عندما احتفلت القاهرة بفتح القسطنطنية

منذ 2018-06-02

فرحت القاهرة.. فقد أذيعت أنباء الانتصار من فوق المنابر، وأقيمت صلوات الشكر، وزُيّنت المنازل والحوانيت.

أنتقل بكم إلى ذات التاريخ لكن منذ 565 عاما، عندما فُتحت القسطنطنية وكان الإسلام عامرا في القلوب.

 

فرحت القاهرة..
فقد أذيعت أنباء الانتصار من فوق المنابر، وأقيمت صلوات الشكر، وزُيّنت المنازل والحوانيت وعُلّقت على الجدران والحوائط الأعلام والأقمشة المزركشة بألوانها المختلفة.

يقول ابن إياس صاحب كتاب "بدائع الزهور" في هذه الواقعة: "فلما بلغ ذلك، ووصل وفد الفاتح، دقت البشائر بالقلعة، ونودي في القاهرة بالزينة، ثم إن السلطان عين برسباي أمير آخور ثاني رسولاً إلى ابن عثمان يهنئه بهذا الفتح".

أما المؤرخ ابن تغري بردي فيصف شعور الناس وحالهم في القاهرة عندما وصل إليها وفد السلطان محمد الفاتح ومعهم الهدايا وأسيران من عظماء الروم (تخيلوا الهدية أسيران من قادة الروم للدلالة على عظمة الانتصار وذلة الروم، ما أعظم الانتصار وما أشد شوقنا إليه).

قال ابن تغري بردي: "قلت ولله الحمد والمنة على هذا الفتح العظيم، وجاء القاصد المذكور ومعه أسيران من عظماء إسطنبول، وطلع بهما إلى السلطان "سلطان مصر إينال" وهما من أهل القسطنطينية وهي الكنيسة العظيمة بإسطنبول، فسُر السلطان والناس قاطبة بهذا الفتح العظيم، ودقت البشائر لذلك، وزينت القاهرة بسبب ذلك أيامًا، ثم طلع القاصد المذكور وبين يديه الأسيران إلى القلعة في يوم الاثنين خامس وعشرين شوال، بعد أن اجتاز القاصد المذكور ورفقته بشوارع القاهرة، وقد احتفلت الناس بزينة الحوانيت والأماكن وأمعنوا في ذلك إلى الغاية، وعمل السلطان الخدمة بالحوش السلطاني من قلعة الجبل وكان الوفد يحمل رسالة من السلطان محمد الفاتح إلى سلطان مصر الأشرف إينال(أستعرض بعض مقتطفات منها وهي من إنشاء الشيخ أحمد الكوراني (أحد الشيوخ الكبار لمحمد الفاتح)):

"إن من أحسن سنن أسلافنا -رحمهم الله تعالى- أنهم مجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم، ونحن على تلك السنة قائمون وعلى تيك الأمنية دائمون، ممتثلين قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ} [التوبة من الآية:29]، ومستمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم: «منِ اغبرَّتْ قدماه في سبيلِ اللهِ؛ حرَّمَه اللهُ على النارِ» (صحيح الترغيب [1273]). فهَمَمْنا في هذا العام عَمّمه الله بالبركة والإنعام، معتصمين بحبل الله ذي الجلال والإكرام، ومتمسكين بفضل الملك العلام إلى أداء فرض الغزاء في الإسلام، مؤتمرين بأمره تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} [التوبة من الآية:123]، وجَهّزنا عساكر الغزاة والمجاهدين من البر والبحر لفتح مدينة مُلئت فجورًا وكفرًا، التي بقيت وسط الممالك الإسلامية تباهي بكفرها فخرًا،
هذه المدينة الواقع جانبٌ منها في البحر وجانب منها في البر، فأعددنا لها كما أمرنا الله بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال من الآية:60]، كل أهبة يُعتَدّ بها وجميع أسلحة يُعتمد عليها من البرق والرعد والمنجنيق والنقب والحجور وغيرها من جانب البر، والفلك المشحون والجوار المنشآت في البحر كالأعلام من جانب البحر، ونزلنا عليها في السادس والعشرين من ربيع الأول من شهور سنة سبع وخمسين وثمانمائة.

فكلما دُعوا إلى الحق أصروا واستكبروا وكانوا من الكافرين، فأحطنا بها محاصرة وحاربناهم وحاربونا وقاتلناهم وقاتلونا، وجرى بيننا وبينهم القتال أربعة وخمسين يومًا وليلة.

فمتى طلع الصبح الصادق من يوم الثلاثاء يوم العشرين من جمادى الأولى هجمنا مثل النجوم رجومًا لجنود الشياطين، سخّرها الحُكم الصدّيقي ببركة العدل الفاروقي بالضرب الحيدري لآل عثمان، قد مَنَّ الله بالفتح قبل أن تظهر الشمس من مشرقها، {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ . بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ} [القمر:45-46].

وأول من قُتل وقُطع رأسه تكفورهم اللعين الكنود، فأُهلكوا كقوم عاد وثمود، فأخذتهم ملائكة العذاب، فأوردهم النار وبئس المآب، فقتل من قتل وأسر من به بقي، وأغاروا على خزائنهم، وأخرجوا كنوزهم ودفائنهم موفورًا، فأتى عليهم حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورا، وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين، فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، فلما ظهرنا على هؤلاء الأرجاس الأنجاس الحلوس، طَهّرنا القوس من القسوس، وأخرجنا منه الصليب والناقوس، وصَيّرنا معابد عبدة الأصنام مساجد أهل الإسلام، وتشرفت تلك الخطة بشرف السكة والخطبة، فوقع أمر الله وبطل ما كانوا يعملون...".

 

الله أكبر ما أعظم ما سطره المجاهدون العظام في فتح القسطنطنية.. 
وما أعظم كلمات العزة والقوة والفخر التي تخرج من الرسالة، تُعَبّر عن مجد عظيم لأمة الاسلام.. 

كم نشتاق إلى تلك العزة في زمن الهوان والذل الذي يعيشه المسلمون..

فحكام بلاد المسلمين اليوم رسالتهم لبعضهم أن يدفعوا الجزية للصليب الأمريكي وأن يقبلوا بالذل الصهيوني اليهودي. 

رحم الله السلطان محمد الفاتح رحمة واسعة وحكام المسلمين الذين يفرحون بنصر المسلمين، وعافانا الله من حكام الذل والعار الذين يفرحون بهزيمة المسلمين.

 

كتبه العبد الفقير إلى الله: ممدوح إسماعيل.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام.

  • 4
  • 1
  • 5,641

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً