"لقاء الله".. وأثره في تربية الأبناء

منذ 2018-04-17

التربية لا تقتصر على التلقين الكلامي ولا التفهيم النظري، فهو وإن كان أساسا ومؤثرا، فإنه يحتاج إلى التكرار والبيان والتوضيح.

"لقاء الله".. وأثره في تربية الأبناء

لقاء الله سبحانه ولحظة الحساب من أسس البناء التربوي للابناء، فابناؤنا المؤمنون بالآخرة لايرون الحياة مجرد شهوات وزينة، يستمتعون بالمباح منها، لكنهم يرونها مزرعة ليوم آخر سيحاسبون فيه على ما قدموا.

يحبون ربهم الرحيم الكريم، فيرجون جنته، ويتمنون النظر لوجهه الكريم، ويستعدون بالصالحات فيحبون لقاءه.

وإذا رسخ في قلوبهم معنى لقاء الله، حذروا مما يجمعون لهذا اليوم، وعلموا أن المعاصي تنقص من إيمانهم وتزيد في سيئاتهم فتخفف موازينهم يوم القيامة وتعرضهم للعقاب.

إن إيمانهم بلقاء الله يحجزهم ويمنعهم عن الانحراف السلوكي والفكري، كما يمنعهم عن الانبهار بالطغيان المادي، ويجعل شخصياتهم متوازنة، كما ينبت الحكمة من بين ثنايا نفوسهم، مع أخلاقيات مهمة كالحلم والأناة والصبر والرضا.

فمجرد معرفة لقاء الله وكونه حق وكون الحساب حق ثابت، كفيل بتقويم السلوك لأبنائنا، فالموت لا توقيت له، فالمرء ينتظره أي وقت، ولذلك يجب أن يكون على استعداد له، وبالتالي على استعداد للقاء ربه، والحساب، فعندئذ تقزم ضخامة الدنيا في عين الأبناء، وتظهرها على حقيقتها، فيقل صراعهم عليها، ويكون صنيعهم معها صنيع المسافر.

وإذا كان الإصلاح في الدنيا هو في ذاته ثواب، صارت تربية الأولاد على معرفة حقيقة الدنيا والموت والآخرة ليست مدعاة إلى تركها والانطواء عن الحياة، بل مدعاة إلى الأعمال الصالحة المصلحة، ومدعاة إلى تعميرها بما يصلح.

وإذا كان نفع الغير ثوابا، فإنه سيكون حريصا على تقديم النفع للغير, والسعي لمعونة الناس، والمبادرة إلى تفريج الكربات وتقديم المكرمات

وإذا استطعنا بالفعل أن نوقظ في قلوب ابنائنا ونرسخ في مفاهيمهم معاني اليوم الآخر، فقد استطعنا بناء شخصيات إيجابية من أبنائنا، واستطعنا تقديم أسرة نافعة كأكثر ما يكون.

فهي قلوب تبحث عن الفضائل فتقوم بها، وتهرب من الرذائل وتبتعد عنها، وليس هكذا فقط، بل إنها لتؤثر في المجتمع المحيط بها دعوة للمعروف ونهيا للمنكر.

هذه التربية لا تقتصر على التلقين الكلامي ولا التفهيم النظري، فهو وإن كان أساسا ومؤثرا، فإنه يحتاج إلى التكرار والبيان والتوضيح.

كذلك فإن اسئلة الابناء عن اليوم الآخر أيضا يجب استغلالها استغلالا منهجيا في التأكيد على المفاهيم الإيمانية بضرب الأمثال وحكاية أشراط الساعة بلغة مفهومة مناسبة لهم تتخلى عن التخويف والتاثير النفسي السلبي وتهتم بالتفهيم والتقبل، وتضع الترهيب موضعه النافع الإيجابي الدافع

كذلك فإن المعايشة التربوية لمعاني اليوم الآخر هي الأخرى خطوة تربوية نفسية إيجابية في ذلك الجانب.

نستطيع أن نقدم لأبنائنا المنهجية الصائبة للإيمان باليوم الآخر بشكل تربوي صالح إن نحن ركزنا على تثبيت معاني الإيمان بذلك اليوم وربطناها بتصرفاتهم في الحياة، وأثر ذلك على رؤيتهم الفكرية والتصورية للكون، ورؤيتهم التصورية للموت والحياة والمخلوقات بحيث أن تكون إيجابية إصلاحية، واستطعنا أن نقيم في أذهانهم معادلة تجمع بين الزهد في زخرف الدنيا وبين الإصلاح فيها والرقي النافع والعمل على تقدم المجتمع والأمة بأجمعها بالعلم والمعرفة والإنجاز.

خالد روشة

داعية و دكتور في التربية

  • 5
  • -3
  • 11,013

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً