من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (7)

منذ 2017-08-27

سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).

لكنّنـا ننتصر:

"أن يطلبنا الاحتلال للتحقيق فهذا نصر، نحنُ أقلقناهم لدرجةٍ فاض معهم الكيل بها وبدؤوا بإجراءات جديدة بقصد ترهيبنا.
إن طلبونا للتحقيق مرةً وألف مرة، وإن ضيّقوا علينا الخنّاق، ولو فعلوا ما فعلوا ولكننا أخيراً ننتصر"

أردّد هذه الكلمات على مسامع الأخوات في كل حين، أريد ألا يتسرب الخوف والوهن إلى قلوبهنّ، أحدثهنّ بمجريات التحقيق معي ليعلمنَ أن الاحتلال وإن بدا أمامنا قوياً متغطرساً، لكنّه أمام "الله أكبر" ضعيف، وأوجههنّ كيف يتعاملنَ مع الموقف إن دعيت إحداهنّ للتحقيق كما حصل معي.

أردنا أن نوصل رسالةً للاحتلال أننا لم نخف، وأن كل تهديداته وصراخ ضباطه، وغرف التحقيق لن ترهبنا، وأننا نبذل في سبيل الأقصى أكثر من دمنا، فعدنا للحلقات بمشروعٍ إرشاديّ جديد.

بادرت الغالية "زينة عمرو" بتأهيل 20 مرشدة من خلال دورات مكثفة عن معالم بيت المقدس ومعالم الأقصى تحديداً من خلال جولاتٍ عملية ومادةٍ نظرية، ثم بدأنا بالاتفاق مع المدارس لإحضار طلابها إلى الأقصى بحيث جعلنا لكل مدرسةٍ يوماً، نجهز لهم فقراتٍ ترفيهية وألعاباً بجانب الجولات الإرشادية في الأقصى.

ازدياد عدد المرشدات ل20 مرشدة، وعدد المجيزات لما يقارب ال20 أيضاً، زاد إقبال النساء والفتيات للالتحاق بمصاطب العلم حتى كاد العدد يقارب ال500 طالبة.

جنّ جنون الاحتلال، فعمدوا لاستخدام طريقةٍ جديدة للتضييق علينا، فبدؤوا بإرسال الهويات المحتجزةِ صباحاً لمركز القشلة، ويكون الاستلام في نهاية اليوم من المركز.

الإعداد الكبيرة التي كانت تتوافد على المركز مساءً، وبُعد المكان نسبياً عما اعتادت عليه النساء شكّل أزمةً حقيقية، حتى أن بعض النساء كانت تصل لبيوتها في التاسعة ليلاً في حين كنا ننهي الحلقات في تمام الساعة الثالثة، وبدأ التخوف من أن يمنع الرجال زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم من الاستمرار بالمشروع.

فلجأتُ لخطةٍ بديلة، فصرتُ في كل ساعةٍ أرسل مجموعةً من الاخوات لاستلام هوياتهن من مركز القشلة، ثم العودة من الأبواب المعتادة مرةً أخرى لتقليل الأزمة الحتمية في آخر اليوم، ولكنّ الاحتلال انتبه لخطتنا، فأصبح يرسلُ الهويات لمركز القشلة على مدار اليوم وليس فقط للقادمين صباحاً!

الاستسلام أمام هذه الاجراءات قد ينهي المشروع برمّته، كان لا بدّ في كل مرةٍ من خطة بديلة، وكانت خطتنا هذه المرة بشكلٍ جديد.

أصبحتُ أرسل مجموعةً من حلقات العلم صباحاً لتعقد أمام مركز القشلة، ومجموعةٌ أخرى ظهراً، فاستشاط العاملون في المركز غضباً من هذا الشيء الذي لم يعتادوه من قراءةٍ للقرآن والأذكار طوال الوقت، وأصوات الدروس من تفسير وتجويد، فما عادوا لاستقبال هوياتنا عندهم لنعتقهم من أن نعقد حلقاتنا قربهم، وعاد كلّ شيء لمجراه الطبيعي.

وكما في كلّ مرة، يشددون ويهددون، ولكننا ننتصر.

يتبع...

  • 1
  • 0
  • 1,429
المقال السابق
مذكرات مرابطة (6)
المقال التالي
مذكرات مرابطة (8)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً