ومضات تربوية وسلوكية:المقال الثامن

منذ 2019-02-12

يجيء الشاب فيغويها، فإذا اشتركا في الإثم ذهب هو خفيفا نظيفا، وحملت هي وحدها ثمرة الإثم في بطنها، ثم هو يتوب فينسى المجتمع حوبته، ويقبل توبته، وتتوب هي فلا يقبل لها هذا المجتمع توبة أبدا

بسم الله الرحمن الرحيم

تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.   

من سنن وآداب الطعام

- الْمَشْهُور يقول في أوله: بِسْمِ اللَّهِ. فإن نسي فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ .. قَالَ بعضهم وَلَوْ زَادَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، عِنْدَ الْأَكْلِ كَانَ حَسَنًا، فَإِنَّهُ أَكْمَلُ، بِخِلَافِ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ : لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ.

- يغض طرفه عن جليسه .. قال الشيخ عبد القادر من الآداب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين.

- يؤثر على نفسه .. قال في الرعاية الكبرى والآداب: ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة، ومع الفقراء بالإيثار، ومع الإخوان بالانبساط، ومع العلماء بالتعلم.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَأَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ .

من وصية الزعيم أحمد عرابي

من وصية الزعيم أحمد عرابي التي كتبها في آخر مذكراته:

"ثم إني أدعو الأمة المصرية إلى التباعد عن التمدن الغربي المزيف، فلا تفعل المنكرات التي نهى الله تعالى عنها، وتأمر بالمعروف الذي أمر الله به، وأن تترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن تقيم شعائر الدين الحنيف وأن تحيى مناسكه، فلا عز ولا سؤدد بغير الدين، وهو وحده يكفل لمن تبعه بإخلاص هناء الدنيا وثواب الآخرة.

ثم أناشدهم أن يشدوا أواصر الإخاء بين أبناء وطنهم، ويطهروا قلوبهم من الغل والضغينة، ويعملوا يدا واحدة ورجلا واحدا لرفع شأن بلادهم، وإعزاز كلمة دينهم، فإذا فعلتم كل ما ذكرت وأرهفتم آذانكم للسمع، وأصختم إلى نصائح من حنكته التجارب فعرف من تقلب الحدثان الطريقة المثلى والدواء الناجع، هنالك يخرج الله أعداءكم، ويولى عليكم خياركم، والله على كل شيء قدير".

من روائع الشيخ علي الطنطاوي

الأماكن أوعية الحوادث، وظروف التاريخ، وما التاريخ إلا زمان ومكان ورجال، وقد مر الزمان فلا يعود، وذهب الرجال ولا يرجعون ولم يبق إلا المكان، فهو جسم التاريخ، وإذا نحن رأينا (وأرينا تلاميذنا) الساحة التي جرت فيها المعركة، والدار التي عاش فيها العظيم، والقلعة التي افتتحها القائد، فقد رجعنا إلى التاريخ وعشنا فيه، وإذا لم نستطع زيارة المكان فلا أقل من أن تكون له اليوم صورة فنرى الصورة، وأن يكون له وصف فنقرأ الوصف. [كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]  

من حكم الشيخ علي الطنطاوي

  • الله لا يبدل قوانين الكون وسنن الوجود إرضاء لكسول أو خمول.
  • إذا لم يكن لك كل ما تريد، فلماذا لا تريد كل ما يكون، فتستريح وتريح؟ وهذه هي نعمة الإيمان بالقدر.
  • ما كان لك فسوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوتك. 
  • حسبنا تفكيرا برؤوس غيرنا، حسبنا نظرا بعيون عدونا، حسبنا تقليدا كتقليد القرود ولنعد إلى أنفسنا، إلى عري بيتنا وإسلامنا، إلى طهرنا وعفافنا.

[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

صناعة المشيخة

يقول الشيخ على الطنطاوي في وصف المشايخ والمشيخة .. صارت علما على طبقة من الناس، تأخذ من الناس ولا تعطيهم، وتستجيب لدعواتهم ولا تدعوهم، وتقول لهم ولا تسمع منهم، وسمة لمن هو غريب عن عاداتهم وموضوعاتهم، صارم في وعظهم، شديد في نصحهم، لا يقبل ردا على كلام، ولا جدالا في الرأي، يتكلم بالنحوي ويتأخر عن الموعد ..

كان على الرجل إذا أراد أن يكون من العلماء، أن يحمل مشقات الرحلات، ويثني الركب في المجالس، ويحي الليالي في المطالعة، وينفق السنين في الطلب، فهان الأمر حتى اقتصر على عشرة أذرع من الشاش، وجبة عريضة وسبحة طويلة، ولو لم يكن تحت العمامة إلا رأس فارغ من العلم، ولو لم يكن في الجبة إلا جسد يتربى بالحرام، فلما رأى العوام ذلك، وأبصروا ناسا لهم زي العلماء، وأفكار الجهلاء، وأعمال السفهاء، ورأوهم يصفون الأقدام في المساجد رياء، ويحركون الألسنة بالتسبيح تظاهرا، لم يعرفوا أن هؤلاء أدعياء في العلم، وأن الإسلام ينكرهم ويأباهم، بل حسبوا أنهم هم العلماء، وأنهم هم الصلحاء، واتخذوهم وسيلة إلى الطعن في العلم والصلاح.     

[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

 

السفاح

يجيء الشاب فيغويها، فإذا اشتركا في الإثم ذهب هو خفيفا نظيفا، وحملت هي وحدها ثمرة الإثم في بطنها، ثم هو يتوب فينسى المجتمع حوبته، ويقبل توبته، وتتوب هي فلا يقبل لها هذا المجتمع توبة أبدا، ثم إذا أراد هذا الشاب نفسه الزواج، أعرض عن الفتاة التي أفسدها هو، مترفعا عنها، مدعيا أنه لا يتزوج البنات الفاسدات.      

[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

 

د/ خالد سعد النجار

[email protected]

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز

  • 3
  • 0
  • 5,176

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً