من (حماة) إلى (درعا) ..جرائم آل الأسد بلا رادع

منذ 2011-05-12

تواصل قوات بشار الأسد قتلها للمتظاهرين العزل في عدة مدن سورية وعلى الأخص مدينة درعا المحاصرة بكتائب من الجيش حيث تم قطع المياه والكهرباء والاتصالات عن المدينة وسحب مخزون الحبوب لتجويع أهلها وقتلهم في معزل عن العالم الخارجي..


تواصل قوات بشار الأسد قتلها للمتظاهرين العزل في عدة مدن سورية وعلى الأخص مدينة درعا المحاصرة بكتائب من الجيش حيث تم قطع المياه والكهرباء والاتصالات عن المدينة وسحب مخزون الحبوب لتجويع أهلها وقتلهم في معزل عن العالم الخارجي، وليكرر بشار الأسد ما فعله أبوه حافظ في فبراير عام 1982 في مدينة حماة التي قتل من 30 إلى 40 ألف من أهلها في مجزرة بشعة ما زالت المنظمات الحقوقية تتحدث عن تفاصيلها خصوصا وأنها مرت مرور الكرام على المجتمع الدولي حينئذ ولم يقدم أحد من المسؤولين عنها إلى المحاكمة حتى الآن.

 
فقد منح نظام الأسد القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المدينة، وزعمت السلطات وقتها لتبرير جريمتها أن عشرات المسلحين التابعين لجماعة الإخوان المسلمين موجودون داخل مدينة حماة، وكانت الجماعة تشكل يومئذ القوة المعارضة الاكبر لنظام البعث الحاكم فأراد أن يتخلص منهم.. وعن تفاصيل المجزرة قالت صحيفة النوفيل أوبزرفاتور الفرنسية بتاريخ 30 أبريل 1982: في حماة، منذ عدة أسابيع، تم قمع الانتفاضة الشعبية بقساوة نادرة في التاريخ الحديث.. لقد غزا ( حافظ ورفعت أسد) مدينة حماة، بمثل ما استعاد السوفيات والأمريكان برلين، ثم أجبروا من بقي من الأحياء على السير في مظاهرة تأييد للنظام، صحفي سوري مندهش قال موجهاً كلامه لأحد الضباط: رغم ما حدث، فإن هناك عدداً لا بأس به في هذه المظاهرة. أجاب الضابط وهو يضحك: نعم، ولكن الذي بقي أقل من الذين قتلناهم، أما جريدة ليبراسيون الفرنسية، فقد نقلت على لسان الصحفي شارل بوبت، وهو صحفي استطاع أن يدخل إلى قلب مدينة حماة أثناء الأحداث، قوله: "ننتقل من بيت إلى بيت. ومن فوقنا تمر طائرة هيلوكبتر. وأمامنا عائلات بأكملها تبكي، جثث تجر من أرجلها أو محمولة على الأكتاف، أجساد تتفسخ وتنبعث منها رائحة قاتلة ، وأطفال تسيل منهم الدماء وهم يركضون لاجتياز الشارع. امرأة ترفض أن تفتح لنا منزلها. إنها ليست زيارة متفقاً عليها. إنني غير مرغوب في مثل هذه الساعات. ونهيم على وجوهنا أنا ومرافقي - أحد أبناء المدينة الذي تطوع بهذا العمل- ولكن كنا محتاجين لأن نبقى ضمن الأحياء التي ما تزال في أيدي الثوار التي تضيق رقعتها شيئاً فشيئاً. وأخيراً تستجيب المرأة لتوسلات مرافقي وتفتح لنا. إنها تخبئ زوجها. ها هو ذا أمامنا مسجَّى على الأرض، دونما رأس، ميتاً منذ 5 شباط!!!

وهكذا فإن كثيراً من الناس يخبئون جرحاهم، خشية أن تجهز عليهم القوات الحكومية. أما الأموات فإن أهاليهم يدفنونهم بسرعة. إذا أمكن، فيما أصبح يطلق عليه اليوم مقبرة الشهداء في الزاوية الكيلانية".
ويضيف: كانت القذائف تتساقط كالمطر أينما كان، وحيثما تسقط كنت تسمع صرخات الرعب ونداءات التوسل إلى الله على بضعة أمتار منا، شاهدنا رجلاً يتمزق تماماً ويسقط فوق جدار، كما لو أنه هيكل عظمي. ولم أصدق عيني، ولكن عندما ظهرت الطائرات من جديد فوقنا، دفعني مرافقي لتحت منزل، صارخاً "هاهم يعودون".
 
ويتابع الصحفي الفرنسي: "أترك حماة بمزيج من الرعب والفزع... الفزع حين أتذكر أنه ولا مرة واحدة خلال هذه الأيام والليالي التي قضيتها هناك سمعت صوت المؤذن يدعو المؤمنين إلى الصلاة، كما لو أن المآذن نفسها قد انكمشت على نفسها تلقائياً".وقد نشرت لجنة حقوق الإنسان السورية تقريرا عن المذبحة في عام 2005 قالت فيه: لقد تميزت مجزرة حماة الكبرى بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، تداخلت أشكالها ومحاورها. ويكاد يجمع المراقبون على أن المجزرة التي كانت من أبشع أشكال العدوان على الإنسان في تاريخ سورية المعاصر، اشتملت على كل أشكال انتهاك حقوقه المعروفة. ويبقى أهم انتهاك حملته في طياتها العمل على هدم ما يتمتع به الإنسان من كرامة، وتشهد على ذلك المعاناة النفسية والمعنوية الصعبة التي عانى منها عشرات الآلاف من أبناء حماة طوال عقدين بعد المجزرة. والعجيب أنه بعد 30 عاما من مذبحة حماة على أيدي قوات حافظ الأسد يتكرر المهد بحذافيره في مدينة درعا على أيدي قوات بشار وماهر الأسد أولاد حافظ "الأبرار" وفي المرة الأولى تحجج النظام بجماعة الإخوان أما هذه المرة فمجموعة من "الإرهابيين" المهم أن يجد النظام "شماعة" يعلق عليها جرائمه في حق الشعب الأعزل الذي لا يريد إلا حق الحياة الكريمة والتي حرمه منها آل الأسد كما كان يريد آل مبارك في مصر.
 
وكما كانت مذبحة حماة بلا عقاب ولا رادع لا زالت مذبحة درعا بلا عقاب ولا رادع رغم مرور السنوات وتطور وسائل الإعلام، ووسط صمت دولي وعربي مطبق، وعندما بدأ الغرب يتكلم لم نستمع سوى لعبارات الشجب والاستنكار دون مواقف حقيقية، ويبدو أن ما نقلته صحيفة الجارديان عن مصادر دبلوماسية بشأن رضا الغرب عن بشار ومخاوفه من تغيير النظام في سوريا وما يمكن أن يتبع ذلك من تغير في المواقف تجاه الكيان الصهيوني واتخاذ خطوات فعلية لتحرير الجولان المحتل بعيدا عن خطابات البعث "الحنجورية" الفارغة والتي لا تتعدى اللعب بعواطف البسطاء..
 
لفترة طويلة أوهمت عدد من الانظمة العربية شعوبها وبعض الشعوب الاخرى بأنها تجاهد ضد "إسرائيل" بالخطب والمواعظ وأنها تعد العدة لغزو "العدو" وفي الحقيقة هي تعد العدة لغزو شعوبها المسكينة التي عانت الفقر والكبت بدعوى الكفاح ضد الإمبريالية والعمالة للغرب، وهي عبارات سمجة تجاوزها التاريخ الذي أكد أن "محاربي الإمبريالية" المزعومين هم من أورثوا الأمة الخزي والعار، من عبد الناصر في مصر إلى القذافي في ليبيا مرورا بصدام في العراق وآل الأسد في سوريا، وياليت يقول لي هؤلاء المنتفعون من الإعلاميين ومدعي الثقافة الذين ينافحون الآن عن الفأر المذعور بشار الأسد، أي نصر يمكن أن يتباهى به هؤلاء الزعماء أمام شعوبهم في الحرب ضد الكيان الصهيوني و"الإمبريالية" طوال 60 سنة أو أكثر؟ ..
 
درعا الآن تستغيث طالبة الأدوية والغذاء في ظل حصار وانتشار للقناصة على أسطح المنازل واستهداف كل كائن حي يتحرك على الأرض في وقت تنتشر حدة الاحتجاجات لتشمل مدن أخرى وهو ما سيفقد النظام السوري صوابه لأن تنفيذ مجزرة في مدينة واحدة يمكن تبريره أما تنفيذ مجازر عديدة في مدن مختلفة فسيعجل برحيل النظام..
والمطلوب الآن من المتظاهرين هو الحفاظ على سلمية الثورة وتوسيع نطاقها، أما الشعوب العربية فعليها الوقوف بجانب الشعب السوري وتوصيل صوته للعالم ومطالبة حكامها بالضغط على النظام السوري للانصياع لمطالب المحتجين الذين يتحركون من منطلقات إنسانية وسياسية واقتصادية وليس من منطلقات طائفية كما يحاول الأسد وموالوه في إيران وحزب الله أن يشيعوا.

27/5/1432 هـ
 
المصدر: خالد مصطفى - موقع المسلم
  • 0
  • 0
  • 3,628

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً