإمام العينيّ: (وإسنادُه ضعيف، وابن أبي سبرة هو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن سبرة، مفتي المدينة وقاضي بغداد ضعيف، وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى ضعفه الجمهور) [4].

وقال شهاب الدين البوصيريّ: (هذا إسناد فيه ابن أبي سبرة، واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة.

قال أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين: يضع الحديث) [5].

وذكره اللكنويّ ضمن الأحاديث الموضوعة [6].

وقال المباركفوريّ: (وفي سنده أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشيّ العامريّ المدنيّ، قيل: اسمه: عبد الله، وقيل: محمد، وقد ينسب إلى جدّه، رموه بالوضع كذا في التقريب، وقال الذهبي في الميزان ضعفه البخاريّ وغيره، وروى عبد الله وصالح ابنا أحمد عن أبيهما قال: كان يضع الحديث. وقال النسائيّ: متروك) [7].

وقال الألبانيّ: ضعيف جدّاً، أو موضوع [8].

 

وعلى هذا فالحديثُ ضعيفٌ جدّاً، أو موضوع لا يجوز الاحتجاج به في استحباب صوم يوم النصف من شعبان، ففي سنده (أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة).

وفيما يأتي ترجمته، وأقوال أئمة الجرح والتعديل فيه:

هو: أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشيّ العامريّ المدنيّ، قيل: اسمه عبد الله، مات سنة 162هـ.

قال أحمد بن حنبل: يضع الحديث، وقال: كان يضعُ الحديث ويكذب

وقال يحيى بن معين: ليس حديثُه بشيء، وقال: ضعيف الحديث.

وقال علي بن المديني: كان ضعيفاً في الحديث، وقال مرة: كان منكر الحديث.

وقال الجوزجانيّ: يضعف حديثه.

وقال الدراقطنيّ: ضعيف.

وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب في الرواية عنهم.

وقال البخاريّ: ضعيف، وقال مرة: منكر الحديث.

وقال النسائيّ: متروك الحديث.

وقال ابن عديّ: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في جملة من يضع الحديث.

وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به.

وقال الساجيّ: عنده منا كير.

وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقويّ عندهم.

وقال الحاكم أبو عبد الله: يروي الموضوعات عن الإثبات [9].

 

أقول: وما نقل عن الأئمة أن الحديث ضعيف، فيحمل على الضعف الشديد وليس المنجبر الذي يتقوى بغيره، وعليه لا يجوز الاستدلال به في فضائل الأعمال كما هو معروف عند علماء الحديث، وينبغي الإشارة أنّ من صام هذا اليوم بنية صوم يوم من شعبان، أو الأيام البيض أو وافق يوم الاثنين أو الخميس فلا شيَء عليه، بل أصاب السنة كما هو معلومٌ عند أهل الشأن؛ فالنية هي الحدّ الفاصل في صيام هذا اليوم، وصدق الصادق المصدوق بقوله: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» [10].

 

ثانياً: الأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان:

1- من مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: قال البزار: عن أبي بكر يعني الصديق قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيغفر لعباده إلا ما كانن من مشرك أو مشاحن لأخيه» [11].

 

2- من مسند أبي ثعلبة رضي الله عنهم. قال البزار: عن أبي ثعلبة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه»  [12].

 

3- من مسند أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم. قال ابن ماجه: حدثنا رَاشِدُ بن سَعِيدِ بن رَاشِدٍ الرَّمْلِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ عن بن لَهِيعَةَ، عن الضَّحَّاكِ بن أَيْمَنَ، عن الضَّحَّاكِ بن عبد الرحمن بن عَرْزَبٍ، عن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقة إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ» [13].

 

4- من مسند أبي هريرة رضي الله عنهم: قال البزار:عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده إلا لمشرك أو مشاحن» [14].

 

5- من مسند عائشة رضي الله عنها: قال الترمذي: حدثنا أَحْمَدُ بن مَنِيعٍ حدثنا يَزِيدُ بن هَارُونَ، أخبرنا الْحَجَّاجُ بن أَرْطَاةَ، عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ، عن عُرْوَةَ، عن عَائِشَةَ قالت: «فَقَدْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً فَخَرَجْتُُ فإذا هو بِالْبَقِيعِ فقال: أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ، قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ إني ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فقال: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ من شَعْبَانَ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ من عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ» [15].

 

وفي رواية البيهقيّ: « أن عائشة قالت: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيتُ ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت، فلما رفع الي رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: يا عائشة أو يا حميراء: أظننت أن النبي قد خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننتُ أنك قبضت لطول سجودك، فقال: أتدرين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم» [16].

 

وزاد في موضع:  «فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب، لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل ولا إلى عاقّ لوالديه ولا إلى مدمن خمر، قال: ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي: يا عائشة تأذنين لي في قيام هذه الليلة، فقلت: نعم بأبي وأمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قبض، فقمت التمسته ووضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت وسمعته يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك، فلما أصبح ذكرتهن له فقال يا عائشة: تعلمتِهنَّ؟ فقلت: نعم. فقال: تعلميهنَّ وعلميهنَّ؛ فإن جبريل عليه السلام علمنيهنَّ وأمرني أن أرددهن في السجود» [17].

 

6- من مسند عبد الله بن عَمْر -رضي الله عنهم: قال الإمام احمد: ثنا حَسَنٌ، ثنا بن لَهِيعَةَ، ثنا حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عَمْرٍو انَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَطَّلِعُ الله عز وجل إلى خلقة لَيْلَةَ النِّصْفِ من شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ الا لاِثْنَيْنِ: مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْسٍ» [18].

 

7- من مسند عوف بن مالك -رضي الله عنهم: قال البزار:عن عوف بن مالك قال قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم «يطلع الله تبارك وتعالى على خلقه ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر لهم كلِّهم إلا لمشركٍ أو مشاحن» [19].

 

8- من مسند كثير بن مرة الحضرميّ رضي الله عنهم: قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن مكحول، عن كثير بن مرة الحضرمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ ينزل ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر فيها الذنوب إلا لمشركٍ أو مشاحن» [20].

 

9- من مسند معاذ بن جبل -رضي الله عنهم: قال ابن حبان: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ قَالُوا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ،عَنِ الأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « يَطْلُعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» [21].

 

تبين مما سبق أنَّ الأحاديثَ في فضل ليلة النصف من شعبان ثابتة وفي أقلِّ أحولها أحاديث حسنة لغيرها بمجوع طرقها، ومن العلماء من صرح أنها صحيحة لغيرها بمجموع طرقها لأنّ من طرقها حسنة بذاتها، والله أعلم بالصواب، ويتبيَّنُ مما تقدَّم من الأحاديث أن الله لا يغفر في هذه الليلة:

1- لمشرك.

2- أو مشاحن لأخيه.

3- أو َقَاتِلِ نَفْسٍ.

4- أو قاطع رحم.

5- أو مسبلٍ.

6- أو عاقٍّ لوالديه.

7- أو مدمنِ خمر.

ويغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه.

 

ثالثاً: الآثار المروية عن الصحابة والتابعين والعلماء في فضل هذه الليلة:

قال ابن عباس رضي الله عنهم: (في النصف من شعبان): (إنَّ الرجلَ ليمشي في الأسواق، وإن اسمه لفي الموتى) [22].

 

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: (خمس ليال لا تردُّ فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتيِ العيدين) [23].

 

وقال عطاء بن يسار رحمه الله: (تنسخ في النصف من شعبان الآجال، حتى أنَّ الرجلَ ليخرجُ مسافراً وقد نسخ من الأحياء إلى الأمواتِ، ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات) [24].

 

وقال الشافعي رحمه الله: (بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلةَ جمعٍ، وليلةُ جمع هي ليلة العيد لأن في صبحها النحر... ثم قال (أي الشافعيّ): وأنا أستحبُّ كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا) [25].

 

قال النوويُّ رحمه الله: (واستحبَّ الشافعيُّ والأصحابُ الإحياء المذكور مع أنَّ الحديث ضعيف لما سبق في أول الكتاب أن أحاديث الفضائل يتسامح فيها ويعمل على وفق ضعفيها) [26].

 

قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضلٌ، وكان في السلف من يصلي فيها، لكنَّ الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعةٌ، وكذلك الصلاة الألفية) [27].

 

وقال: (وأما ليلةُ النصف من شعبان ففيها فضل، وكان من السلف من يصليها، لكنَّ اجتماع الناس فيها لإحيائها في المساجد بدعة والله أعلم) [28].

 

وقال: (ليلةُ نصف شعبان رويَ فيها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة ومن السلف من خصَّها بالصلاة فيها وصوم شعبان جاءت فيه أخبار صحيحة أما الصوم يوم نصفه مفرداً فلا أصل له، بل يكره، قال: وكذا اتخاذه موسماً تصنع فيه الأطعمة والحلوى وتظهر فيه الزينة وهو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها، وما قيل من قَسْمِ الأرزاق فيها لم يثبت) [29].

 

وقال: (وصلاةُ الألفية في ليلة النصف من شعبان والاجتماع على صلاةٍ راتبة فيها بدعة وإنما كانوا يصلون في بيوتهم كقيام الليل وإن قام معه بعض الناس من غير مداومة على الجماعة فيها وفي غيرها فلا بأس، كما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة بابن عباس وليلة بحذيفة) [30].

 

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: (وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِهَذِهِ اللَّيْلَةِ فَضْلًا وَأَنَّهُ يَقَعُ فيها مَغْفِرَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَاسْتِجَابَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَمِنْ ثَمَّ قال الشَّافِعِيُّ رضي اللَّهُ عنه إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فيها وَإِنَّمَا النِّزَاعُ في الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ لَيْلَتهَا وقد عَلِمْت أنها بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ يُمْنَعُ منها فَاعِلُهَا وَإِنْ جاء أَنَّ التَّابِعِينَ من أَهْلِ الشَّامِ كَمَكْحُولٍ وَخَالِدِ بن مَعْدَانَ وَلُقْمَانَ وَغَيْرِهِمْ يُعَظِّمُونَهَا وَيَجْتَهِدُونَ فيها بِالْعِبَادَةِ وَعَنْهُمْ أَخَذَ الناس ما ابْتَدَعُوهُ فيها ولم يَسْتَنِدُوا في ذلك لِدَلِيلٍ صَحِيحٍ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَنَدُوا بِآثَار إسْرَائِيلِيَّةٍ وَمِنْ ثَمَّ أَنْكَرَ ذلك عليهم أَكْثَرُ عُلَمَاء الْحِجَازِ كَعَطَاءٍ وَابْنِ أبي مُلَيْكَةَ وَفُقَهَاء الْمَدِينَة وهو قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ، قالوا: وَذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ، إذْ لم يَثْبُت فيها شَيْءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم )[31].

 

قال ابن نُجيم الحنفيّ رحمه الله: (ومن المندوبات إحياءُ ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه، ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد، قال في الحاوي القدسي: ولا يصَلَّى تطوعٌ بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتيِ العيد وعرفة، والجمعة وغيرها تصلى فرادى، ومن هنا يعلَمُ كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب) [32].

 

قال ابن عابدين رحمه الله: (وإحياء ليلةِ العيدين، الأولى ليلتي بالتثنية، أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى، (والنصف) أي: وإحياء ليلة النصف من شعبان) [33].

 

قال الشرنبلاليّ رحمه الله: (وندب إحياء ليالي العشر الأخير من رمضان وإحياء ليلتَيِ العيدين وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد) [34].

 

قال المباركفوريّ: اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلاً... فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء والله تعالى أعلم [35].

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلة وصحبهِ أجمعين.

الكاتب: أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سنن ابن ماجه: ج1/ص444، رقم: 1388.

[2] العلل المتناهية: (2/ 562).

[3] ينظر المغني عن حمل الاسفار في الاسفار: (1: 157).

[4] عمدة القاري: ج11/ص82.

[5] مصباح الزجاجة: ج2/ص10.

[6] ينظر الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة: (ص: 81)

[7] ينظر تحفة الأحوذي: ج3/ص366.

[8] ينظر تخريج الألباني على سنن ابن ماجه: ج1/ص444، رقم: 1388.

[9] ينظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2/ص222،والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ج2/ص131،والمجروحين ج3/ص147،وضعفاء العقيلي ج2/ص271، وتهذيب الكمال ج33/ص102، والكاشف ج2/ص411، وتهذيب التهذيب ج12/ص31.

[10] ينظر البخاري: (1: 3) رقم الحديث: (1).

[11] مسند البزار: ج1/ص157، قال الهيثمي: رواه البزار وفيه عبد الملك بن عبد الملك ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يضعفه وبقية رجاله ثقات. ينظر مجمع الزوائد ج8/ص65.

[12] مسند البزار: ج1/ص157، المعجم الكبير ج22/ص223-224، رقم: 590-591،والسنن الصغرى للبيهقي ج3/ص431، قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه الأحوص بن حيكم وهو ضعيف. ينظر مجمع الزوائد: (8/ 127).

[13] سنن ابن ماجه ج1/ص445، رقم: 1390،قال السندي: وفي الزوائد: إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، وتدليس الوليد بن مسلم، وقال الالباني: حديث حسن.

[14] مسند البزار: ج1/ص157، قال الهيثمي: رواه البزار وفيه هشام بن عبدالرحمن ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. ينظر مجمع الزوائد: (8/ 126).

[15] سنن الترمذي: ج3/ص116،بَاب ما جاء في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ، رقم:739.وقال: وفي الْبَاب عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ، قال أبو عِيسَى حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ إلا من هذا الْوَجْهِ من حديث الْحَجَّاجِ وسَمِعْت مُحَمَّدًا يُضَعِّفُ هذا الحديث وقال يحيى بن أبي كَثِيرٍ لم يَسْمَعْ من عُرْوَةَ، وَالْحَجَّاجُ بن أَرْطَاةَ لم يَسْمَعْ من يحيى بن أبي كَثِيرٍ، وسنن ابن ماجه ج1/ص444،بَاب ما جاء في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ، رقم: 1389،وقال الالبانيّ: ضعيف. ومصنف ابن أبي شيبة ج6/ص108،ما قالوا في ليلة النصف من شعبان وما يغفر فيها من الذنوب، رقم:29858، ومسند أحمد بن حنبل ج6/ص238،رقم: 26060،وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة، ولانقطاعه، ومسند عبد بن حميد ج1/ص437،رقم:1509

[16] شعب الإيمان: ج3/ص382،رقم: 3835، وقال: قال الأزهريّ قوله قد خاس بك يقال للرجل إذا غدر بصاحبه فلم يؤته حقه قد خاس به قلت هذا مرسل جيد ويحتمل أن يكون العلاء بن الحارث أخذه من مكحول، والله أعلم، وقد روي في هذا الباب أحاديث مناكير رواتها قوم مجهولون قد ذكرنا في كتاب الدعوات منها حديثين.

[17] شعب الإيمان: ج3/ص384-385،رقم: 3835، وقال: وهذا إسناد ضعيف، وروى من وجه آخر.

[18] مسند أحمد بن حنبل: ج2/ص176، رقم: 6642، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة، ومسند البزار ج1/ص157، قال الهيثمي: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو لين الحديث وبقية رجاله وثقوا. ينظر مجمع الزوائد: (8/ 126).

[19] مسند البزار: ج1/ص157، قال الهيثمي: رواه البزار وفيه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم وثقه أحمد بن صالح وضعفه جمهور الأئمة وابن لهيعة لين وبقية رجاله ثقات. ينظر مجمع الزوائد: (8/ 126).

[20] مصنف ابن أبي شيبة ج6/ص108،رقم:29859،و مصنف عبد الرزاق ج4/ص316،باب النصف من شعبان، رقم:7923، مسند البزار: ج7/ص186،رقم:2754.

[21] صحيح ابن حبان: ج12/ص481، رقم:5665،ذكر مغفرة الله جل وعلا في ليلة النصف من شعبان لمن شاء من خلقه إلا من أشرك به أو كان بينه وبين أخيه شحناء، و المعجم الكبير ج20/ص108،رقم: 215، والمعجم الأوسط ج7/ص36،رقم:2124، وقال صاحب كتاب موارد الظمآن: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات ج1/ص486، وقال العراقي في شرح المواهب: حديث حسن.

[22] مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.

[23] مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.

[24] مصنف عبد الرزاق: ج4/ص317.

[25] الام: ج 1/ ص 364، معرفة السنن والآثار ج3/ص67.

[26] المجموع: (5/43).

[27] الفتاوى الكبرى: ج4/ص428

[28] مختصر الفتاوى المصرية: ج1/ص291-292.

[29] فيض القدير: (2/ 316)، وأسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب: (ص: 84).

[30] مختصر الفتاوى المصرية: ج1/ص291-292.

[31] الفتاوى الفقهية الكبرى ج2/ص80.

[32] البحر الرائق: (2: 56).

[33] حاشية ابن عابدين: (2: 27).

[34] نور الإيضاح: (1: 63).

[35] ينظر تحفة الأحوذي: ج3/ص365، مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (4/ 645).

  • 122
  • 9
  • 480,581

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً