بيان إطلاق الثورة السورية - إنّ بشّار علا في الأرضِ وجعَل أهلَها شيعا!

منذ 2011-05-03

..ورغم ذلك كلِّه، ورغم مجازره في شهداء الثورة السورية المباركة التي انطلقت بإذن ربها، لا يزال يحلم هذا النظام، بأنْ يبقى متسلِّطا على الشعب السوري البطل إلى الأبد!


ليس ثمة نظام عربي أعظم إجراما في الأمة من النظام السوري، ولم تجتمع بلايا في نظام سياسي كما اجتمعت فيه، ولم يخن الإسلام والعروبة أحد كخيانته، وقد ختم خياناته التي استمرت عقودا يحكم فيها أهل الشام الأباة بالحديد والنار، بنظام الرعب، ودولة المخابرات، ختمها بمجزرة راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد من أهل درعا الذين ثاروا على طغيان بشار، وزمرته الفَجَرة.

ورغم ذلك كلِّه، ورغم مجازره في شهداء الثورة السورية المباركة التي انطلقت بإذن ربها، لا يزال يحلم هذا النظام، بأنْ يبقى متسلِّطا على الشعب السوري البطل إلى الأبد!


هيهات.. فماذا بقي من دين الأنبياء والمرسلين، ونهج العدل، وقيم الحقّ في السماء، وأعراف الخير في الأرض لم ينتهكه هذا النظام المجرم؟

وهي سبع خطايا، كلُّ واحدة منها تكفي للخروج عليه وإسقاطه:

إحداها: أنه يحكم بطائفيةٍ نتنة، وعصبيةٍ قذرة، فقد سلَّط الطائفة النصيرية التي ينتمي إليها رأس النظام، على الأغلبية المسلمة السنيّة، فسامت المسلمين سوء العذاب، واستضعفتْهم، تذّبح أبناءهم، وتستحيي نساءَهم، طيلة عقود.

وهذه النِّحلة النصيرية هي نحلة الباطنية التي وصفها علماء الإسلام "ظاهرها الرفض، وباطنها الكفر المحض"، فهم يعتقدون تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا أنّ عليا رضي الله عنه خالق السموات والأرض حتى إنَّ طائفتهم تُسمى في بعض البلاد "العلي إلهية"! ويعتقدون أيضا أنَّ عليا خلق محمداً صلى الله عليه وسلم! وأنَّ محمداً خلق سلمان الفارسي!

ويقدّسون الخمرة، ولايعرفون صلاة المسلمين، ولا جمعتهم، ولا يغتسلون من جنابة، ويصلُّون في بيوتهم صلاةً يتلون فيها خزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، ولديهم قداسات مثل قداسات النصارى، وأعياد أهل الصليب هي أعيادهم كعيد القديسة بربارة، وعيد الصليب، وعيد الميلاد.
فلا جرم أعانهم المستعمر ليتسلَّطوا على شام الإسلام، ودَعَم بقاءَهم طيلة هذه الأعوام.

ويحتلفون بعيد استشهاد الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يفرحون فيه فرحا عظيما.
وجميع عقائد الرافضة فيهم بأضعاف معادة، وكلّ طامات الشيعة عليهم وزيادة، حتى زعموا أنَّ الصلوات الخمس ما هي إلاَّ علي والحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم ومحسن! ومحسن هذا هو السر الأعظم، والناموس الأفخم! وأنك إذا ذكرت هذه الخمسة أغناك ذكرهم عن الصلوات، والوضوء، والغسل من الجنابات!

وهكذا تدين هذه النحلة بهذه الخرافات المريضة، والضلالات العريضة، فلا عجب قال عنهم شيخ الإسلام: "هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار، والفرنج، وغيرهم.. وهم دائماً مع كلّ عدوّ للمسلمين".

والعجب والله كلَّ العجب أن تتسلَّط هذه الطائفة التي احتوت عقائدها على كلّ هذا الكفريات الصلعاء، والداهيات الدهياء، ثمَّ يرضى بحكمها بالعصبية، وتسلِّطها بالعنصرية، أهلُ الشام، وأباة العروبة، وحماة الإسلام!


الثانية: أنه يحكم الشعب السوري بنظام الحزب الواحد، من بقايا نظم التخلُّف في القرن الماضي، كمثل نظام شاوشسكو وأضرابه، ويُطبِق بهذا الحزب الواحد على مقدرات الشعب، ورقبة الأمة السورية، يتصرف كما يشاء، يستأثر بما يريد، ويستبقى ويبيد!


الثالثة: أنه في الحقيقة نظام إستخباراتي بشع في صورة الدولة، وعصابة بوليس متوحش في "ديكور" نظام سياسي، وخلايا تجسُّس على الشعب في هيئة حكومة!
فما يدير كلَّ شيء من وراء تلك الصورة، وذلك الديكور، وهاتيك الهيئة، هي أجهزة الأمن السرية، وهذه الأجهزة متضخمة إلى درجة مهولة، ومنتشرة إلى حدود غير معقولة، والطامة الكبرى أنها مطلقة اليد بما تحمل هذه الكلمة من معنى، ومرسلة على الشعب تفعل فيه ما تشاء ليعْنى.


الرابعة: أنَّ هذا النظام الإستخباراتي الذي هو الحاكم الفعلي، مباحٌ له كلُّ وسائل التعذيب، وجميع أدوات الترهيب، وما شاء من آلات إخضاع الشعب بالقوة، ولهذا فإنّ ما يجري في الشعب السوري من القمع الوحشي بإنتهاك الحقوق بلا مبالغة والله لا يجري مثله في كلّ الأقطار العربية، بل كلّ العالم، وإذا دخلت أعاذك الله من جهنم ومن هذه التي سأصفها سراديب التعذيب في النظام السوري، سوف ترى أعاذك الله من أن ترى، ترى الثمانية، وما أدراك ما الثمانية:
الدولاب، والفلقة، وبساط الريح، والشبح، والعبد الأسود، والكرسي الألماني، والكرسي السوري المطوَّر عن الكرسي الألماني، والغسَّالة!

وكلُّ واحدة من هذه هي أدوات تعذيب رهيبة، كأنها صورة مصغّرة من جهنم الدنيا، ولا يعرف مثلها إلاّ في القرون الوسطى!
فالدولاب: هو ضرب المواطن السوري وهو معلق حتى يتحول جسده العاري إلى اللون الأحمر!
والفلقة: جلد القدمين بالـ "كيبلات" حتى تتقطع!
وبساط الريح: أشبه بالصلب على خشبة ثم الصعق بالكهرباء!
والشبح: تعليقه وهو مشدود وثاق الذراعين إلى الخلف وضربه حتى يُغمى عليه!
والعبد الأسود: شد وثاق المواطن السوري إلى آلة متحركة فيدخل سيخ في دبر المواطن السوري!
والكرسي الألماني: يشد الضحية حتى يمزق فقرات ظهره!
والكرسي السوري المطوَّر: زيدت فيه شفرات معدنية لمزيد من العذابات!
والغسالة: آلة يدخل فيها المواطن يده فتتمزق!

هذا إضافة إلى ما في تلك السراديب من الإغتصاب، والحرق، وإطفاء السجائر، وإستعمال الأحماض على الجروح، وتشريط وجه الضحية بالشفرات، والنفخ بالهواء في الدبر، وتعليق الضحايا بالمرواح وضربهم وهي تدور! والتعذيب بالماء الحار والبارد، وإسماع الضحايا عويل المعذبين، وصراخهم، وتعذيب الضحايا أمام بعضهم، وهم عراة، سواء الرجال والنساء! والحرمان من النوم.. إلخ.

أما شتم الله تعالى الله عما يقول الكافرون علوَّا كبيراً وسبّ الدين، والتطاول على العرض، وإسماع الضحايا ما يزيد عذابهم الجسدي عذابا معنويا لا يوصف، فلكلِّ ضحية منه نصيب، ولا تخلو منه وجبة تعذيب!

وهذا التعذيب الوحشي الذي يدل على أنَّ هذا النظام مصاب بمرض نفسي، وليس من جنس البشر، ولا يصلح أن يحكم بني آدم، هو نظام ممنهج، وأساس يُنهج، وعليه وحده فحسب، وعلى إنتشار سمعته الرهيبة بين الشعب، يعتمد النظام في بقاء تسلطه، وإستمرار حكمه!


الخامسة: أنّ هذا النظام قد أفقر الشعب السوري، وعبث في ثرواته لأطماع أسرة بشار، وحزبه، فصار الشعب رغم أنه يعيش على بقعة غنية بالخيرات، وأرض مليئة بالبركات، من أفقر الشعوب العربية، وأعظمها معاناة في حياته اليومية، وانتشرت البطالة، وعمت الرشوة والفساد، وضاع حق الفقير، والضعيف، والملهوف، وتكدست الثورة بيد الملأ من قوم فرعون، وأجهزة إستخباراته، وقارون الذي يمثله لصوص القطر السوري المحتمين بالنظام!


السادسة: أنَّ هذا النظام قمع الحريات، وكمم الأفواه، وخنق الإبداع بل قتله، وعطل الفكر، وأخمد حراك الشعب السياسي الذي يطوِّر الحياة السياسية لما فيه صالح الشعب.


وحوَّل كلَّ طاقات هذه الشعب المبدع العظيم إلى سُخرةٍ مسخرة للنظام، فمن انتقده زجَّ به في السجون التي وصفت هولها، ومن عارضه قذف به في غياهب المعتقلات التي بيَّنت آنفا حالها!
ولهذا خرج من الشام آلاف المعارضين المخلصين، وهرب منها مئات الآلاف من المبدعين، لمجرد أنهم يخالفون فرعون وحزبه، ويعارضون طريقة حكمه لشعبه!
ومن بقي منهم بقي رهين خوفه داخل القطر، محكوما بالقهر، تحت سياط الظلم والجور!


السابعة: أنه أكذب نظام على وجه الأرض، ولا يزال مما امتهنه من الكذب، والنصب، والدجل، والنفاق، يستغفل شعبه والعالم، فنشر مؤخرا صور بنادق أحضرها من أوكار إستخباراته، ورُزم عملة جاء بها من بؤر بوليسه السري، ويريد إقناع الناس أنَّ الذين ثاروا في درعا مرتزقة!


تبا لهذه العقول التي تحكم بلادنا العربية، ولا زالت تفكر بطرق متخلّفة، ولم تع حتى الآن ما وصلت إليه البشرية من تطوُّر، وما آلت إليه وسائلها من تغيُّر بحيث لم تعد تنطلي عليها وسائل الإستخبارات الغبية القديمة!

وهو نظام بقي يكذب أكثر من أربعة عقود، يكذب على شعبه بأنه دولة المؤسسات، والقانون، والحقوق، والعدالة، والحق أنه ليس فيه من هذه أدنى قطمير.
ويكذب على العرب في أنه نصير قضاياها، وإنما يتاجر بها في الظاهر فحسب، فقد حافظ على الهدوء التام بصورة عجيبة مع جبهة الكيان الصهيوني طيلة فترة حكمه!

ثمَّ يقف بكلِّ ما أوتي من إمكانات مع الفرس الحاقدين على العروبة في الحقيقة، وقد فتح لهم أبواب القطر السوري على مصاريعها ليعيثوا فيه فسادا، ولينشروا شعوبيتهم، وتحريفهم للإسلام، وشتمهم للصحابة، ولتاريخ الأمة!

ثمَّ ما فعله في لبنان، وفي سنّة لبنان ولا يزال من الجرائم التي تقشر منها الأبدان، ما يفوق الوصف، ويعجز عنه البيان!

ويكذب على المسلمين في أنه يحترم دين الإسلام، وهو يحارب مظاهر التدين، ويسعى جاهدا لطمس معالمها في سوريا.

وعلى صعيد قضايا الأمة لم نسمع منه إلاّ شعارات فارغة، يطبِّل بها ليتخذها ذريعة ليبقى في حكمه الطاغية، وفي إستعباده لمسلمي الشام، وإستنزافه لمقدارتها!


وبعد:
أيها الشعب السوري البطل:
بعد إنقلاب 1966م سيطر الضباط النصيريون على مقدراتكم، ومنذ ذلك الحين وهم يحكمون البلاد بالفشل الذريع على كلّ الأصعدة، وبوسائل دموية، وبمؤامرات خبيثة، وبالاغتيالات السرية، حتى تسلط حافظ الأسد؛ فكرس القمع بأبشع صوره، وعزف على الإنقسامات الإجتماعية، والسياسية، وبنى جهاز إستخبارات متوحش بإدارة عنقودية مستنسخة من أكثر الأنظمة البوليسية توحشا، وعدَّد وجوه هذه الجهاز بعناوين مختلفة، وكلُّها تصب في النهاية في جهاز واحد مقاليده بيد الحلقة الضيقة حول الرئيس، يتحكم في كلِّ شيء، ويطوِّعه بالرعب، ويبقيه تحت حرابه.

ثم ورث بشار الأسد ما تركه له أبوه من تركة الطغيان، ومعلوم أنَّ إرهاب النظامين المصري والتونسي لم يصل إلى عشر ما في النظام السوري من إرهاب، بل يبدو نظام حسني مبارك منارة حريات بالنسبة للنظام السوري، ومع ذلك فقد ثار الشعبان التونسي والمصري على الطغيان.

أليس هذا كلُّه يدلُّ على أنه قد آن الأوان ليهبَّ الشعب السوري كلَّه؟ ويحدث التغيير الأعظم في سوريا؟ ويطلق الثورة الكبرى في الشام؟
ليقيمَ راية العدل، والحق، وليعيد الأمور إلى نصابها، وليحرر الشعب السوري من هذا النظام الفرعوني المتسلِّط، وليخلص الشام من حكم هذه العصابة المجرمة التي بلغت جرائمها عنان السماء.
ألم يحن الوقتُ ليحاسَب هذا النظام على ما اقترفه، وليتحمَّل مسؤولية ما كسبت يداه؟
وهل ثمة خلاص إلاّ بثورة غضب عارمة، تزلزل الأرض من تحت نظام العنصرية، والقمع، البغي، والظلم، والعدوان؟


أيها الشعب السوري البطل:
لقد هبَّت رياح التغيير على عالمنا العربي، والسعيد من اغتنمها فاستعرض لها شراعه، فارفعوا أشرعة الثورة السورية، فستجري بإذن ربها إلى بر الحرية والعدالة
وقد غدا واضحا أنَّ العالم لم يعد يحتمل هذه الأنظمة المتوحشة لتحكم البشر فيه، ولم يعد يطيق هذه الصيغ المتخلِّفة القمعية للحكم لتتسلط على الشعوب في هذا العالم المعاصر المتطوِّر.
وسيقف شرفاء العالم كلُّه مع ثورتكم، وستهتف لها شعوب الأرض الحرَّة.


أيها الشعب السوري البطل:
في تراثنا الإسلامي العظيم، قد أجمع العلماء أنه لم يأت في الفضائل بعد مكة والمدينة ما جاء في فضال الشام، وما بارك الله على أرض كما بارك عليها، وما نطق الوحي بثناء كما أثنى عليها.

فكونوا أهلا لهذا التفضيل، واستعلوا بهذا الثناء، والبسوا هذا الرداء، وأحدثوا التغيير الشامل التي تنتظره منكم الأمة، وأنتم أهل لذلك.


ولقد تدرَّعت درعا بالتوكل على الله تعالى، ثم بعزيمة الأسود، فأطلقت ثورتها، وقمتم ثائرين معها اليوم في دمشق الأمجاد.
فيا حلب الأباة، وياحمص العزيمة، ويا حمَاةَ الليوث، ويا ديرَ الزور التي يقطنها نمور العروبة، وصقور الإسلام، وياطرسوس الأنفة، ويا قامشلي العزّ، ويارقة المجد، يا شعب الشام الأبطال،
كلُّكمْ ليثٌ أبيُّ ثائرٌ *** من بنِي الأحْرارِ مِنْ جَدِّ أبي
فهِبُوا الرُّوحَ إلى الشَّام فدىً *** وارفعوا الشَّام مكانَ السُّحُب


{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 4].

وعلى الله توكّلوا، وهو حسبنا، وعليه توكّلنا، وعليه فليتوكّل المتوكلون.


 

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 3
  • 1
  • 4,493

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً