وجوب تعظيم السنة

منذ 2017-10-08

طاعة رسول الله عظيمة كما أن طاعة الله عظيمة ، فمن لم يطع رسول الله لم يطع الله ومن أطاعه فقد أطاع الله والدليل على ذلك قوله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله:

اعلم أن السنة عظيمة كما أن القرآن الكريم عظيم إذ كلا منهما وحي من الله تعالى كما قال سبحانه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [ سورة النجم::3-4] وقال {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سورة السبأ: 50].

وهكذا طاعة رسول الله عظيمة كما أن طاعة الله عظيمة ، فمن لم يطع رسول الله لم يطع الله ومن أطاعه فقد أطاع الله والدليل على ذلك قوله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.

ولذلك للتأكيد في هذه المسألة قد قرن الله طاعة الله بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كثير من آيات الله في القرآن الكريم.

بل جعل الله حاملي علم الوحي من آيات الله، فلابد إذاً من تعظيمهم وعدم السخرية بهم فمن سخر منهم فقد سخر بآيات الله وأخرج ربقة الإسلام من عنقه وارتد عن دين الحق، والدليل على ذلك قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة:65- 66].

وسبب نزول الآية كما في تفسير الطبري: حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا الليث قال، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم: أن رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: ما لقرائنا هؤلاء أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء! فقال له عوف: كذبت، ولكنك منافق! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فذهب عوف إلى رسول الله ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه = قال زيد (1) قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، (2) يقول: (إنما كنا نخوض ونلعب)! فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: «أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن»؟ ما يزيده. (3).

بل هناك أدله كثيرة على أن السنة من كتاب الله وليست غريبة منه فضلا عن محاولة فصلها وإبعادها عنه أو محاولة الاستغناء عنها بالقرآن كما يزعم من تسموا بقرآنيين ، والله المستعان .

(1218) فمن طريق حَاتِم بْن إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حديث حجة الوداع، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم بعرفة وقال: «... وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وكتاب الله يشمل السنة لدليل ما ثبت في الصحيحين، من رواية الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني، في الأعرابيين اللذين أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أحدهما: يا رسول الله، إن ابني كان عسيفا - يعني أجيرا - على هذا فزنى بامرأته، فافتديت [ابني [منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. واغد يا أنيس - لرجل من أسلم - إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها». فغدا عليها فاعترفت، فرجمها.

ففي الحديث التغريب وليس في كتاب الله التغريب - كما ترى - فعُلم بذلك أن الكتاب يشمل السنة.

وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لِإِسْحَقَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الْآنَ قَالَ اذْهَبِي فَانْظُرِي قَالَ فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ نُجَامِعْهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ وَهُوَ ابْنُ مُهَلْهِلٍ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَفِي حَدِيثِ مُفَضَّلٍ الْوَاشِمَاتِ وَالْمَوْشُومَاتِ وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَرَّدًا عَنْ سَائِرِ الْقِصَّةِ مِنْ ذِكْرِ أُمِّ يَعْقُوبَ وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ. رواه مسلم رحمه الله.

ولما قال الله تعالى في كتابه العزيز {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]، عُلم من ذلك أن كل ما جاء في السنة فهو كما جاء في كتاب الله عز وجل بدون تردد إذ هي مصدر الثاني للتشريع وثاني الوحيين.

واعلم أنه لا يصح الاكتفاء بالقرآن من دون السنة إذ هي المفسِّرة له والموضحة لمعانيه المجملة و المشرعة بشرائع جديدة ليس في القرآن الكريم كحرمة زاوج البنت على عمتها أو على خالتها وكحرمة كل ذي ناب من السباع أو ذي مخلب أو كحرمة الإسبال وككراهة الجلوس فى الطرقات من دون رد السلام والأمر بالمروف وغض البصر وغير ذلك.

فعلى سبيل المثال أنظر إلى أركان الإسلام قال الله تعالى في كتابه {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36وهذا مجمل كما ترى فجاء البيان والتفصيل في السنة فيما يُنهى من الشركيات.

وقال تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وهذا كما ترى مجملا وقد جاء البيان والتفصيل في كيفية الصلاة في السنة وقال تعالى { وأتوا الزكاة } وهذا كما ترى مجمل وقد جاء البيان والتفصيل في كيفة أداء الزكاة في السنة وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] وهذا مجمل كما ترى وقد جاء البيان والتفصيل في كيفية أداء الصيام في السنة وما يبطلها من المبطلات.

وقال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] وهذا مجمل كما ترى وقد جاء البيان والتفصيل في كيفية أداء الحج وما يبطله من المبطلات بل قد علَّم أصحابة الصلاة مثلاً بالفعل كيفية أدائها بطريقته وبسنته فقال لما علمهم الصلاة: «صلُّوا كما رأيتموني أصلي» وكذلك لما علَّمهم مناسك الحج قال لهم: «لتأخذوا عني مناسككم».

وهكذا تجد في سائر الشرائع الأخرى كثيراً منها مجملة وقد جاء البيان والتفصيل في كيفية أداءها في السنة فمثلاً قال تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]، إذا ليس في هذه الآية كما ترى بيان من أي مكان يقطع من اليد وقد جاء البيان والتفصيل في كيفية أداء هذا الحد وأين يقطع من اليد وأنها تقطع من الكوع من اليد اليمنى.وكذلك قد بيَّنت السنة مقدار المال الذي يقطع به اليد وهو ربع دينار والشرط المصاحب لذلك المال المسروق كأن يكون ذلك المال المسروق محروزا ولا يكون له فيه شبهة للسارق كأن يكون مثلا له بعض الحقوق في هذا المال وغير ذلك من الشبهات التي تدرأ بمثلها الحدود.


ففي الحديث:

12 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثني الحسن بن جابر عن المقدام بن معديكرب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله » (رواه ابن ماجة والطبراني في المعجم الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى).

فتعظيم السنة معناه تعظيم دين الله وتعظيم شرع الله إذ ما أنزل شرع الله إلا بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد أنيطت الهداية بطاعته واتباعه حق الاتباع، وكل طرق الهداية إلى الله مسدودة إلا من طريقه بأبي هو وأمي وبواسطته تتنزل أنوار الهداية وبإرشاده يُعرف سبل السلام و فيه النجاة من الهلاك والعطب والالتزام بغرزه فيه الفلاح الدنيوي والأخروي كما قال تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [ سورة النور: 54]

أمارات تدل على تعظيم العبد المؤمن للسنة:

أولا: الاقتداء به في كل صغيرة وكبيرة من أعماله وأقواله غير الجبيلية كهيئة نومه مثلا قبيل صلاة الفجر وكهيئة مشيته إذ قديكون ذلك من التكلف الظاهر إن لم يكن في ذلك حكمة ظاهرة أو فائدة صحية مقررة.

ومن ذلك الاقتفاء بآثاره في أماكن جلوسه أو سيره فلا يسن، وقد اجتهد في ذلك ابن عمر رضي الله عنه ولكن الصحابة لم يوافقوه في هذا.

وقد قال أبو بكر رضي الله عنه:" إِنِّي أخْشَى إِن تركت شَيْئا من أمره أَن أزيغ."

ولذلك أنفذ جيش أسامه مع أن كثيرا من العرب ارتدوا وجاءوا بثقل مفاجئ بأمن المدينة ، ولم يجب في إعطاء ميراث النبي صلى الله عليه وسلم لآل بيته لا عباس ولا علي ولا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت وهي غير راضية من ذلك وهم أحب إليه من قرابته بمعنى ذلك كان الصديق رضي الله عنه لئن يواصل قرابته أحب إليه من أن يوصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك لعلي عند حوارهما.بعد امتناعه من بيعته واعتبر تلك البيعة استبداداً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن فَاطِمَة وَالْعَبَّاس أَتَيَا أَبَا بكر يلتمسان ميراثهما من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك، وسهمه من خَيْبَر، فَقَالَ أَبُو بكر إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا نورث، مَا تركنَا صدقةٌ، إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال " وَإِنِّي وَالله لَا أدع أمرا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنعه فِيهِ إِلَّا صَنعته. زَاد فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان: إِنِّي أخْشَى إِن تركت شَيْئا من أمره أَن أزيغ. قَالَ: وَأما صدقته بِالْمَدِينَةِ فَدَفعهَا عمر إِلَى عَليّ وعباس، فغلبه عَلَيْهَا عَليّ.

ومحل الشاهد قوله رضي الله:" إِنِّي أخْشَى إِن تركت شَيْئا من أمره أَن أزيغ." كما سبق أن أشرت إليه.

ومرة أخرى قال عند حواره مع علي رضي الله عنهما: " وَإِنِّي وَالله لَا أدع أمرا صنعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا صَنعته إِن شَاءَ الله"

وقال رضي الله عنه: " والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلهم على منعه ".

وفي كتاب اللباس في صحيح البخاري: " حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب أو فضة وجعل فصه مما يلي كفه ونقش فيه محمد رسول الله فاتخذ الناس مثله فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال «لا ألبسه أبدا» ثم اتخذ خاتما من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة قال ابن عمر فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتى وقع من عثمان في بئر أريس.

وكذلك في الحديث " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما كان في بعض صلاته؛ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك الناس خلعوا نعالهم فلما قضى صلاته قال «ما بالكم ألقيتم نعالكم؟» قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال إن جبريل صلى الله عليه وسلم «أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا» أو قال «أذى» وفي رواية «خبثا فألقيتهما» ، «فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى قذرا أو قال أذى» وفي رواية «خبثا فليمسحه وليصل فيهما» (رواه أبو داوود وابن خزيمة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

ثانيا تقدبم أوامره- بأبي هو وأمي -- من أي أوامر أخرى لأحد من الناس لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} } [سورة الحجرات: 1 ]

وعلامة ذلك ما يلي:-

قلة أسئلتهم ولو سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قالوا الله ورسوله أعلم وإنما جاء قولهم هذا عن اجلالهم للنبي صلى الله عليه وسلم وتبجيله وتعظيمه وتوقيره وتعزيره كما أمره الله تعالى، ولذلك لا يوجد في القرآن الكريم نداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد بينما تجد يا موسى يا إبراهيم يا عيسى ابن مريم يا نوح... إلخ.

ب بعدهم عن الآراء والبدعة والأهواء والفلسفات الكلامية أو استخدام العقل في النصوص وغير ذلك.

ثالثا: طاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتم الطاعة وعدم مخالفتهم ولو يكلفهم ذلك ما يكلفهم وذلك للأسباب الآتية:-:

أ - خوفهم إن خالفوه صلى الله عليه وسلم فتنة تزيغ قلوبهم حتى توقعهم في الشرك كما قال تعالى {لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النور: 63]

ب - خوفهم عدم قبول أعمالهم عند الله، - وللأسف الشديد - رأينا كثيراً من المسلمين اليوم يتساهلون في تأدية صلاتهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فترى الإمام يسرع بالمصلين ولا يطمأن طمأنينة كافية في صلاته، وترى المصلين يسبقون الإمام في الهوي في السجود أو يتساوون معه في الركوع والنهوض.

وقد ألف إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رسالة مستقلة في الصلاة فأكَّد فى هذه المسألة حتى إنه كان يدور في المساجد ليبين السنة في هذه المسألة في الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه.

ج- تقديمهم قضاء رسول الله من اختياراتهم وميولاتهم النفسية وأمزجتهم كما قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [سورة الأحزاب:36 ].

د- رضاءهم بأقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحكامه حتى لا يجدوا في أنفسهم حرجا من قضاء الله ورسوله ويسلموا لدين الله تسليما كاملا من أعماق قلوبهم وبجوارحهم. والله أعلم.


الكاتب: أبو عبدالله عبد الفتاح بن آدم المقدشي

  • 4
  • 0
  • 9,908

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً