مصر لن تكون الجزائر
أثناء مقابلتى لرجل كبير المسؤلية فوجئت به يقول لى كلامك صح كل مايحدث سببه الخوف من أن يحكم الاسلام مصر ووصول الإسلاميين للحكم عن طريق انتخابات البرلمان ودار حوار قصير بعدها وانصرفت..
أثناء مقابلتي لرجل كبير المسؤولية فوجئت به يقول لي "كلامك صحيح، كل
ما يحدث سببه الخوف من أن يحكم الإسلام مصر ووصول الإسلاميين للحكم عن
طريق انتخابات البرلمان". ودار حوار قصير بعدها وانصرفت، وفي المساء
وجدت خطاب أوباما وهو يعلق على ما جرى في مصر، ويدعي كذباً حرصه على
حقوق الإنسان وهو قاتل المسلمين الأبرياء في العراق وأفغانستان، وكان
أكبر داعم لمبارك وعصابته، وكان قريباً من مبارك بعكس المجرم جورج بوش
الابن الذي كان يكره مبارك رغم إجرامه كان ينتقده.
الشاهد استرسل أوباما في كذبه، وتوقفت عند حديثه عن عزم بلاده إقراض
مصر وأن أمن واهتمام أمريكا مرتبط بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا، وراجعت حديث هيكل وما يحدث من العصابات العلمانية من
مؤامرات لتوقيف الحرية التي سوق تأتي بالإسلاميين للحكم، وقلت في نفسي
هل القرض مشروط؟ قلت بلا شك، فأمريكا لا تقرض لوجه الله، فما هي
الشروط؟
بلا شك ليست لمصلحة استقلال مصر، ثم ما مدى الاهتمام بمصر وما نوعه
وأي أمن واستقرار تريده أمريكا لمصر؟! وما علاقة ذلك بأذناب أمريكا
وما يفعلونه من مؤامرات على حرية الشعب المصري؟ وكله يدفع إلى الفوضى
وعدم الاستقرار. وتذكرت موقف الدول العربية التي تعلم حجم المشكلة
الاقتصادية في مصر وتشترط هي الأخرى.
مهم جداً الانتباه إلى أن التحول الإسلامي المرتقب في مصر يهدد مصالح
إسرائيل وأمريكا والنظم المستبدة حول مصر، ويفتح بابا كبيراً لتحرر
العالم الإسلامي فلذلك لن يترك هؤلاء مصر تنعم بالاستقرار والحرية،
وأعتقد أن المشهد يتحرك نحو الدفع للتهديد بالفوضى أولاً والفوضى
أخيراً؛ إن تحقق وصول الإسلاميين للحكم عن طريق الإرادة الشعبية. وهنا
تذكرت مشهد انتخابات الجزائر وما حدث عقب إعلان فوز جبهة الإنقاذ في
الانتخابات، فقد تدخل الجيش الجزائري ورفض الديمقراطية وتحقيق إرادة
الشعب وحوّل الجزائر إلى حمامات دم.
من هنا أعتقد أن كثيراً من الاستفزازات الإعلامية والأمنية تهدف إلى
دفع القوات المسلحة إلى الانقلاب على الحرية بكل الطرق الممكنة؛ لكن
الحمد لله مازالت قواتنا المسلحة تسجل موقفاً مميزاً لا نظير له في
الانحياز للإرادة الشعبية وهي لن تكون أبداً مثل الجزائر، فقواتنا
والحمد لله وطنية تعشق مصر وشعارها مصر دائماً وأولاً؛ بعكس كثير من
الجيوش جعلت السلطة أولاً وفرنسا أولاً وأمريكا أولاً.
ولكن القلق يستبد بي وأقول ماذا لو تواصل الضغط التآمري في الإعلام
والشارع؛ حتى نصل إلى انتخابات سبتمبر بعد 4 شهور ماذا سيحدث عند
صناديق الانتخابات؟ وماذا سيحدث بعد إعلان النتائج التي سوف تأتي كما
هو متوقع بالإسلاميين كأغلبية برلمانية -إن شاء الله- هل يقبل
المتآمرون النتيجة؟ لا أعتقد مطلقاً أن يقبلوا رغم كل أحاديثهم
الكاذبة عن الديمقراطية والليبرالية التي يكفرون بها إن جاءت
بإسلاميين يرفعون لا إله إلا الله محمد رسول الله.
لكن السؤال ماذا سيفعلون؟
حتى لا ننتظر الحدث ثم نتلفت يمنة ويسرة بحثاً عن حل، أعتقد أنهم
يجهزون لذلك فقد سمعت كثيراً منهم يرفض نتائج الاستفتاء تحت زعم أنها
نتيجة لا تعبر عن الشعب المصري؛ وأن من وافق فقط سذج و و و و، وقد
فعلوا كل ما يستطيعون للالتفاف على نتيجة الاستفتاء؛ لذلك هم يخططون
من الآن لنتيجة برلمان 2011 سواء بتأخير الانتخابات أو محاولة إغراء
الجيش بالسلطة أو بتجهيز مؤامرات على الانتخابات لكن ما هي؟
هل أعمال عنف من عصابات بلطجية توقف الانتخابات؟ ممكن.
هل فتنة طائفية كبيرة؟ ممكن، خاصة أنهم ينفخون في نارها من الآن
ويرفعون صوت المسيحيين ظلماً وعدواناً لاستفزاز المسلمين بقصد
واضح.
هل بتدخل أمريكي تحت زعم تزوير الانتخابات؟ ممكن.
هل بعمل مظاهرات فوضوية؟ ممكن، خاصة أن الفوضويين في المظاهرات ظهروا
بوضوح جداً ومنهم شباب شيوعي كاره للإسلام. كل مؤامرات الفوضى مطروحة
ضد الاستقرار ومثال اعتصام ماسبيرو الذي أعتقد أنه نموذج للاستمرار في
الفوضى وفرض القوة وتجربة ابتزاز السلطة في مصر.
ولكن ماذا نفعل نحن المسلمون؟
1-أعتقد أننا أمام تجربة جديدة في حتمية التعامل بحكمة وذكاء مع إظهار
حقيقة قوتنا في المشهد كعامل توازن في المشهد؛ حتى يعرف الآخر أن
الشارع ليس ملكاً له برؤية رادعة وحكيمة وعاقلة مع الاحتفاظ بالهدوء
التام، وذلك يحققه القيادات في كل مكان وليس الشباب الذي أخشى عليهم
من الضغط أن ينفجر أحدهم من الغضب فيصطاد كلاب كراهية الإسلام غضبه
لمحاولة ذبح التيار الإسلامي.
والمؤتمرات السلمية الحاشدة التي تجمع التيار الإسلامي كله، مهمة في
هذا الشأن مع توعية كل المسلمين أن القضية هي هوية مصر وحرية وإرادة
شعبها وأنها قضية كل مسلم، مع حتمية إيصال رسالة لشركاء الوطن
المسيحيين أننا بإسلامنا نحقق لكم العدل والأمان والمواطنة وليس
بأمريكا أو بكراهية الإسلام يتحقق لكم ذلك.
2- حتمية التنسيق بين كافة القوى الإسلامية ومن ذلك وجوب أن يقوم
الإخوان بفتح مجال الترشيح في دوائر انتخابية لغيرهم من الإسلاميين في
تنسيق واضح.
3-التنسيق في مواجهة التحديات والمؤامرات؛ بحيث لا تنفرد جماعة بموقف
عن الأخرى، وعدم إظهار الخلافات فيلعب أعداء الإسلام بالتناقضات
والخلافات، وفي هذه النقطة أود الإشارة إلى ما ذكره لي شاب متحمس حيث
قال لي حتمية أن يعي بعض الشيوخ أننا في مرحلة ثورة فلابد أن يجمعوا
بين الحكمة والثورة ويكفي حكمة بعضهم قبل الثورة..!
4- حتمية الاهتمام بوسائل الإعلام ومن ذلك واجب امتلاك صحف سياسية
إسلامية جديدة لمواجهة صحافة العمالة والتغريب والأمركة، و فتح قنوات
فضائية إخبارية سياسية إسلامية لمتابعة الحدث ساعة بساعة، وتوجيه
الرأي العام بدلاً من تركه فريسة لأعداء الإسلام، وهنا أتعجب أين
أصحاب الأعمال المسلمين الذين اكتفوا في عهد مبارك بأنفسهم تحت ضغط
القهر والآن ذهب أمن الدولة فماذا يفعلون للإسلام الآن؟! وامتلاك
وسائل إعلام إسلامية واجب وفرض عليهم.
5- حتمية تقديم الإسلاميين النموذج في الحرص على أمن واستقرار مصر
والالتفاف حول القوات المسلحة والتأكيد على تقدير دورها الوطني، وفضح
ما يفعله كل خائن لحرية وإرادة الشعب المصري، فكل محب لمصر يحافظ على
حرية وإرادة شعبها، وكل من يرفض إرادة الشعب المصري هو خائن لمصر
ومستبد طاغية يريد العودة لطغيان لن نقبله بعد الثورة مهما كانت
التضحيات، ومصر لن تكون الجزائر لكنها ستبقى مهما حدث مصر الإسلامية
هوية ومرجعية ووطن يجمع شعب مسلم ومسيحي يعيشون في أمان الإسلام
العظيم.
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
عضو مجلس نقابة المحامين
[email protected]
- التصنيف: